أبعاد الصفقة الجديدة بين السعودية والولايات المتحدة

0

 

لم يكن متصورًا ألّا تتفاعل السعودية، وبطريقتها، مع إعلان الرئيس الأمريكى ترامب فور تنصيبه. إنه يمكن أن يجعل السعودية محطته الخارجية الأولى إذا استثمرت المملكة مبلغًا أكبر مما تعهدت به معه فى مايو ٢٠١٧ خلال ولايته الأولى. المبلغ الفائت كان ٤٥٠ مليار دولار، وترامب طالب بمثله أو حتى ٥٠٠ مليار. بعد انتظار قصير، وربما محسوب بدقة، جاء الرد السعودى عبر مكالمة هاتفية، صباح الخميس، بين ولى العهد السعودى، الأمير محمد بن سلمان، وترامب، حيث تعهد الأمير «بتوسع الاستثمار والتجارة بين المملكة والولايات المتحدة بـ٦٠٠ مليار دولار، وربما أكثر»، خلال أربع سنوات، أى فترة ترامب. حظى الخبر بتعليقات واسعة، ولكن مقتضبة من كبريات الصحف الأمريكية والغربية، وربما يكون عدم الإعلان عن تفاصيل الاستثمارات المرتقبة ومواقعها هو الدافع وراء ذلك.

“أوبن ايه آي” تطلق برنامجا قائما على الذكاء الاصطناعي يتولى مهاما عبر الانترنت

لكن الميديا الغربية أجمعت على أن الإعلان سلط الضوء على العلاقات الوثيقة بين إدارة ترامب وحكام دول الخليج الغنية بالنفط. لوحظ أن ولى العهد تحدث عن تجارة واستثمار، كما تحدث عن أربع سنوات، وذلك يجعل مثل هذا الاتفاق مناسبًا للسعودية، حتى مع تراجع عائدات النفط. لوحظ أيضًا أن الإدارة الأمريكية لم تتناول بعد إنهاء العقوبات التى فرضها بايدن على روسيا، ومنها ما هو متعلق بالنفط، رغم أن ترامب حريص على شطب ميراث بايدن، وربما يتيح ذلك زيادة أسعار النفط فى الفترة المقبلة، وذلك يحقق مصالح سعودية. يُشار أيضًا إلى أن المملكة كانت قد استبقت تنصيب ترامب بخطوة ذات دلالة، وهى تجميد عضويتها فى تجمع بريكس، ما أشار إلى حرص على تعميق العلاقات مع الولايات المتحدة فى العهد الترامبى.

كانت الولايات المتحدة قد قللت بشكل متزايد الاعتماد على صادرات النفط السعودية، والتى كانت ذات يوم حجر الأساس لعلاقتهما لعقود من الزمان، لكن الملاحظ أن ركائز العلاقات بين البلدين تسير باتجاه التكنولوجيا والرقمنة والأمن السيبرانى والذكاء الاصطناعى والتصنيع الدفاعى المتقدم، وهى بذلك تدخل فى مجالات تتسق أولًا مع رؤية ٢٠٣٠ للمملكة، وتأتى فى سياق طبيعى إلى حد كبير، فأمريكا لاتزال تتربع على القمة فى تلك المجالات، والكل يستورد منها، كما أن فريق ترامب الحالى يضم جناحًا قويًّا جدًّا من ممثلى شركات التكنولوجيا. معروف أن صناديق الثروة السيادية السعودية استحوذت على حصص كبيرة فى الشركات الأمريكية.

منظمة الـ”يونسيف” لا تهمها أوضاع أطفال غزة

وقد لا يتواصل هذا المجال بنفس القوة مع ميول ترامب الحمائية، لكن الخطط التنموية للأمير تخلق مجالات واسعة للشركات الأمريكية للعمل فى السعودية، حيث يريد الأمير محمد أيضًا مواصلة مشروعه، الذى تبلغ تكلفته ٥٠٠ مليار دولار فى نيوم، وهى مدينة جديدة فى الصحراء الغربية للمملكة العربية السعودية على البحر الأحمر. كما ستحتاج إلى بناء ملاعب وبنية تحتية جديدة بقيمة عشرات المليارات من الدولارات، قبل استضافتها كأس العالم لكرة القدم ٢٠٣٤. يُشار إلى أن البيت الأبيض أفصح عن حدوث المكالمة، فى أول إفصاح منه عن اتصالات هاتفية بزعيم خارجى، لكن الصحف الأمريكية قالت إنها لا تعرف هل كان ذلك أول اتصالات ترامب أم لا، كما أشير إلى أن المكالمة تطرقت إلى الأوضاع السياسية فى الشرق الأوسط، لكن دون أى تفاصيل.