أحمد نورالدين: المناورات العسكرية المغربية الفرنسية قرار سيادي ولا دخل لكابرانات الجزائر
طالعت قبل ساعة من الآن بيان الخارجية الجزائرية الصادر يومه الخميس 6 فبراير 2025، والذي تحذر فيه الجزائر فرنسا من “مغبة” المشاركة مع المغرب في المناورات العسكرية التي ستجري في شتنبر 2025 بإقليم الراشدية.
و كان أول ما خطر ببالي أن الدبلوماسية الجزائرية بهذه الفعلة التي فعلتها تكون كالذي يحاضر في الشرف وهو فاجر ساقط أخلاقيا. إذ كيف يجرؤ النظام العسكري الجزائري الذي دأب منذ 2018 وبشكل منتظم على إجراء ثلاثة مناورات عسكرية على التماس مباشرة مع الحدود المغربية وبالذخيرة الحية، أن يحتج على مناورات داخل الحدود المغربية ؟!
وكيف تحتج الجزائر على اسم “الشرقي” الذي اختير للمناورات وهو مجرد اسم محايد يحيل على رياح الشرقي وليست له أي حمولة عدائية، عكس الأسماء التي أطلقها جنرالات الجزائر على مناوراتهم على الحدود المغربية التي كانت تحمل أسماء تطفح بالاستفزاز المقيت والعدوانية الفاحشة مثل مناورات “اكتساح 2018” التي جرت على الحدود المغربية، واستعملت فيها ارمادا من الدبابات وراجمات الصواريخ والطائرات وكل انواع المدفعية، بل وأصرت الجزائر على إشراك ميليشيات “البوليساريو” في تلك المناورات، واستعملت خلالها في دلالة لا تخطئها العين راية حمراء للجيش المعادي الذي تتقاتل معه، في إحالة على راية المغرب الحمراء. وأكثر من ذلك سلم قائد الجيش الجزائري في نهاية تلك المناورات أسلحة ثقيلة وعتادا عسكريا للميليشيات الانفصالية..
وفي نفس السنة بعد حوالي ستة شهور فقط، نظمت الجزائر أضخم مناورات في تاريخها على الحدود مع المغرب من البحر المتوسط إلى حمادة تندوف، وأطلقت عليها هذه المرة مناورات “طوفان 2018”. وهو كما نلاحظ مثل الاكتساح اسم يحيل على العدوان والاجتياح.
والخطير أنها كانت مناورات بالذخيرة الحية واستعملت فيها صواريخ باليستية تطلقها الغواصات لأول مرة من البحر باتجاه البر، وشاركت فيها آخر الأسلحة التي اقتنتها من روسيا من غواصات وطائرات سوخوي المقنبلة، وراجمات الصواريخ وغيرها..
وتكررت تلك المناورات كل سنة وبنفس الزخم والحجم العرمرم على الحدود المغربية، ورغم ذلك لم يصدر من المغرب اي بيان احتجاج أو تنبيه أو تحذير، وبرهن على رباطة الجأش وضبط النفس..
وقد يقول قائل إن الأمر الآن مختلف لأن تلك المناورات كانت من طرف الجيش الجزائري وحده إذا استثنينا ميليشيات ابن بطوش، أما موضوع الاحتجاج اليوم فهو مشاركة دولة أجنبية هي فرنسا. ودون الدخول في جدل بزنطي حول معنى السيادة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وامتلاك المغرب وفرنسا لقرارهما السيادي في إجراء المناورات، نرد على التنطع الجزائري بأنه اذا كانت ذاكرة النظام العسكري قصيرة فإن ذاكرتنا في المغرب ليست كذلك. فلن ننسى أن الجيش الجزائري أجرى سنة 2022 مناورات عسكرية مشتركة مع الجيش الروسي على الحدود المغربية قرب مدينة بشار المحتلة ومع ذلك لم يحتج المغرب لأن المملكة لا تتعامل بصبيانية في دبلوماسيتها.
فكيف تتجرأ الجزائر بعد كل هذه الوقائع، وبكل صلافة على التدخل في شأن لا يخصها وفي قرار سيادي بين المغرب وفرنسا؟ كيف تجرأ وبكل وقاحة على استدعاء السفير الفرنسي لتبلغه احتجاحها وتهديدها بالتصعيد في مستوى الأزمة الحالية بين البلدين اذا شاركت القوات الفرنسية في المناورات مع المغرب؟ أي فجور هذا؟ وأي وقاحة هذه؟ وأي عنترية هذه؟!
من يمارس الاستفزاز ضد من؟ ومن يهاجم فعليا من؟ ومن يشن حربا عسكرية ودبلوملسية وإعلامية منذ نصف قرن ضد من؟ ومن يهدد بالحرب من؟ ومن يحشد جيوشه على الحدود ضد من؟ ومن قطع الأجواء في وجه الطيران المدني ضد من، سلسلة من التساؤلات لها أول وليس لها آخر لو تعلمون، ولكنكم
قوم لا تستحون!
لقد غرّكم حِلم المغرب وصبر المغرب ورصانة مواقف المغرب، وتوازن ردود المغرب، وعدم معاملة المغرب لكم بالمثل، حتى ظننتم أن باطلكم صار حقا، وعدوانكم صار أمرا مكتسبا..
على رسلكم أيها المعتدون، وعلام تحتجون، ألستم تدعون أنكم أكبر قوة عفوا قهوة إقليمية؟! فلم الرعب إذن؟ وعَلامَ الصٌراخ وارتعاد الفرائس إن كنتم في مزاعمكم صادقين؟
أم أنكم استيقظتم من سُبات أساطيركم على هدير الأبرامز وطفطفة الأباتشي وأزيز الفانتوم.. فأدركتم أن حبل البروبكاندا قصير وأن الذين يقاتلون من أجل وطنهم ووحدته الترابية هم الغالبون، والذين يسعون فسادا في الأرض وانفصالا هم الخاسرون..