السفير عمرو حلمي: خفض المساهمات المالية الأمريكية يؤكد أن النظام العالمي يبدو أكثر تصدعًا
قال السفير عمرو حلمي، عضو مجلس الشيوخ، إن الكونجرس الأمريكي، صدّق مؤخرًا على خفض الميزانية الفيدرالية بقيمة 9 مليارات دولار، وذلك بناءً على طلب من إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، وقد جاء هذا الإجراء ضمن تشريع يُعرف باسم «قانون الإلغاء» Rescission Bill، ويتضمن أحكامًا لإلغاء أو تعليق أو تجميد التمويل الأمريكي المخصص لعدة برامج داخلية وخارجية، من بينها مساهمات الولايات المتحدة في تمويل الأمم المتحدة ووكالاتها وبرامجها المتخصصة، بالإضافة إلى مهام حفظ السلام التابعة لها.
محلل سعودي: الشعب المصري هو صمام الأمان الحقيقي للعالم العربي
وأضاف «حلمي»، أن استخدام الضغوط المالية ضد الأمم المتحدة ليس جديدًا في السياسة الأمريكية، إلا أن السياق الحالي، الذي يتسم بأزمة مالية عميقة وممتدة داخل المنظمة، يجعل من هذه الخطوة تهديدًا حقيقيًا للنظام الدولي متعدد الأطراف.
وأشار إلى أن القانون ينص على تجميد المساهمات الأمريكية المستقبلية في عدد من أجهزة الأمم المتحدة التي تُعتبر، وفقًا للتقييم الأمريكي، غير فعالة أو مسيّسة أو لا تتماشى مع المصالح القومية للولايات المتحدة، كما يشترط القانون ربط أي تمويل مستقبلي بمعايير تتعلق بالأداء، والشفافية، ومدى التوافق مع السياسات الخارجية الأمريكية، ويأتي هذا التوجه ضمن تحول أوسع في السياسة الخارجية الأمريكية نحو ما يُعرف بـ«الانعزالية الانتقائية»، التي تسعى إلى تقليص الالتزامات الأمريكية الدولية وإعادة تركيز النفوذ من خلال أدوات الضغط المالي والسياسي، ويجسد هذا المسار منطق «أمريكا أولًا»، الذي يضع المصالح الوطنية فوق الالتزامات الدولية متعددة الأطراف، خاصة عندما لا تخدم هذه الالتزامات أولويات واشنطن الاستراتيجية.
وأكد أنه في حال تطبيق القانون بشكل كامل، يُتوقع أن تواجه الأمم المتحدة تحديات خطيرة، تشمل تسريح عدد كبير من الكوادر في أجهزتها، خاصة في مجالات التنمية وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى توقف شبه كامل لعمليات حفظ السلام في عدد من مناطق النزاع، خاصة في إفريقيا والشرق الأوسط، مما سيزيد من حدة التحديات التي تواجه منظومة الاستجابة العالمية للأزمات.
ولفت السفير عمرو حلمي إلى أن هذا القرار أثار ردود فعل قوية، إذ عبّر الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه العميق من الأثر الفوري للتخفيضات، محذرًا من أنها قد تُعطّل برامج إنسانية حيوية تخدم الملايين، مؤكدا أن المنظمة منفتحة على الإصلاح، لكنها ترفض الإملاءات السياسية التي تمس استقلاليتها، وفي المقابل، أبدت دول أوروبية رئيسية، مثل فرنسا وألمانيا، أسفها لهذا القرار واعتبرته ضارًا بمبدأ التعددية، داعية إلى حوار جاد لإصلاح المنظمة دون اللجوء إلى الضغوط المالية.
