في تحول استراتيجي يعيد رسم خرائط النفوذ في غرب إفريقيا، أطلق العاهل المغربي الملك محمد السادس ما يُعرف بـ”المبادرة الأطلسية المغربية”، وهي خطة تنموية طموحة تهدف إلى ربط دول الساحل الحبيسة، وعلى رأسها مالي والنيجر وبوركينا فاسو، بالمحيط الأطلسي عبر الأراضي المغربية. ورغم الطابع التنموي الظاهر للمبادرة، إلا أن أبعادها السياسية والأمنية بدت أكثر وضوحًا، ما يجعل منها مبادرة جيوسياسية بامتياز.
الرباط تُحكم الطوق على الجزائر
تشير تحليلات استراتيجية إلى أن المبادرة الأطلسية المغربية تمثل تحركًا دبلوماسيًا ذكيًا من الرباط لعزل الجزائر وتهميش دورها الإفريقي، خاصة بعد انهيار عدد من المشاريع التي كانت تراهن عليها الجزائر لربطها بجنوب الصحراء، كأنبوب الغاز العابر من نيجيريا وخطوط النقل البرّي مع مالي والنيجر.
وفي ظل هذا الحراك، باتت الجزائر – بحسب مراقبين – محاصرة جغرافيًا داخل حدودها، بينما تخسر تدريجيًا دورها كجسر بين إفريقيا وأوروبا.
اجتماع لافت في الرباط… واستنفار في مدريد
تزامن الإعلان عن المبادرة مع لقاء ملكي بارز في الرباط جمع العاهل المغربي بوزراء خارجية الدول الثلاث المؤسسة للكونفدرالية الجديدة (مالي، النيجر، بوركينا فاسو)، في وقت أعلنت فيه إسبانيا حالة الطوارئ الأمنية، في مؤشر يعكس توترًا إقليميًا متصاعدًا.
وقد ترأس الوفد وزير خارجية مالي، عبد الله ديوب، ناقلًا إلى الملك محمد السادس رسائل صداقة وتقدير من رؤساء الدول الثلاث، الذين أشادوا بالمبادرة المغربية وبسياسة الرباط القائمة على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
المبادرة الأطلسية المغربية: تعاون جنوب-جنوب برؤية ملكية
أكد وزراء الدول الثلاث دعمهم الكامل للمبادرة الأطلسية المغربية، التي وصفوها بأنها تجسيد عملي للتعاون جنوب-جنوب، ومحفّز رئيسي للتكامل الاقتصادي والأمني بين المغرب ودول الساحل.
وأعرب الوفد عن تقديره الكبير للملك محمد السادس، مشيدين بجودة الحوار والنصائح التي قدمها لهم خلال اللقاء الذي دام 40 دقيقة، رغم الحالة الصحية التي يمر بها العاهل المغربي.
هل تلوح حرب باردة مغربية-جزائرية في الأفق؟
في خضم هذه التطورات، رصدت تقارير إعلامية ومتابعون محاولات للتأثير على وسائل الإعلام التي تغطي ملف المبادرة الأطلسية المغربية، عبر حملات سيبرانية وتقييد الوصول على منصات مثل يوتيوب، في مؤشر على أن ما يجري يتجاوز مجرد مشروع تنموي إلى صراع نفوذ إقليمي صامت، لكنه محتدم.
ومع تقدم المغرب بخطوات ثابتة نحو تعزيز حضوره الأطلسي، تطرح المبادرة الأطلسية المغربية نفسها كأحد أهم التحولات الجيوسياسية في إفريقيا خلال السنوات الأخيرة، خاصة في ظل تراجع أدوار تقليدية لبعض القوى الإقليمية.
رابط الحلقة :
رابط الصفحة :
https://www.facebook.com/Dr.MacSharkaw