اسبانيا تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي قبيل انتخاباتها المبكرة
تستعد إسبانيا لتولي الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي السبت، قبل أن تنصرف الى انتخابات مبكرة مقررة في تموز/يوليو، قد تطيح الحكومة اليسارية وتصرف انتباه مدريد عن أهدافها القارية.
في 15 حزيران/يونيو، كتب رئيس الوزراء الاشتراكي بيدرو سانشيز “مرحبا أوروبا” على تويتر، عارضا لأولويات إسبانيا خلال توليها رئاسة التكتل القاري الذي يضم 27 دولة.
الا أن سانشيز الذي يتمتع بحضور وازن على الساحة الدولية، كان قد فاجأ الجميع في 29 أيار/مايو بالدعوة الى انتخابات مبكرة في 23 تموز/يوليو، غداة خسارة اليسار في انتخابات محلية وإقليمية أجريت في إسبانيا.
وفي حين تبقى الرئاسة الدورية مسؤولية رمزية لا تمنح البلد الذي يتولاها تأثيرا يفوق تأثير الأعضاء الآخرين، الا أنها تتيح لإسبانيا التي ستشغلها لستة أشهر اعتبارا من الأول من تموز/يوليو، فرصة للدفع نحو تحقيق تقدم في قضايا أساسية تهمّ التكتل.
لكن محللين يرون أن انشغال مدريد بانتخاباتها خلال تولي رئاسة الاتحاد قد يؤثر على انخراطها بشؤون القارة.
وقال رئيس معهد جاك دولور سيباستيان مايار لوكالة فرانس برس إن “الخطر هو في رئاسة ينصرف تركيزها في اتجاه آخر”، على رغم تأكيده “عدم وجود تهديد حقيقي بخروج الأمور عن مسارها” لأن إسبانيا “بلد مؤيد بقوة لأوروبا”.
وأضاف “بالطبع (الانتخابات) تعقّد الأمور. بعض وزراء (الحكومة الإسبانية) سينشغلون بحملاتهم أو يركزون على ما ستكون عليه وظيفتهم المقبلة. سيكون لديهم وقت وطاقة أقل لزملائهم الأوروبيين ولإبرام اتفاقات معهم”.
وحاول سانشيز طمأنة الأوروبيين الى ثبات التركيز الإسباني على رئاسة الاتحاد، وشدد على “عدم وجود أي خطر لئلا نحقق خلال هذه الرئاسة، الأهداف التي تم وضعها قبل الدعوة الى الانتخابات”.
وفي ردّ على منتقديه، أشار المسؤول الإسباني الى أن فرنسا أجرت انتخابات رئاسية في نيسان/أبريل 2022، تزامنا مع توليها رئاسة الاتحاد الأوروبي.
ومن بين الأولويات التي وضعها لفترة الرئاسة الإسبانية، أعرب سانشيز عن أمله في انجاز إصلاح سياسة الهجرة للاتحاد الأوروبي بحلول نهاية العام، إضافة الى اتخاذ “خطوات مهمة” نحو المصادقة على اتفاق التجارة مع مجموعة “ميركوسور” التي تضم عددا من دول أميركا الجنوبية.
وفي مقابل الدعم الذي يلقاه من سانشيز، أثار الاتفاق تحفظات كبيرة في فرنسا على خلفية مخاوف بيئية.
وأكد رئيس الوزراء أن أي تغيير محتمل في الحكومة الإسبانية بنتيجة الانتخابات، لن يؤدي الى تبدّل الأهداف التي وضعتها مدريد خلال فترة رئاستها للاتحاد الأوروبي، نظرا لأنه تمّ إعدادها بالتعاون مع “كل الأطراف المؤسسيين والاجتماعيين والسياسيين”.
لكن هذا الموقف قوبل باستهزاء من زعيم المعارضة اليمينية ألبرتو نونيس فيخو الذي أكد أن لديه “معلومات عن الرئاسة السويدية (المنتهية ولايتها) للاتحاد الأوروبي.. أكثر من الإسبانية”.
ويتمحور السؤال الأكبر لشركاء سانشيز الأوروبيين على قدرته على البقاء في الحكم في ظل ترجيح استطلاعات الرأي خروج الحزب الشعبي بزعامة نونيس فيخو فائزا في انتخابات الشهر المقبل.
ورأى دبلوماسي أوروبي طلب عدم كشف اسمه، أنه “في حال نجح سانشيز، قد نفقد بضعة أسابيع (بسبب الانتخابات)لكن الأمر لن يكون سيئا لهذا الحد”.
وأضاف “لكن اذا خسر وطالت الأمور والمساومات والمفاوضات لتشكيل ائتلاف” قبل تولي رئيس جديد للوزراء المنصب “عندها يمكن للأمور أن تصبح معقّدة”.
ويمكن للأوضاع أن تتعقّد بشكل إضافي في حال فاز نونيس فيخو المؤيد لأوروبا، بالانتخابات لكن بنتيجة تفرض عليه تشكيل ائتلاف مع حزب “فوكس” اليميني المتطرف للتمكن من تشكيل حكومة.
وترجح استطلاعات الرأي هذا الاحتمال.
وسبق لحزب “فوكس” أن أكد منذ تحقيقه مكاسب في الانتخابات المحلية التي أجريت في 28 أيار/مايو، أن الثمن الذي سيطلبه للمشاركة في أي تحالف مع نونيس فيخو سيكون مرتفعا، ما يرجح إطالة المفاوضات بين الطرفين في حال منحتهما نتائج الانتخابات أفضلية.