أكراد سوريا يحتفلون بمرور عامين على قضائهم على خلافة تنظيم «الدولة الإسلامية»

146

احتفلت قوات سوريا الديموقراطية الثلاثاء 03/23 بمرور عامين

على إعلانها القضاء على “خلافة” تنظيم الدولة الإسلامية،

الذي رغم خسائره، ما زال يشكل مصدر تهديد لخصومه.

 

 

ولا يعني القضاء على “الخلافة”، التي أعلنها زعيم التنظيم السابق أبو بكر البغدادي في العام 2014 بعد سيطرة مقاتليه على

مساحات شاسعة في سوريا والعراق المجاور، انكفائهم عن شن هجمات دامية خصوصاً في أقصى شرق سوريا.

 

وبعد انتهاء آخر المعارك ضد التنظيم في قرية الباغوز في 23 آذار/مارس 2019، وجدت قوات سوريا الديموقراطية وهي ائتلاف

فصائل كردية وعربية، نفسها أمام تحد آخر يتمثل في مصير عشرات الآلاف من مقاتلي التنظيم وأفراد عائلاتهم من جنسيات مختلفة، المحتجزين في سجونها وفي مخيمات مكتظة تشهد حوادث أمنية.

 

في حقل العمر النفطي في صحراء دير الزور، نظمت قوات سوريا الديموقراطية عرضاً عسكرياً الثلاثاء، وفق مراسلي وكالة

فرانس برس، بحضور ممثلين عن التحالف الدولي بقيادة واشنطن.

 

وجدّدت القوات في بيان تلاه متحدّث باسمها التحذير من أن “القضاء على آخر رقعة جغرافية لإرهابيي داعش في شمال وشرق

سوريا.. لا يعني زواله بشكل تام”. ونبّهت إلى أن المرحلة الحالية تُعدّ “الأصعب في مواجهة الارهاب، وأصعب من مرحلة مقارعة

داعش وجها لوجه” كما أنّها “الأخطر”.

 

وتشنّ قوات سوريا الديموقراطية دورياً وبدعم من التحالف، خصوصاً في محافظة دير الزور، حملات دهم واعتقال لعناصر يُشتبه

بانتمائهم إلى التنظيم يستهدفون، غالباً عبر عبوات ناسفة أو اغتيالات، مقاتلين عربا وأكرادا أو مدنيين يعملون لصالح الإدارة

الذاتية الكردية.

 

وبعد انتهاء سيطرة التنظيم جغرافياً، انكفأ مقاتلوه بشكل رئيسي إلى البادية السورية الممتدة بين محافظتي حمص (وسط)

ودير الزور عند الحدود مع العراق. وتحولت تلك المنطقة مسرح اشتباك بين التنظيم وقوات النظام السوري المدعومة من

روسيا.

 

وقدّرت لجنة مجلس الأمن الدولي العاملة بشأن تنظيم الدولة الإسلامية ومجموعات جهادية أخرى الشهر الماضي وجود عشرة

آلاف مقاتل من التنظيم “ناشطين” في سوريا والعراق.

 

وقالت إنه على رغم أنّ غالبيتهم في العراق، لكنّ “الضغط الذي تمارسه قوات الأمن العراقية يجعل تنفيذ عمليات تنظيم الدولة

الإسلامية (على أراضيها) أكثر صعوبة” مقارنة مع سوريا. وتوفّر البادية السورية في دير الزور، بحسب التقرير، “ملاذاً آمناً

لمقاتلي” التنظيم الذين انشأوا “علاقات مع شبكات تهريب تنشط عبر الحدود العراقية”.

 

من كوباني إلى الباغوز

وكان المقاتلون الأكراد في طليعة من تصدّى للتنظيم المتطرف في سوريا. وخاضوا أولى معاركهم ضده دفاعاً عن مدينة

كوباني (عين العرب) في أقصى محافظة حلب شمالاً، ما أتاح لهم تلقي دعم أميركي مباشر. وفي العام 2015، تأسست قوات

سوريا الديموقراطية، وباتت الشريك الأول للتحالف الدولي بقيادة واشنطن في معركة القضاء على التنظيم.

 

 

واستعادت تلك القوات تدريجاً مناطق سيطر عليها التنظيم، أبرزها معقله في مدينة الرقة العام 2017، وصولاً إلى حصاره

مطلع 2019 في قرية الباغوز الصغيرة التي لم يكن أحد قد سمع بها عند ضفاف نهر الفرات قرب الحدود العراقية.

 

وخلال الهجوم، حوصر آلاف الجهاديين وعائلاتهم في آخر جيوبهم. وخرج هؤلاء تدريجاً على وقع القصف. فتمّ نقل العناصر إلى

السجون، وأفراد عائلاتهم إلى مخيمين في محافظة الحسكة (شمال شرق). وتوّجت هزيمة التنظيم بمقتل أبو بكر البغدادي

ليل 26-27 تشرين الأول/أكتوبر 2019 في عملية عسكرية أميركية في محافظة إدلب (شمال غرب). وأعلن التنظيم تعيين أبا

ابراهيم الهاشمي القرشي خلفاً له.

محاكمة وترحيل

منذ ذاك الحين، تكرر قوات سوريا الديموقراطية والإدارة الذاتية مطالبتها الدول المعنية بتخفيف العبء عنها، عبر استعادة

مواطنيها أو مساعدتها على انشاء محكمة دولية لمحاكمتهم في سوريا. لكنها لم تلق تجاوباً. واعتبرت في بيانها الثلاثاء “لا

تزال خطورة داعش تكمن في شخص الالاف من المعتقلين، ممن تم أسرهم، الى جانب الالاف من أسرهم المحتجزين في

مخيمي الهول وروج ممن يحملون الذهنية الداعشية المتطرفة، دون أن تشهد الساحة الدولية أي تحرك لحل هذا الملف”.

 

وأضافت “يتحتم على الدول الإقليمية والدولية تحمل مسؤولياتها في حل ملف معتقلي داعش وأسرهم العالق”. واكتفت دول

أوروبية عدة بينها فرنسا، باستعادة عدد محدود من الأطفال اليتامى من أبناء الجهاديين. ويقطن في مخيم الهول وحده أكثر

من ستين ألف شخص، ثمانون في المئة منهم نساء وأطفال. وبينهم آلاف الأجانب الذين يقبعون في قسم مخصص لهم قيد

حراسة مشددة.

وقدرت منظمة هيومن رايتش ووتش في تقرير الثلاثاء وجود 43 ألف أجنبي، من رجال ونساء وأطفال، محتجزين في السجون

والمخيمات. وبين هؤلاء 27,500 طفل غالبيتهم في المخيمات، فيما يتواجد 300 منهم في السجون وآخرون في مراكز تأهيل.

وتحذّر منظمات عدة بينها الأمم المتحدة، من نقص الخدمات وسوء الوضع الصحي في الهول وروج، اللذين يشهدان تدهوراً

أمنياً تمثل بحوادث قتل وفرار.

 

وقتل 31 شخصاً، بأداة حادة أو بالرصاص، منذ مطلع العام في مخيم الهول، وفق ما أفاد مسؤول كردي وكالة فرانس برس

بداية الشهر الحالي. ودعت هيومن رايتس ووتش الدول المعنية الى أن “تتجاوب مع النداءات المتكررة من الإدارة الذاتية”

الكردية، “لمساعدتها على تأمين محاكمات للمعتقلين”، ولاستعادة “المعتقلين غير المدانين بجرائم”.

 

وقالت ليتا تايلر من المنظمة “رجال ونساء وأطفال من كافة أنحاء العالم يدخلون عاماً ثالثاً من الاحتجاز غير القانوني في ظروف

تهدّد حياتهم في شمال شرق سوريا، فيما تشيح الحكومات بنظرها عنهم”.