د. ماك شرقاوي يكتب: زيارة ترامب لمنطقة الخليج وحسابات واشنطن
زيارة ترامب للمنطقة وأهمية المنطقة في حسابات واشنطن، بجانب تأثير الزيارة على حرب غزة وتوتر العلاقات بين تل أبيب وواشنطن هل ينجح ترامب خلال جولته الحالية في الضغط على تل أبيب لوقف الحرب وإبرام اتفاق
زيارة ترامب للشرق الأوسط في ظل توترات غزة وتراجع علاقته بنتنياهو
تأتي زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط في توقيت بالغ الحساسية، مع تصاعد التوترات في قطاع غزة وظهور خلافات واضحة بين واشنطن وتل أبيب. العلاقة بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تبدو في أدنى مستوياتها، وهو ما أثار العديد من التساؤلات حول مستقبل العلاقات الثنائية.
تهدف الجولة بالأساس إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والأمني، وتشمل زيارة المملكة العربية السعودية في يومي 13 و14، تليها زيارة إلى قطر في 15، ثم الإمارات في 16 من الشهر الجاري. اللافت في جدول الجولة أنها لا تتضمن زيارة إلى إسرائيل، وهو ما أثار علامات استفهام في الأوساط السياسية داخل الولايات المتحدة، لا سيما في الكونغرس، حول دلالات استبعاد تل أبيب من جدول الزيارة.
تُطرح تساؤلات جدية حول مستقبل العلاقات بين إدارة ترامب وحكومة نتنياهو، خصوصاً بعد الخلافات التي ظهرت مؤخراً بشأن الموقف من الحرب على غزة. فقد أعرب ترامب عن استيائه من استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية التي دخلت شهرها الثامن عشر دون تحقيق الأهداف المعلنة. وأشار إلى أن نتنياهو يطيل أمد الحرب لأسباب داخلية تتعلق بحمايته من المحاكمة الجنائية، حيث يواجه ثلاث تهم جنائية، ويعتمد على بقائه في منصبه للاستفادة من الحصانة.
التحالف الحكومي الذي يقوده نتنياهو هش، إذ يضم 62 مقعداً فقط من أصل 120 في الكنيست، بينهم 32 لحزب الليكود، بينما تمثل الأحزاب اليمينية المتطرفة، مثل حزب إيتمار بن غفير، نحو 13 مقعداً. أي انسحاب من هذه الأحزاب يعني انهيار الائتلاف، وسحب الثقة، والدعوة لانتخابات مبكرة، وهو ما قد يفقد نتنياهو منصبه ورمزيته السياسية.
كما أعرب ترامب عن خيبة أمله من فشل حكومة نتنياهو في التوصل إلى أي اتفاق لإطلاق سراح الرهائن على مدى الأشهر التسعة الماضية، فيما تمكن مستشاره ستيف وودكوف مؤخراً من التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس لإطلاق سراح الرهينة الأمريكية-الإسرائيلية “إيدن ألكساندر”، وهو ما وصفه ترامب بأنه “بادرة حسن نية” من جانب حماس.
وأكد ترامب على أهمية استمرار الجهود لتحقيق وقف إطلاق النار، وتقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة، مشيراً إلى أن هذه الجهود تمثل جزءاً من استراتيجيته لتحسين صورته في المنطقة.
وتشير بعض التقارير إلى أن إسرائيل أبدت استعدادها لتعليق العمليات العسكرية خلال زيارة ترامب، مما قد يفتح الباب أمام جولة مفاوضات جديدة نحو وقف دائم لإطلاق النار.
في الخليج، تركز زيارة ترامب على تعزيز التعاون الاقتصادي، حيث التقى بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان فور وصوله، وتمت مناقشة قضايا النفط والاستثمار. كما يسعى ترامب إلى إعادة إحياء مسار تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، رغم تأكيد الرياض على أن أي تقدم في هذا المسار مشروط بإحراز تقدم ملموس في القضية الفلسطينية.
ختاماً، يمكن اعتبار زيارة ترامب للشرق الأوسط محاولة لإعادة رسم الدور الأمريكي في المنطقة، عبر تحقيق توازن دقيق بين المصالح الاقتصادية والأمنية، في ظل التوترات المستمرة في غزة، وتباين المواقف بين واشنطن وتل أبيب. تبقى نتائج هذه الزيارة مرهونة بقدرة ترامب على التوسط بين الأطراف المختلفة، وتحقيق تقدم ملموس نحو سلام مستدام، كما وعد خلال حملته الانتخابية الأخيرة.
من المتوقع أن يعقد ترامب اجتماعاً موسعاً مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي، على مستوى الرؤساء والملوك، ما قد يشكل محطة مفصلية في هذه الجولة. ولم يُؤكد بعد ما إذا كان الرئيس السوري سيحضر الاجتماع، وسيتضح ذلك خلال الأيام القليلة المقبلة
د. ماك شرقاوي الكاتب الصحفي
والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي