اعتقال الرئيس الجورجي الأسبق ميخائيل ساكاشفيلي يثير ضجة بالبلاد
توجه الجورجيون السبت إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البلدية، غداة يوم من اعتقال الرئيس الأسبق ميخائيل ساكاشفيلي إثر عودته من المنفى، والذي دعا من خلف القضبان لانتقال سلمي في البلاد إلى “ديمقراطية حقيقية”. ورفع اعتقال ساكاشفيلي المعارض الأبرز من سقف الرهانات في اقتراع يشكل اختبارا لحزب “الحلم الجورجي” الحاكم الذي يخسر شعبيته.
أدلى الجورجيون السبت بأصواتهم في الانتخابات البلدية بعد يوم من اعتقال الرئيس الأسبق ميخائيل ساكاشفيلي، الذي دعا من خلف القضبان لانتقال سلمي في البلاد إلى “ديمقراطية حقيقية”.
وزاد اعتقال المعارض الأبرز في جورجيا لدى عودته من منفاه الرهانات في انتخابات تشكل اختبارا لحزب “الحلم الجورجي” الحاكم الذي تتراجع شعبيته. وقال ساكاشفيلي في تصريحات أدلى بها لفرانس برس عبر ممثل عنه زاره في السجن السبت “تحتاج جورجيا إلى انتقال سلمي باتجاه ديمقراطية حقيقية حيث لا يسجن المعارضون السياسيون بناء على تهم ملفقة أو يجبرون على الهرب إلى المنفى”.
وأضاف الرئيس الجورجي الأسبق “لا أسعى لأي منصب سياسي، كل ما هنالك هو أنني عازم على القتال إلى ما لا نهاية ضد حكم الأوليغارش (أي الطبقة الثرية النافذة) الذي قتل الديمقراطية الجورجية”.
قائد “ثورة الورود”
وتعتبر تصريحاته إشارة إلى رئيس الوزراء الأسبق بيدزينا إيفانيشفيلي، والذي يعد شخصية نافذة من فئة الأوليغارش ومؤسس الحزب الحاكم الذي يعتقد على نطاق واسع بأنه الآمر الناهي في جورجيا رغم عدم شغله أي منصب سياسي.
والجمعة أفاد ساكاشفيلي البالغ 53 عاما ومؤسس حزب المعارضة الرئيسي “الحركة الوطنية المتحدة” الذي تولى الرئاسة بين العامين 2003 و2013، أنه عاد سرا من أوكرانيا، حيث يدير وكالة تابعة للحكومة الأوكرانية تعنى بالإصلاحات.
واعتُقل الإصلاحي المؤيد للغرب، الذي قاد عام 2003 “ثورة الورود” السلمية التي أطاحت بشخصيات نخبوية من الحقبة الشيوعية، بعد وقت قصير من وصوله على خلفية إدانته عام 2018 غيابيا بتهم تتعلق باستغلال السلطة. وأصر ساكاشفيلي على براءته وندد بالحكم الصادر بسجنه ست سنوات واعتبره ذا دوافع سياسية. وبدأ إضرابا عن الطعام عقب توقيفه، حسبما أفادت وسيطة حقوق الإنسان في جورجيا.
في المقابل، دافع رئيس الوزراء إيراكلي غاريباشفيلي عن قرار السلطات اعتقال ساكاشفيلي قائلا “جميعنا متساوون أمام القانون، سواء قادة سياسيين أو مواطنين عاديين”.
“لا يمكنهم سجن ساكاشفيلي”
وبعد إغلاق مراكز الاقتراع أبوابها الساعة 16,00 ت غ، أكد كل من الحزب الحاكم والمعارضة على حد سواء أنهم سيفوزون في الاقتراع. وقال غاريباشفيلي لأنصاره “أهنئ حزبنا والبلد بأسره. حان الوقت لإنهاء الاستقطاب السياسي في جورجيا”. أما نكا ميليا، رئيس حزب ساكاشفيلي، فقال “المعارضة تفوز. علينا الدفاع عن كل صوت حتى لا يتلاعب +الحلم الجورجي+ بنتائج الانتخابات”.
وفي وقت سابق السبت، اتهم ميليا الحكومة بـ”ترهيب الناخبين وشراء الأصوات”، لكن الحزب الحاكم شدد في بيان على أن الانتخابات تجري بناء على “أعلى المعايير الديمقراطية”. وبلغت نسبة المشاركة نحو 41 في المئة بحلول الساعة 17,00 (13,00 ت غ)، بحسب اللجنة المركزية للانتخابات، التي يتوقع أن تبدأ بالإعلان عن النتائج الأحد.
وصرح ناخب يدعى لوكا ساموشيا (27 عاما)، كان ضمن طابور طويل أمام مركز اقتراع في وسط تبليسي، “سيكون من الصعب على الحكومة تزوير نتائج الانتخابات إذا كانت نسب المشاركة كبيرة”. مضيفا “عليهم الرحيل، لا يمكنهم سجن ساكاشفيلي والبقاء في السلطة”.
“استفتاء ضد الأوليغارش”
وتحظى الانتخابات البلدية بمتابعة من داخل وخارج جورجيا على حد سواء للتحقق من عدم تقويض الحزب الحاكم الديمقراطية. ويتهم معارضون “الحلم الجورجي” الذي يتولى السلطة منذ 2012، باستخدام الملاحقات القضائية الجنائية أداة لمعاقبة المعارضة السياسيين والصحافيين. ورفضت منظمة الشرطة الجنائية الدولية “إنتربول” طلبات تقدمت بها تبليسي لإصدار إشارة حمراء لاعتقال ساكاشفيلي.
وبعد الانتخابات التشريعية في أكتوبر الماضي، والتي حقق فيها “الحلم الجورجي” الفوز بأغلبية ضئيلة، رفضت أحزاب المعارضة تولي مقاعدها في البرلمان منددة بحدوث عمليات تزوير واسعة النطاق. ونظمت مظاهرات حاشدة للمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة.
وتوسط الاتحاد الأوروبي من أجل التوصل إلى اتفاق بين الأحزاب في مايو، تعهد “الحلم الجورجي” بموجبه بتنظيم انتخابات برلمانية مبكرة إذا فاز بأقل من 43 بالمئة من الأصوات في انتخابات السبت. وانسحب “الحلم الجورجي” من الاتفاق في يوليو، لكن بروكسل وواشنطن حضتا حكومة البلد الساعي للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي إلى تطبيق الاتفاق الذي نص على إصلاحات سياسية وقضائية واسعة.
ويصر ساكاشفيلي على أن الاتفاق لا يزال ساريا، مشيرا إلى أن الانتخابات تعد “استفتاء على إزاحة إيفانيشفيلي من السلطة”. وفي وقت تتفاقم مخاوف الغرب حيال مدى ديمقراطية نهج “الحلم الجورجي”، ألمحت واشنطن إلى احتمال فرض عقوبات على مسؤولين في الحزب الجورجي الحاكم.