هيئة كبار العلماء بالأزهر في ٢٠٢٠.. حصن المسلمين ودرع للأمة

27

واصلت هيئة كبار العلماء بالأزهر في عام 2020 جهودها الملموسة في تجديد الخطاب الديني كونها ‏الحصن الحصين للمسلمين يركنون إليه في النوازل، من خلال ما أظهرته الجائحة التي ما زالت بين ‏ظهورنا إلى الآن، وهو ما يؤكد أن أكبر مرجعية فقهية في الأزهر، تمتد اهتماماتها من الجانب ‏الدعوي إلى الجانب المجتمعي والإنساني والعلمي‎.‎

• ‎تعامل هيئة كبار العلماء مع وباء كورونا وإعمال فقه النوازل

نظرًا لما حل بالبشرية من وباءٍ يقضي بعدم اجتماع الناس حتى في عباداتهم، وتخفيفًا على الناس ‏في أمور دينهم؛ أفتت هيئة كبار العلماء بإعمال فقه النوازل، فأصدرت بيانها الأول بتاريخ ‏‏15/3/2020م، والذي نص على “جواز إيقاف الجُمَعِ والجماعات”؛ خوفًا من تفشي الفيروس ‏وانتشاره والفتك بالبلاد والعباد، وجاء ذلك انطلاقًا من دورها الديني في حفظ مقاصد الشريعة ‏بما لا يمس ثوابت الدين، وإتمامًا لدورها الوطني والمجتمعي في مساندة الدولة في استكمال ‏الإجراءات الاحترازية منعًا لتفشي فيروس كورونا‎.‎

الحالة الروحية التي تستجديها أيام رمضان الذي حلَّ على المسلمين هذا العام بهيئة تُدمي القلوب؛ ‏نظرًا لتعطل بعض طقوسه وحبس عاداته، جعلت مروجي الشائعات يلعبون على أوتار ‏العاطفة لدى المسلمين في دعوة لخلع رداء الوقاية واجتماع الناس في المساجد بقصد الدعاء، ‏وهو ما يُحمل الدولة مزيدًا من الأعباء في التصدي لهذه الجائحة، فقطعت هيئة كبار العلماء ‏بحسها الوطني وواجبها الشرعي الطريق على هؤلاء من خلال بيانها الثاني بتاريخ ‏‏4/4/2020م، في دعوة صريحة من رجال لا تتشابه مع غيرتهم على دين الله غيرة أخرى، ‏ونادوا في الناس أن احتكام الشرع في هذا الأمر مرده إلى الأطباء، والذين حذروا من اجتماع ‏الناس في مثل هذه الظروف، وأن الانصياع لرأي الطب هو واجب شرعي وكل من يستمع لهذه ‏الدعوات المضللة آثم شرعًا، وحتى تغلق طريق الفتنة أمام كل من يحاول أن يستخدم مشاعر ‏المسلمين للعبث بحياتهم؛ أصدرت الهيئة بيانها الثالث بتاريخ 5/5/2020م بشأن صلاة العيد في ‏البيوت، وكيفية أدائها على الوجه الصحيح في ضوء استمرار انتشار فيروس كورونا‎.‎ واختتمت الهيئة العام ببيان فصل لا لبس فيه، يحمل كل ما يحتاجه المستفتي في أمور دينه مع ‏اشتداد ما يسمى بالموجة الثانية من وباء كورونا، بعدما أشارت التقارير إلى أن الخطر الحقيقي ‏للفيروس هو في سرعة انتشاره، مؤكدة أنه يجب شرعًا التقيد بالإجراءات والتدابير الوقائية التي ‏حددتها الجهات المختصة، موضحة أن التباعد بين المُصلّين في الجماعات وأثناء الاستماع إلى ‏خطبة الجمعة لا يؤثر في صحة الصلاة، كما أن استعمال المواد الكحولية المعدَّة للتطهير والتعقيم ‏طاهرة حلال بل واجب في مثل هذه الظروف، مشددة على ضرورة تجنب الاجتماع للأفراح أو ‏التعازي، وأن التهنئة أو التعزية بالهواتف أو وسائل التواصل الاجتماعي تجزئ شرعًا؛ لتغلق ‏الباب أمام مفاسد كثيرة لا يحمد عقباها.‏

• ‎الإنتاج العلمي لهيئة كبار العلماء

‎ ‎أكثر من ثمانية وخمسين كتابًا ومائتين وخمسين بحثًا، تروي الظمأ الفكري والعطش الثقافي ‏بمنهج أزهري منضبط، أعدتها وأشرفت عليها هيئة كبار العلماء، تضع حلولًا لمشاكل الناس ‏وتتلاقى مع احتياجات المجتمع، فتقوي ركيزته الفكرية في مواجهة كل التحديات الفكرية المنحرفة ‏التي تحاول أن تَعصف بعقول الناس وتشتت أفكارهم، كما أنها عونٌ للباحثين ترشدهم في البحث ‏في قضايا العصر بشكل يضمن وجود ميراث فكري منضبط‎.‎ واستكمالًا للجهود العلمية لهيئة كبار العلماء في تجديد الخطاب الديني، قامت الهيئة بإعداد كتاب ‏يجمع أبحاث مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي؛ تيسيرًا على الباحثين والدارسين ‏في القضايا التي تَوافق عليها علماء العصر بما لا يخالف تراث الأمة‎.‎

• مشروع قانون “الأحوال الشخصية‎

“‎ القضايا الاجتماعية والعصرية هي محور اهتمام هيئة كبار العلماء، حيث ناقشت في عام 2020 ‏قانون الأحوال الشخصية؛ لتضع بين يدي الجهات المعنية مشروعًا لقانونٍ متوازنٍ، يراعي حاجة ‏الناس بما لا يمس ثوابت الدين‎

.‎ • مسابقة الأزهر العالمية للبحوث

امتدادًا لمؤتمر “الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي”؛ دشنت هيئة كبار العلماء “مسابقة ‏الأزهر العالمية للبحوث العلمية”، وهي مسابقة عالمية للوقوف على أبحاث تتسم بالأصالة والعمق ‏تكون مرجعًا في المسائل المستجدة، وبعث روح التجديد المنضبط كنوع من إثراء حركة ‏الاجتهاد، بما يضمن توسيع المشاركة والتمثيل لعلماء وباحثي الأمة في مشارق الأرض ‏ومغاربها، وكافية لتحقيق التكامل المعرفي من خلال تنوع مصادر البحث التي تشملها المسابقة، ‏والتأكيد على مرونة الشريعة وصلاحيتها لتلبية حاجات العصر.‏