السوريون يرحبون بالاتفاق مع الأكراد رغم الغموض الذي يحيط به

0

 

شكل توقيع الاتفاق بين أحمد الشرع ومظلوم عبدي مفاجأة لدى كثيرين، ما السبب برأيك؟
سيدريك لابروس: الأمر مفاجئ من ناحية، إذ لم تكن هناك إشارات تدل على أن الاتفاق سيوقع. لكنه ليس مفاجئا من ناحية أخرى، لأن المفاوضات استمرت لمدة ثلاثة أشهر وكانت مثمرة حتى وإن لم تحظَ بتغطية إعلامية واسعة. إضافة لذلك، نحن على بعد أيام من الذكرى 14 للثورة السورية، الأولى من دون الأسد.

لذا كان من المهم سياسيا ومؤسساتيا أن يتم توقيع الاتفاق قبل هذه المناسبة لإعطاء صورة عن بلاد موحدة، خاصة بعد الفظائع التي ارتُكبت في منطقة الساحل بين 6 و8 مارس/آذار (مقتل 1383 مدنيا على الأقل غالبيتهم العظمى من العلويين، حسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الأربعاء في حصيلة جديدة). وبالتالي، فإن توقيع هذا الاتفاق في هذا التوقيت يحمل دلالة رمزية كبيرة.

ما هو دور الولايات المتحدة في توقيع هذا الاتفاق؟هل هو مرتبط برغبتها في تقليص دعمها للأكراد؟
نعم، هناك إدارة أمريكية تسعى إلى إغلاق ملفات، بما في ذلك الملف السوري المستمر منذ أكثر من 14 عاما. والأمر الثاني هو أن دونالد ترامب، أو على الأقل جزءا من فريقه، يروج لفكرة الانسحاب من الساحة السورية.

الهدف إذن هو التحضير للمرحلة التالية وتمكين الأكراد من لعب دور بدون أن تضطر الولايات المتحدة للعودة في حال حدوث مشكلة. الفكرة تتمثل في إيجاد اتفاق رابح يعود بالإيجاب على الجميع. ولا يجب أن ننسى أن واشنطن قد أكدت إبقاء قواتها في العراق المجاور لغاية 2029، ما يعني بأنها لن تكون بعيدة كثيرا عن سوريا.

«القومي للمرأة» ينظم برنامج تدريبي لإدارة وحدات خدمات تنمية وحاضنات الأعمال

ماذا يتضمن الاتفاق؟
هناك حديث عن “اتفاق”، لكن بالنسبة إلي فهي خارطة طريق. نحن أمام إطار يحدد نقاط تم الاتفاق علينا، ومنها: سوريا موحدة، وعلم واحد، والاعتراف بأن أحمد الشرع هو الرئيس، وهو ما أكده مظلوم عبدي في الصحافة المحلية.

هناك تقدم ملموس. لكن عندما نبحث في التفاصيل، لا نجد شيئا. بمعنى أن الاتفاق ينص على أن الأكراد “سينضمون إلى إدارة الدولة”، ولكن بأي شكل؟ كل طرف يفسر ذلك بطريقته.

يقول الأكراد: “سنكون مستقلين داخل الدولة السورية”، بينما يقول المؤيدون المتشددون لأحمد الشرع: “الأكراد سيخضعون للإدارة السورية وسيتم دمجهم، ولكن بدون استقلالية”. هذا الغموض يغذي التشدد لدى الجانبين.

ومع ذلك، فإن هذا الاتفاق يمثل في النهاية خارطة طريق مرحب بها كونها تظهر نضجا سياسيا من قبل الأطراف للجلوس حول الطاولة والقول: “حسنا، في هذه النقاط لدينا رؤية مشتركة، والآن يمكننا المضي قدما”.

لقد رسمت نوعا من أوجه التشابه بين أحمد الشرع ومظلوم عبدي، لماذا؟
صحيح أن حياتهما تسير بشكل متواز. فالمسار الذي خاضه هذان السوريان مثير للاهتمام، حيث وجدا في العراق المحرك الأيديولوجي الذي سيغذي حياتهما القتالية أو السياسية.

حرب التعريفات.. كندا تفرض رسوما جمركية على الواردات الأمريكية ردا على رسوم ترامب

بالنسبة لعبدي، كان ذلك مع حزب العمال الكردستاني، أما الشرع فكان مع تنظيم “القاعدة”. في عام 2011، عاد كلاهما إلى سوريا. أحدهما ضمن القوات الكردية، والآخر لتأسيس جبهة النصرة التي أصبحت لاحقا هيئة تحرير الشام. كلا الرجلين مر بتجربة في الساحة العراقية.

لكن، في الوقت نفسه، هناك اختلاف كبير بينهما؟
تعتبر هذه الصورة مزعجة حتى بالنسبة للعديد من مؤيدي أبو محمد الجولاني الذين كانوا جهاديين متشددين، والذين أعتقد أنهم لم يتخيلوا يوما رؤية صورة لزعيمهم وهو يصافح عضوا سابقا في حزب العمال الكردستاني.

وهذا من شأنه تعميق الفجوة بين السياسة البراغماتية لأحمد الشرع والجهاديين الأكثر تطرفا الذين أوصلوه إلى السلطة، والذين يعتبرون أن ما يُنفذ منذ ثلاثة أشهر ليس على الإطلاق المشروع الذي حاربوا من أجله. وهنا نواجه قضية بالغة الأهمية ومخاطرة كبيرة لسوريا مستقبلا.

هل كان الشرع يحمل هذا المشروع منذ البداية،أم أنه أصبح أكثر براغماتية في مواجهة الواقع على الأرض؟
إنه مشروع طويل الأمد. ليس من أجل تمجيد رجل جاء من “القاعدة”، ولكننا نكتشف أنه سياسي محنك جدا. إنه رجل يخطط جيدا. منذ عام 2021، كان يتواصل مع العلويين، ما سمح له بإنشاء علاقات داخل النظام.

ومن الواضح أنه في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، عندما وصل مسلحو الفصائل إلى حلب، كان هناك انسحاب عسكري شبه كامل. وقد بدأت تظهر معالم تحضير هذا الاتفاق بشكل مبكر.

هل تم حقا توقيع اتفاق آخر مع الدروز في جنوب البلاد؟ هل لديك معلومات عنذلك؟
لدينا فقط النقاط الرئيسية. ومع ذلك، هناك بعض التفاصيل المثيرة للاهتمام، خاصة عندما نعلم أن الشرع قرر في وقت سابق أنه لن يكون هناك حكم ذاتي داخل الأراضي السورية. لكن الواقع يتطلب البراغماتية…

لقد أوكل أحمد الشرع الأمن المحلي، أي قوات الشرطة، إلى القوى الدرزية. بمعنى أن القوات الدرزية ستنضم إلى النظام الأمني في الدولة السورية، ولكن مع نوع من الحكم الذاتي. هذه خطوة جديدة قد توفر مؤشرات لما قد يحدث مع الأكراد في المستقبل.