أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، انسحاب قوات الجيش الإثيوبي من تيجراي، لأنه لم يعد أحد يرغب في وجوده هناك.
وأضاف، في كلمة بثها التليفزيون الإثيوبي الرسمي، الأربعاء، أن «الجيش الإثيوبي أصبح ينظر إليه على أنه أجنبي، لذا فقد كان عليه أن يغادر الإقليم».
وتابع: «الجيش تعرض للهجوم من قبل المواطنين في تيجراي، وإذا تعرضنا للهجوم من قبل شعب تجراي فلا فائدة من البقاء هناك».
وأردف قائلا: «عندما يصبح الجيش يقتل على يد شعب تيجراي فلا داعي لبقائه وإذا أبقينا الجيش على هذه الحالة، فقد يقوم الجيش بعمل غير مرغوب فيه دفاعا عن نفسه».
وأضاف: «خروجنا من تيجراي يجعلنا نمنح شعب تجراي فرصة للتفكير مليًا في الأمور».
وأضاف: الكثيرون تفاجأوا بانسحاب الجيش الإثيوبي وعدد من قادة العالم اتصلوا بي.
وتابع آبي آحمد: «لقد أنفقنا نحو 100 مليار بر في إقليم تيجراي أي ما يعادل أكثر من 13 ضعف ميزانيتنا السنوية للإقليم، ولكن من الآن فصاعدًا، لا نريد مواصلة هذا الإنفاق الذي لا يجدي» .
وكان وزير الخارجية الإثيوبي أعلن انسحاب الحكومة من تيجراي، مؤكدا أنه قرار سياسي، مضيفا: «نحن غير مسؤولين بعد اليوم عن ما يحدث في تجراي».
وكانت إثيوبيا خلال الساعات الـ 24 الماضية شهدت تطورات سريعة متلاحقة بعد هزيمة الجيش الإثيوبي والميليشيات المتحالفة معه على يد الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي وذلك بعد 8 أشهر من العملية العسكرية التي شنها الجيش الإثيوبي بأوامر من رئيس الوزراء الاثيوبي أبي أحمد في إقليم تيجراي.
وخرج الآلاف من أبناء الاقليم الذي شهد طوال الشهور الماضية، بحسب تقارير من منظمات دولية وإقليمية، واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في دول العالم المختلفة بسبب الانتهاكات التي ارتكبها الجيش الاثيوبي، إلى شوارع ميكيلي عاصمة تيجراي، ملوحين بإعلام الاقليم وإطلاق الألعاب النارية ابتهاجا بالانتصارات التي حققتها قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي.
وقالت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي إنها تجري عمليات تمشيط لملاحقة قوات الحكومة الإثيوبية التي انسحبت من العاصمة ميكيلي، وإن المدينة باتت تحت سيطرتها بنسبة 100%.
وقال جيتاتشيو رضا المتحدث باسم الجبهة لـ«رويترز»، بهاتف يعمل عبر القمر الصناعي صباح الثلاثاء: «انتهت الاشتباكات النشطة في مقلي قبل حوالي 25 دقيقة».
وأضاف: «ما زالت قواتنا تقوم بعمليات مطاردة حثيثة إلى الجنوب والشرق».
الانتصارات المتلاحقة التي حققتها الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي أجبرت حكومة أبي أحمد على إعلان وقف إطلاق النار من طرف واحد، والذي دخل حيز التنفيذ اعتبارًا من أمس الاثنين في اقليم تيجراي.
وبررت الحكومة الإثيوبية قراراها بوقف إطلاق النار في الإقليم بأن هذا الإجراء سيساعد في ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل أفضل وتعزيز الجهود لإعادة تأهيل منطقة تيجراي وإعادة بنائها، وقالت: «لذلك، صدرت أوامر لجميع المؤسسات المدنية والعسكرية الاتحادية والإقليمية بتنفيذ وقف إطلاق النار وفقًا للتوجيهات التي حددتها الحكومة الاتحادية.
ودعت الحكومة الإثيوبية في بيانها من أسمتهم «جميع أصحاب المصلحة»، على الصعيدين المحلي والدولي، للمساعدة في التنفيذ الكامل والفعال لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية.
وقالت إن حجم الضرر الذي تسبب فيه أعداء السلام هائل بالفعل، وإعادة تأهيل المنطقة يتطلب بالتأكيد تضافر جهود جميع أصحاب المصلحة.
وأضافت: «تود الحكومة الفيدرالية أيضًا التأكيد على أن الخطوة المذكورة أعلاه يتم اتخاذها تقديراً لمسؤولياتها الكبيرة في ضمان عمل شعب إثيوبيا معًا، من أجل تحقيق إثيوبيا موحدة وديمقراطية ومزدهرة».
وأشار البيان إلى أن الانتهاء الناجح للانتخابات الوطنية السادسة في إثيوبيا أظهر بوضوح الالتزام القوي للشعب الإثيوبي بتقرير مصيره من خلال عملية ديمقراطية وسلمية، بالوقوف في طابور لساعات والبقاء في وقت متأخر من الليل، أرسل الإثيوبيون من جميع مناحي الحياة إشارة قوية بأنهم مستعدون للعمل معًا لبناء إثيوبيا أقوى وموحدة وديمقراطية، وإزالة بذور الفتنة والانقسام التي تزرع في الداخل.
وأدانت الأمم المتحدة بأشد العبارات هجوم قوات الجيش الإثيوبي على مقرها في ميكيلي عاصمة إقليم تيجراي وتفكيك معداته.
وأكدت المديرة التنفيذية لمنظمة اليونيسيف هنريتا فور، أن هذا العمل ينتهك حصانة الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي الإنساني، فيما يتعلق باحترام بنية وممتلكات الإغاثة الإنسانية.
وأضافت أن أولوية اليونيسيف في إقليم تيجراي وعبر إثيوبيا تتمثل في مساعدة الأطفال الأكثر ضعفًا، بما في ذلك 14 ألف طفل يواجهون بالفعل ظروف المجاعة، ولاينبغي أن تستهدف المنظمة.
وطالبت بالالتزام بقواعد الحرب واحترام الوكالات الإنسانية، والتوقف عن التدخل في عمليات الإغاثة أو مصادرتها أو التدخل فيها وحماية الأطفال في جميع الأوقات.
وذكرت تقارير إعلامية أن خدمات الاتصالات والكهرباء منقطعة منذ منتصف ليل أمس عن عاصمة إقليم تيجراي ميكيلي.
وبعد هذه التطورات المتلاحقة تثار التساؤلات حول ما إذا كانت اثيوبيا بدأت في الدخول إلى النفق المظلم نتيجة لسياسات حكومة رئيس الوزراء أبي أحمد، التي تسببت خلال الشهور الماضية في أزمات داخلية في عدد من الأقاليم الإثيوبية خاصة في اقليم تيجراي وأورميا وبني شنقول، إضافة إلى رفض أحزاب المعارضة الرئيسية الإثيوبية على رأسها جبهة تحرير أورومو لنتائج الانتخابات الإثيوبية الأخيرة التي جرت في 21 يونيو الماضي.
كما تعرضت حكومة أبي أحمد في الاسابيع الماضية إلى انتقادات دولية متكررة خاصة من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والامم المتحدة، موجهين اتهامات للجيش الإثيوبي بالمسؤولية عن الأزمة الانسانية والجرائم التي شهدها إقليم تيجراي.
وتوقع الخبير السوداني في شؤون القرن الافريقي عبدالقادر الحيمي أن تشهد الأيام المقبلة تطورات وصفها بـ «الخطيرة» في إثيوبيا بعد نجاح قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي في استعادة السيطرة على عاصمة الاقليم ميكيلي بعد هزيمة الجيش الإثيوبي.
وفي رده على سؤال حول ما اذا كان انتصار قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي سيدفع حركات أخرى مناوئة للحكومة المركزية في أديس أبابا على تكثيف هجماتها على الجيش الاثيوبي، قال عبدالقادر الحيمي لـ «المصري اليوم» إن الاوضاع في اثيوبيا ستتطور بشكل خطير جدا، مشيرا في هذا الصدد إلى وجود حركات مسلحة قوية جدا تحارب الجيش الاثيوبي مثل جيش تحرير أورومو وحركات مسلحة في اقليم بني شنقول.
وأوضح الحيمي أن قوات جبهة تحرير تيجراي استطاعت في 12 يوما فقط من بدء هجومها في اقليم تيجراي من هزيمة الجيش الإثيوبي الذي لم يستطع طوال 8 أشهر من بدء عملياته العسكرية من السيطرة بشكل كامل على الإقليم.
وقال: «متوقع تزداد الأوضاع الداخلية في اثيوبيا تعقيدا، أضف إلى ذلك تزايد الضغوط الدولية على الحكومة الإثيوبية خاصة من جانب الولايات المتحدة التي كانت إثيوبيا هي حجر الزاوية للسياسة الأمريكية في منطقة القرن الأفريقي ولكن الآن فقدت أديس أبابا هذا الدور .
وأعاد الخبير في شؤون القرن الإفريقي عبدالقادر الحيمي التأكيد على أن الأوضاع في إثيوبيا في الأسابيع المقبلة لن تمر بسهولة، مشيرا إلى وجود مشاكل كبيرة بين الأمهرة الذين يسيطرون في الفترة الحالية على مفاصل الدولة في إثيوبيا وبقية العرقيات الإثيوبية الأخرى.