أحزاب هامشية بموريتانيا تستعمل جبهة البوليساريو في أجندات انتخابوية
على الرغم من استقرار الموقف الرسمي الموريتاني على خط ما تسمّيه السلطات في نواكشوط بـ”الحياد الإيجابي” في قضية الصحراء المغربية، فإن بعض الأحزاب السياسية الصغيرة في هذا البلد المغاربي، المعني بقرار مجلس الأمن الأخير، تصرّ على دعم الطرح الانفصالي في الأقاليم الجنوبية للمملكة، لاعتبارات يؤكّد مهتمون طابعها القبلي والانتخابي، مدفوعة بمحاولة تعويض غيابها عن المنافسة السياسية الفعلية ودورها الهامشي داخل المشهد السياسي الموريتاني.
العالم على حافة إعادة تدوير القوة… ودول تصنع لحظتها..بقلم:شحاته زكريا
وفي هذا الصدد، استقبل قادة كل من “حزب الفضيلة” و”حزب الرفاه” و”حزب الجبهة الجمهورية من أجل الوحدة والديمقراطية” و”حزب التحالف من أجل العدالة والديمقراطية”، في العاصمة نواكشوط، المدعو السالك بييه، الذي يشغل منصب “مستشار” لزعيم الانفصاليين في تندوف إبراهيم غالي، مجدّدين له دعمهم لما يسمى بـ”كفاح الشعب الصحراوي في تقرير مصيره”، حسب ما ورد في منشور لوكالة الأنباء التابعة للجبهة الانفصالية.
في هذا الصدد، قال عبد الفتاح فاتيحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية، إن “مواقف بعض الأحزاب السياسية المحافظة في موريتانيا تواصل الالتزام بالعرف القبلي بعدما وقّعت موريتانيا ما يسمى اتفاقية سلام مع “البوليساريو” في غشت 1979 بالجزائر، عقب هجوم دموي غادر على العاصمة نواكشوط قاده زعيم الجبهة آنذاك مصطفى الوالي، وقد قُضي عليه بعد أن قتل من الجنود الموريتانيين العشرات”.
وزاد فاتيحي، في تصريح لهسبريس، شارحا: “ولأن الموريتانيين قد أجمعوا على تحصين الاتفاقية لتجنب نزيف هجمات “البوليساريو”، أقيمت علاقات اجتماعية وسياسية مع الجبهة، وتوطدت هذه العلاقات بروابط قبلية غداة حصول العديد من عناصر “البوليساريو” على الجنسية الموريتانية”.
وأوضح مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية أن “العديد من الأحزاب السياسية المحافظة، وباعتبار العرف القبلي والجوار والتعايش مع عناصر “البوليساريو” الذين يقيمون بحرية في العديد من المدن الموريتانية، تواصل إبقاء دعمها للجبهة الانفصالية للاستفادة من كتلة انتخابية لصالحها”، مشددا على أن “هذا الدعم لا يغير من موقف موريتانيا الرسمي، الذي يحافظ على الحياد بخصوص نزاع الصحراء؛ فهو دعم لا يتجاوز الاعتياد لطبيعة العلاقات الاجتماعية والقرابة بين الموريتانيين وعناصر جبهة “البوليساريو””.
وبيّن فاتيحي أن “دعم هذه الأحزاب يبقى رمزيا ولن يترجم إلى موقف سياسي لدولة موريتانيا الرسمية في نزاع الصحراء، فالمصلحة العامة لموريتانيا تمثلها الأحزاب السياسية الكبرى؛ وبالتالي لا يُتوقّع أي تأثير لمواقف هذه الأحزاب المحافظة على الموقف الرسمي الموريتاني، خاصة في ظل وجود قرارات أممية تدعم مبادرة الحكم الذاتي كحل سياسي وعملي أساس للمفاوضات المستقبلية، مع الإشارة إلى أن موريتانيا تعد طرفا في هذه المفاوضات المرتقبة”.
من جهتها، قالت شريفة لموير، باحثة في الشؤون السياسية، إن “العديد من الأحزاب السياسية الموريتانية كانت تتبنى، وإلى وقت قريب، موقف الحياد من قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية؛ لكن خروج بعض الأحزاب بموقف داعم للطرح الانفصالي لا يتعدى كونه دعما رمزيا تقليديا”.
وسجلت لموير، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الأحزاب التي تدعم الطرح الانفصالي في الصحراء المغربية معروفة الخلفيات، وتحاول من خلال هكذا مواقف كسب بعض الحضور الإعلامي، خاصة أنها مصطفّة في المعارضة وتصنّف ضمن الأحزاب الصغيرة غير ذات التأثير”.
وأكدت الباحثة ذاتها أن “مواقف هذه التنظيمات السياسية لا تأثير لها على المواقف الرسمية لنواكشوط، وتبقى مجرد مواقف ترمي بالأساس إلى خلق وإعادة ترتيب التوازنات داخل المشهد السياسي الموريتاني، إذ لا تعدو كونها محاباة لتنظيم “البوليساريو” ترمي إلى جرّ الانتباه الإعلامي في المنطقة، خاصة أن هذه الأحزاب ليس لها أي ثقل سياسي يُذكر من شأنه أن يؤثر في السياسة الخارجية لموريتانيا”.
