بعد فوز ترامب.. هل يرتفع سعر آيفون 300 دولار؟

1

 

سلّطت عودة دونالد ترامب إلى المشهد السياسي من جديد، الضوء على المخاطر التي قد تواجهها شركة آبل في المرحلة المقبلة، فصانعة الآيفون ستجد نفسها في مرمى التعريفات الجمركية، التي هدد بفرضها الرئيس المُنتخب على جميع المنتجات المستوردة من الصين، بما في ذلك هواتف آيفون.

وإذا نفذ ترامب وعوده بفرض رسوم جمركية صارمة بنسبة 60 في المئة، على جميع السلع المستوردة من الصين، فإن هذا القرار سيؤدي إلى هزّ جيوب محبي هواتف آيفون بشكل ملحوظ، حيث سيجد هؤلاء أنفسهم مضطرين لدفع ما يصل إلى 300 دولار إضافية، عند شراء آيفون جديد كون غالبية هذه الهواتف تُصنع في الصين.

وبحسب تقرير أعدته “واشنطن بوست” واطلع عليه موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، فإن احتساب نسبة تأثير التعريفة الجمركية الجديدة لترامب، على أسعار هواتف آيفون ليس بالأمر السهل، ولكن العديد من خبراء التجارة قالوا إن تطبيقها على منتجات آبل، سيؤدي إلى ارتفاع بحوالي 300 دولار، لأي هاتف آيفون سعره 1000 دولار.

ورغم أن التعريفة الجمركية الجديدة وفي حال إقرارها، ستشمل هواتف آيفون التي يتم إنتاجها في الصين، وتباع في السوق الأميركية حصراً، إلا أنه يمكن لآبل ولمنع تراجع مبيعاتها في الولايات المتحدة إحدى أهم أسواقها، أن تعمد إلى القول إنها ستتحمل تكلفة تلك الضريبة بنفسها، ولكن في المقابل تقوم برفع أسعار منتجاتها بنسبة طفيفة، في جميع أنحاء العالم، وذلك لتعويض المبالغ التي ستدفعها كضرائب في أميركا.

 

وبينما يبقى مصير التعريفات على السلع الصينية في ظل إدارة ترامب الثانية غير واضح بعد، فإن الأحداث الحالية تذكّرنا بما شهده العالم خلال رئاسة ترامب الأولى، عندما تمكنت هواتف آيفون من تجنب التعريفات على البضائع الصينية، وذلك بمجهود خاص من الرئيس التنفيذي لشركة آبل تيم كوك.
ترامب ينشئ مجلسا وطنيا للطاقة ويعين دوغ بورغوم رئيسا له

وفي وقت كانت تتجه فيه الإدارة الأميركية في عام 2018 الى فرض تعريفات جمركية صارمة، على السلع المستوردة من الصين، استطاع كوك بناء علاقة مباشرة وودية مع ترامب، ما مكّنه من التأثير في بعض قرارات الرئيس. وفي الاجتماعات الثنائية التي كانت تجمع الرجلين، سلّط كوك الضوء على مخاطر التعريفات، كونها ستجعل هواتف آيفون أغلى على المستهلكين الأميركيين، الذي سيتجهون إلى هواتف شركات أخرى غير أميركية، مما قد يؤدي إلى التأثير على الاقتصاد المحلي، في الوقت الذي تسهم فيه آبل بشكل كبير في دعم الاقتصاد الأميركي من خلال الوظائف والاستثمارات.

وفي محاولة لإرضاء ترامب، أعلنت آبل حينها عن خطط لزيادة استثماراتها في الولايات المتحدة، بما في ذلك بناء مصانع جديدة، وتوسيع مراكز البحث والتطوير، وزيادة التوظيف، حيث كانت هذه الالتزامات جزءاً من جهود كوك لإظهار التزام آبل بدعم الاقتصاد الأميركي.

وظائف وزارة الكهرباء في المحافظات

ورغم أن آبل قامت في السنوات الأخيرة بنقل جزء من إنتاج هواتف آيفون إلى دول مثل الهند وفيتنام، إلا أن الغالبية العظمى من هواتفها، لا تزال تُصنع في الصين، بالتعاون مع مصانع شريكة مثل فوكسكون، وبالتالي، فإن أي تغييرات في السياسة التجارية مثل التعريفات الجمركية التي قد يفرضها ترامب، ستؤثر بشكل كبير على أسعار هذه الهواتف، حيث لا يعتقد الخبير الاقتصادي في مؤسسة كاتو البحثية الليبرالي، سكوت لينسيكوم، أن آبل ستكون قادرة على التحرك بسرعة بعيداً عن المصانع الصينية، لتجنب التعريفات الجمركية، مشيراً إلى أن صانعة الآيفون ستظل عالقة في المستقبل المنظور في زواج مع المصانع الصينية.

بايدن: المنافسة الصينية-الأميركية يجب ألا “تتحول إلى نزاع”

ويقول الكاتب والمحلل في شؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ألان القارح، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن قضية ارتفاع أسعار هواتف آيفون بسبب التعريفات الجمركية، ستعود إلى الواجهة من جديد مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، حيث قد يتجدد الضغط على آبل لإعادة تصنيع أجهزتها داخل الولايات المتحدة، متوقعاً أن يفلت آيفون مرة جديدة من تعريفات ترامب، بمساعدة من تيم كوك الذي لديه علاقة طيبة مع الرئيس المُنتخب، ما قد يضمن استمرارية عمليات إنتاج آيفون في الصين، دون تأثيرات مالية كبيرة على المستهلكين.

ويشرح القارح أن ترامب هو شخص “براغماتي”، أي أنه يفضل الحلول العملية والواقعية، التي تحقق نتائج ملموسة بدلاً من التمسك بالمبادئ النظرية أو المثالية، حتى لو تطلب الأمر منه تعديل مواقفه السابقة، فترامب يعلم جيداً أن فرض تعريفات على آيفون، سيمنح الأفضلية في السوق الأميركية التي تستهلك حوالي 130 مليون هاتف ذكي جديد كل عام، لشركة سامسونغ التي تصنّع قسماً كبيراً من هواتفها خارج الصين، ومع الأخذ بحقيقة أن آبل لا يمكنها التخلي حالياً، وبأي شكل من الأشكال عن انتاج آيفون داخل الصين، ليصبح من شبه المؤكد أن ترامب سيعيد تكرار السيناريو السابق، باستبعاد منتجات آبل المصنوعة في الصين عن قائمة البضائع المستهدفة بضرائب جديدة.

وشدد القارح على أن هدف ترامب الأول هو دعم الصناعة الأميركية، ولا يمكن أن يقوم بأي خطوة تساهم بتراجع شركة عملاقة مثل آبل، مذكراً بما حدث قبل أشهر قليلة من الانتخابات، عندما أعلن ترامب أن تيم كوك اتصل به وأعرب له عن قلقه بشأن العقوبات المالية الأخيرة، التي فرضها الاتحاد الأوروبي على آبل والتي بلغت 15 مليار دولار، حيث أخبر ترامب كوك حينها بأنه لن يسمح للاتحاد الأوروبي أو غيره باستغلال الشركات الأميركية في حال فوزه بالانتخابات، ومن هنا يمكن فهم أن فوز ترامب سيكون لمصلحة آبل وليس العكس.

من جهته يقول المطور التكنولوجي رامي عبد الله، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن المصانع الصينية تمتلك قدرة هائلة على إشباع رغبات آبل، من ناحية احترام شروط تصنيع آيفون، فالصين تتمتع بشبكة كبيرة من المصانع المتخصصة في تجميع الإلكترونيات، مثل فوكسكون وبيغاترون، إضافة إلى توفر اليد العاملة الرخيصة والخبيرة، كما أن المصانع الصينية تمتلك القدرة على الاستجابة بسرعة لطلبات آبل، لناحية خفض أو رفع الانتاج فجأة، مشيراً إلى أن دور المعامل الصينية في صنع آيفون، لا يقتصر فقط على تجميع الهاتف، بل يشمل أيضاً صنع العديد من المكونات الأساسية، مثل الشاشات والبطاريات والمكونات المعدنية، في حين أن المصانع في فيتنام والهند، التي تُنتج بعض هواتف آيفون، لم تتمكن بعد من تحقيق نفس مستوى الإنتاج والتنوع.

ويؤكد عبد الله أنه لا يجب القلق من احتمال ارتفاع أسعار آيفون خلال عهد ترامب، فهذا السيناريو بعيد جداً من الحصول لسبب رئيسي، هو تسببه بتراجع مبيعات آيفون بشكل كبير، ولكن في المقابل ستقوم آبل بتقديم التزامات جديدة لنقل بعض عمليات تجميع الهاتف إلى الأراضي الأميركية، علماً أن هذا الموضوع من الصعب تحقيقه بسبب عدة عوامل، منها التكاليف المرتفعة للإنتاج في الولايات المتحدة، قلة الخبرات المحلية في التصنيع، سلسلة التوريد المعقدة، لافتاً إلى أن آبل تنتج بالفعل بعض مكونات هواتف آيفون في أميركا، كما تجمع بعض الطرازات في مصانعها هناك، ولكن تظل الصين هي الموقع الرئيسي لتجميع غالبية هواتف آيفون وترامب سيتفهم هذا الأمر ولن يحارب آيفون.