في خطوة تعكس تحولًا استراتيجيًا كبيرًا في موازين النفوذ الإقليمي بمنطقة الساحل والصحراء، أطلق العاهل المغربي الملك محمد السادس “المبادرة الأطلسية”، التي تهدف إلى تمكين الدول الحبيسة في الساحل الإفريقي – وتحديدًا مالي، النيجر، وبوركينا فاسو – من الوصول إلى الموانئ المغربية على المحيط الأطلسي، من خلال مشاريع تنموية واستثمارية وتجارية كبرى.
أبعاد المبادرة: اقتصادية… لكن البعد السياسي حاضر بقوة
ورغم الطابع الاقتصادي الظاهر للمبادرة، فإن الأبعاد السياسية لا يمكن إغفالها، إذ جاءت في توقيت بالغ الحساسية وسط أزمات إقليمية وأمنية متفاقمة، ما جعل مراقبين يصفونها بـ”الضربة الدبلوماسية المحكمة” للجزائر، التي وجدت نفسها معزولة جيوسياسيًا بعدما كانت تراهن على أن تكون بوابة للعمق الإفريقي.
فقد تبخرت مشاريع كبرى كانت الجزائر تأمل في إنجازها، مثل أنبوب الغاز مع نيجيريا وخطط الربط البري مع مالي والنيجر. كما ضاعت فرص تطوير موانئ جزائرية مثل ميناء بجاية، الذي كان يمكن أن يتحول إلى نقطة استراتيجية لصادرات دول الساحل نحو أوروبا، لولا غياب ما يصفه مراقبون بـ”الحكم الرشيد”.
اجتماع استثنائي في الرباط وسط استنفار إسباني
في سياق متصل، استضاف الملك محمد السادس اجتماعًا رفيعًا مع وزراء خارجية دول الساحل الثلاث، تزامن مع إعلان حالة الطوارئ في إسبانيا – ما يعكس حجم التوترات والتحولات الجيوسياسية المرتبطة بالمبادرة.
وقد ترأس الوفد وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب، حاملاً رسائل صداقة وتقدير من قادة الدول الأعضاء في الكونفدرالية الجديدة، وهم: الجنرال عبد الرحمن تياني (النيجر)، النقيب إبراهيم تراوري (بوركينا فاسو)، والجنرال آسيمي غويتا (مالي).
وأكد الوزراء أن اللقاء جاء في إطار التشاور السياسي والتنسيق الأمني، في ظل التهديدات المتزايدة التي تواجهها بلدانهم، خاصة من الجهة الشمالية – في إشارة واضحة إلى الجزائر.