إسرائيل تعلن الاستيلاء على مساحات واسعة في غزة وتفاقم عزلة القطاع
أعلنت إسرائيل توسيع “مناطقها الأمنية” داخل قطاع غزة واصفة المنطقة بأنها أصبحت “أصغر مساحة وأكثر عزلة”، فيما أسفر قصف إسرائيلي عن مقتل 23 فلسطينيا بينهم نساء وأطفال بحي الشجاعية. يأتي ذلك مع اتساع رقعة النزوح وتكرار التحذيرات الأممية من انهيار الأوضاع الإنسانية، في وقت تتعثر فيه الجهود الدولية لتمديد الهدنة السابقة، وسط مطالبات متباينة من تل أبيب وحماس بشأن الرهائن.
كشفت إسرائيل،، عن استيلاءها على “مساحات واسعة” من قطاع غزة، الأمر الذي “يجعل القطاع أصغر مساحة وأكثر عزلة” وفق ما قاله وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في خطوة تعكس واقعا جديدا على الأرض فيما يتواصل التصعيد العسكري.
تزامن ذلك مع إعلان الدفاع المدني الفلسطيني عن مقتل 23 شخصا على الأقل، بينهم أطفال ونساء، في غارة جوية إسرائيلية استهدفت الأربعاء حي الشجاعية في مدينة غزة.
وتأتي هذه التطورات وسط خلافات حادة بشأن تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، بعد حرب استمرت 15 شهرا بين إسرائيل وحركة حماس، قبل أن تستأنف الضربات الجوية والعمليات العسكرية الإسرائيلية في 18 آذار/مارس، ما أطاح التهدئة الهشة وأعاد القطاع إلى دوامة التصعيد.
الخارجية السورية تبدأ هيكلة بعثاتها الدبلوماسية وتطلب عودة سفيريها من الرياض وموسكو
“مساحات واسعة” وعزلة متزايدة
وقال كاتس، خلال جولة في محور “موراغ” الذي أنشأته إسرائيل لفصل مدينتي خان يونس ورفح جنوب قطاع غزة، إن الجيش الإسرائيلي يعمل على “دمج المناطق المستولى عليها ضمن الأحزمة الأمنية الإسرائيلية”، بما يخفض المساحة الجغرافية التي تسيطر عليها حماس ويعزل القطاع على نحو أوسع.
ودعا وزير الدفاع الإسرائيلي سكان غزة إلى “الانتفاض على حماس” والإفراج عن الرهائن المحتجزين، معتبرا أن ذلك “السبيل الوحيد لإنهاء الحرب” ومهددا بـ”مزيد من القتال العنيف في أنحاء القطاع” إلى حين استكمال أهداف العملية العسكرية.
في السياق ذاته، أشار كاتس إلى تنفيذ خطة أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ترمي إلى “الهجرة الطوعية” لسكان غزة، دون تقديم تفاصيل أوضح حول مسارها.
23 قتيلا في غارة جديدة
من جهتها، أعلنت مصادر فلسطينية مقتل 23 شخصا، بينهم نساء وأطفال، في غارة إسرائيلية استهدفت حي الشجاعية المكتظ بخيم النازحين في مدينة غزة.
وأفاد المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل بأن عمليات البحث تحت الأنقاض ما زالت مستمرة، ما يرجح ارتفاع حصيلة القتلى، بينما تخطى عدد الجرحى الخمسين.
وأكد شاهد عيان يدعى أيوب سليم (26 عاما) أن “الصواريخ هزت المنطقة كلها” وأن الدمار والغبار عما المكان، مضيفا أن “الهلع كان كبيرا جراء مشهد الأشلاء وسط صرخات الناس”.
وفي المقابل، ذكر الجيش الإسرائيلي لوكالة فرانس برس أن الضربة “استهدفت قائدا بارزا في حماس”، مؤكدا اتخاذ “خطوات عديدة للتخفيف من الأضرار الجانبية”، بحسب تعبيره.
نزوح جماعي وتصعيد خطير
يتعمق الوضع الإنساني سوءا في القطاع. وأشارت الأمم المتحدة هذا الأسبوع إلى نزوح نحو 400 ألف من سكان غزة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية وحدها، وسط تحذيرات من وزارة الصحة عن حالة “كارثية” بفعل نقص الأدوية والدم في المستشفيات، ولا سيما مستشفى المعمداني الذي استقبل العدد الأكبر من الجرحى الأربعاء.
من جانبه، وصف متحدث باسم وزارة الصحة في غزة الغارات الأخيرة بـ”المدمرة” نتيجة استخدام “صواريخ ضخمة” تسبب أضرارا بالغة في المنازل والطرق.
وبلغ عدد القتلى الفلسطينيين منذ استئناف العمليات العسكرية في 18 آذار/مارس نحو 1482 شخصا، استنادا إلى معطيات الوزارة، ما يرفع حصيلة الحرب في غزة منذ اندلاعها بعد هجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 إلى 50,846 قتيلا، وفق المصدر نفسه.
في المقابل، تشير الإحصاءات الرسمية الإسرائيلية إلى مقتل 1,218 شخصا، معظمهم مدنيون، منذ هجوم حماس في تشرين الأول/أكتوبر، فيما تؤكد السلطات تلقي تهديدات مستمرة على مستوطنات محاذية للقطاع.
تعثر جهود التهدئة ومخاوف بشأن الرهائن
وأفضت الهدنة السابقة التي انهارت منتصف آذار/مارس إلى إطلاق سراح 33 رهينة إسرائيليا، ثمانية منهم كانوا قد لقوا حتفهم، مقابل إطلاق 1800 معتقل فلسطيني. غير أن أي اتفاق جديد لم ير النور بعد، في ظل حديث عن مساع أمريكية وإسرائيلية “للتوصل إلى اتفاق ثان” يهدف إلى تحرير مزيد من الرهائن المحتجزين في غزة، حسبما صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بداية هذا الأسبوع.
وقال عضو المكتب السياسي لحماس حسام بدران لوكالة الأنباء الفرنسية إن الحركة “منفتحة على كل الأفكار” التي تؤدي لوقف إطلاق النار، لافتا إلى استمرار التواصل مع الوسطاء دون تحقيق أي اختراق ملموس حتى الآن.
وتخشى عائلات رهائن إسرائيليين على مصير أبنائها وسط استمرار القصف العنيف، بينما أعلنت حماس أن “المجازر المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني لن تمضي بلا عقاب”.
بدورها، دانت وزارة الخارجية في السلطة الفلسطينية ما وصفته بـ”مجزرة الشجاعية”، ودعت المجتمع الدولي إلى “اتخاذ إجراءات رادعة” لوقف “سياسة التدمير والتهجير”، في إشارة إلى تحذيرات متكررة للسكان بإخلاء منازلهم، واصفة هذا النهج بأنه “تطبيق عملي لمشروع دفع الغزيين للهجرة بشكل قسري”.
