د ماك شرقاوي يكتب: تبون يستفز الإمارات ويستغل زيارة السلطان هيثم لأغراض سياسية
في خطوة أثارت الكثير من الجدل، بدا أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يحاول توظيف زيارة السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان، لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة، في وقت تمر فيه الجزائر بأزمة داخلية خانقة على مختلف المستويات.
الجزائر تعيش على حافة انفجار داخلي، وسط تدهور اقتصادي حاد رغم ثروتها النفطية الهائلة، ما يطرح تساؤلات عن مصير هذه الموارد وأوجه صرفها. كثير من المراقبين يتحدثون عن نهب منظم للثروات، يذهب جزء منها لجيوب النخب السياسية والعسكرية، بينما يكاد لا يصل منها شيء للمواطن الجزائري البسيط، الذي يواجه يوميًا أعباء الغلاء والبطالة والركود الاقتصادي.
زيارة السلطان هيثم للجزائر جاءت في سياق دعم اقتصادي مباشر من سلطنة عُمان، في محاولة لمد يد العون لنظام على حافة الإفلاس. غير أن تعامل تبون مع هذه الزيارة جاء بعيدًا عن أبجديات الدبلوماسية، بل ويكاد يرقى إلى الإهانة، سواء من حيث البروتوكول أو التصريحات غير المعلنة التي رافقت الزيارة.
أحد أبرز مظاهر هذا التصرف تمثل في رفع علم قديم لسلطنة عُمان يعود لما قبل أكثر من خمسين عامًا، في مقر إقامة السلطان، وهو أمر اعتبره الكثيرون تجاوزًا دبلوماسيًا غير مبرر، لا يمكن تفسيره إلا كرغبة في إثارة البلبلة أو توجيه رسائل سلبية، ليس فقط إلى الضيف العُماني، بل إلى دول الخليج، وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة.
يبدو أن الرئيس تبون يحاول استغلال كل فرصة لضرب العلاقات بين سلطنة عُمان والإمارات، غير مدرك أن مثل هذه الألاعيب مكشوفة ولا يمكن أن تنطلي على قيادات تربطها علاقات تاريخية راسخة.
وفي هذا السياق، من المهم التذكير بالعلاقات التاريخية بين سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تعود إلى ما قبل تأسيس الاتحاد الإماراتي في عام 1971. منذ ذلك الحين، ظلت العلاقات بين البلدين قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون المشترك، وهو ما جسدته المواقف السياسية والتنموية على مدى العقود الماضية.
فمنذ انسحاب بريطانيا من الخليج في أواخر الستينيات، لعبت القيادات الخليجية دورًا كبيرًا في رسم مستقبل المنطقة، وعلى رأسهم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي كان له الدور المحوري في تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى جانب تعزيز علاقاتها مع دول الجوار، وخصوصًا سلطنة عُمان.
ختامًا، قد تكون الجزائر تمر بأوقات صعبة، ولكن استغلال الدعم العربي لأغراض انتهازية وتصفية حسابات سياسية لا يخدم أحدًا، بل يضر أولاً وأخيرًا بالشعب الجزائري الشقيق الذي يستحق الاستقرار والازدهار، لا مزيدًا من التوتر والمناكفات.
رايط الخلقة :
د.ماك شرقاوي الكاتب الصحفي
والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي