النووي الإيراني: واشنطن وطهران يشيدان بإحراز تقدم في محادثاتهما بسلطنة عمان

2

كشفت الولايات المتحدة وإيران عن إحراز تقدم في جولتهما الأخيرة من المحادثات التي جمعتهما في عُمان السبت بخصوص الملف النووي الإيراني، قبل أن تجتمعا مجددا الأسبوع المقبل سعيا للتوصل إلى اتفاق من شأنه أنّ يخفف التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط. وتخصب إيران حاليا اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 في المئة، لكنها لا تزال أقل من عتبة 90 في المئة المطلوبة للاستخدام العسكري.

استطلاع رأي بأمريكا: نصف المواطنين يعتقدون أن ترامب كانت اختياراته صحيحة

قال مسؤول أمريكي كبير واصفا المحادثات التي أجراها مع نظرائه الإيرانيين السبت بسلطنة عمان إنها “إيجابية وبناءة”، فيما أشار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بدوره إلى إحراز تقدم، مع سعي الجانبين إلى تضييق هوة خلافاتهما حول مجموعة من المواضيع قبل الجولة الرابعة الأسبوع المقبل.

المفاوضات “تسير بشكل جيد ومُرضٍ”
وصرّح عراقجي لمراسل التلفزيون الرسمي الإيراني في مسقط قائلا: إنّ “المفاوضات هذه المرة كانت أكثر جدية من ذي قبل”. لكنه أوضح أن “هناك خلافات في القضايا الرئيسية وفي التفاصيل”، مضيفا أن “بعض خلافاتنا خطيرة جدا، وبعضها أقل خطورة، وبعضها له تعقيداته الخاصة”.

وتابع “حتى الاجتماع المقبل، من المقرر إجراء المزيد من الدراسات … حول كيفية تقليص الخلافات”.

ورغم ذلك، أورد عراقجي “أعتقد أن تقدمنا كان جيدًا حتى الآن. أنا راضٍ عن عملية المفاوضات وسرعتها. أعتقد أنها تسير بشكل جيد ومُرضٍ”، مشيرا إلى أنّ المحادثات تمت في “أجواء جدية وعملية للغاية”. كما أكّد أنّ إيران تتفاوض “فقط” حول الملف النووي.

وقال عراقجي “أود أن أقول بصراحة إن موضوعنا هو الموضوع النووي فقط، ولن نتفاوض على أي مواضيع أخرى ولا نقبل أي مواضيع أخرى للتفاوض عليها”.

“تقدم جيد”
ومن جانبه، قال مسؤول أمريكي كبير لم يشأ كشف هويته “استمرت هذه الجولة من المحادثات المباشرة وغير المباشرة أكثر من أربع ساعات. لا يزال هناك عمل كثير للقيام به، لكنّ تقدما جديدا أحرز بهدف التوصل إلى اتفاق”، موجها الشكر إلى “شركائنا العمانيين لتسهيلهم هذه المناقشات”.

وأورد وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي الذي تتولى بلاده دور الوساطة على منصة إكس “ستستمر المحادثات الأسبوع المقبل، حيث من المقرر مبدئيا عقد اجتماع آخر رفيع المستوى في الثالث من أيار/مايو”.

أما الخارجية الإيرانية وفق ما نقل عنها الإعلام الرسمي الإيراني فقالت إن المناقشات التي استغرقت نحو 9 ساعات جرت في “أجواء جدّية”.

ويقود وفدي البلدين وزير الخارجية الإيراني عراقجي والمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف فيما يتولى البوسعيدي دور الوسيط.

وتم عقد مباحثات فنية على مستوى الخبراء بموازاة المحادثات الرفيعة المستوى.

وقالت إيران والولايات المتحدة إن جولة المفاوضات التي جرت السبت الماضي في مقر إقامة سفير عُمان في روما أسفرت عن “تقدّم”. وقالت طهران إن الاجتماع كان “جيّدا”.

ويشار إلى أن هذه المباحثات تم عقدها عقب جولتين في 12 نيسان/أبريل في مسقط، ثم في 19 أبريل/نيسان في روما.

سياسة “الضغوط القصوى”
ولطالما اتهمت الدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة، إيران بالسعي إلى تطوير أسلحة نووية، وهو ادعاء تنفيه طهران باستمرار مؤكّدة أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية والمدنية فقط.

وانسحبت واشنطن خلال ولاية ترامب الأولى من الاتفاق النووي لعام 2015، والذي نصّ على تخفيف العقوبات الدولية على إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.

ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير الماضي، يمارس ترامب مجددا سياسة “الضغوط القصوى” المتمثلة في تغليظ العقوبات على إيران، مكررا بذلك استراتيجيته التي اتّبعها خلال ولايته الأولى.

وفي آذار/مارس الماضي بعث ترامب برسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي يعرض فيها عليه إجراء مفاوضات، لكنه لوّح بعمل عسكري في حال فشل المسار الدبلوماسي.

وأعلنت واشنطن الثلاثاء عقوبات جديدة تستهدف شبكة النفط الإيرانية، في خطوة وصفتها طهران بأنّها دلالة على “نهج عدائي” قبيل محادثات السبت في عُمان.

“بناء 19 مفاعلا على الأقل”
هذا، وفي مقابلة نُشرت الأربعاء، أكّد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو موقف واشنطن الحازم ضد تخصيب إيران لليورانيوم.

وقال في بودكاست “أونستلي”: “إذا أرادت إيران برنامجا نوويا مدنيا، فيمكنها امتلاكه كما هي حال العديد من الدول الأخرى في العالم، عبر استيراد المواد المُخصَّبة”.

أما عراقجي، فوصف حقّ إيران في تخصيب اليورانيوم بأنه “غير قابل للتفاوض”، بعد أن نشر في وقت سابق من هذا الأسبوع على منصة إكس أنّ بلاده تسعى “لبناء 19 مفاعلا على الأقل”، علما أنّ لدى طهران حاليا مفاعلين هما بوشهر وأراك.

وتُخصب إيران حاليا اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 في المئة، وهي أعلى بكثير من نسبة 3,67 في المئة المنصوص عليها في الاتفاق، لكنها لا تزال أقل من عتبة 90 في المئة المطلوبة للاستخدام العسكري.

ويذكر أن واشنطن وطهران لا تقيمان علاقات دبلوماسية منذ العام 1980. وتعد هذه الاجتماعات أعلى مستوى من التواصل بين البلدين منذ أن سحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بلده أحاديا في 2018 من الاتفاق النووي المُبرَم بين إيران والقوى الكبرى عام 2015.