الحياة بين جرح وشفاء: فلسفة العبور
بـقلم : قــوت الـشمري
الحياة ليست سوى مسرح كبير، يمتلئ بمشاهد متناقضة، تتوالى فصولها بلا استئذان. نعيش بين ألم وفرح، بين سقوط ونهوض، كأنها معركة أبدية، ينهزم فيها الضعيف ويعلو القوي، ثم ينقلب الحال فجأة، ليجد كل واحد منا دوره الجديد في مسرح الأحداث.
نحن البشر معرضون لكل شيء، لا شيء يُستثنى: المرض يتسلل إلينا كضيف ثقيل لكنه يرحل في النهاية، والجرح الذي يُغرقنا في شعور بالعجز يلتئم ولو ببطء، والغربة التي تكسر الروح تظل تشتعل بشوق للأهل والأحباب، لكنها في النهاية تعلمنا قيمة اللقاء. أما الخذلان، فهو أعظم المعلمين، يكشف زيف الأقنعة ويزرع فينا قوة لا تُقهر.
إنها طبيعة الحياة، لا تميز بين قوي وضعيف، بين غني وفقير، تسلبك حينًا وتمنحك حينًا آخر، وكل ذلك دون أن تشرح أسبابها أو تبرر أفعالها. لكنها، في عمق قسوتها، تقدم أعظم دروسها: أن كل شيء مؤقت.
فكيف نعيش هذا المؤقت؟
قد تكون الإجابة في “الرفيق” في رحلة العمر التي تطويها الأيام، يبقى الأهم هو من تسير معه في هذا الطريق الملتوي
ليس من يشاركك لحظات الفرح فقط، بل من يحمل معك ثقل الحزن، ومن يصارع معك تقلبات الزمن دون أن يهرب أو يتوارى !
من يتعامل مع أخطاءك بوعي ، ويحاول ترميم تصدعات العلاقة ، حتى لو كان الطرف الأخر لا يملك
الرفيق الحقيقي هو من يمنحك القوة حين تضعف، من يذكرك أن كل ألم يمر، وأن الحياة ليست سوى مرحلة عبور. ففي نهاية المطاف، لن يبقى سوى الذكرى: ذكرى من مشى بجانبك، من أحبك رغم كل شيء، من رفض أن تكون وحيدًا في معركتك !
الحياة ليست مثالية، لكنها جميلة لأنها مليئة بالتناقضات.
تمامًا كما قال أحد الفلاسفة:
“المعاناة التي لا تقتلنا تجعلنا أقوى ”
فمهما كانت حالتك اليوم، تذكر أن كل ما تواجهه هو جزء من هذه الرحلة. لا تجعل اليأس يسيطر عليك، فالنهار دائمًا يتبع الليل. وكل ما تعانيه الآن سيصبح غدًا مجرد ذكرى تضيف إلى قوتك وحكمتك.