رئيس وكالة الفضاء المصرية يثمن جهود الإمارات في “مسبار الأمل”
أوضح الدكتور محمد القوصي، الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية، أن الإمارات أصبحت لاعباً جديداً ومهماً في ميدان استكشاف الفضاء، وأن القيادة الإماراتية تسعى نحو تجميع الطاقات العربية في مجال الفضاء، لافتاً إلى أن «مسبار الأمل»
يؤسس لاقتصاد مستدام مبني على المعرفة، كما أن المنطقة العربية في أمس الحاجة إلى التكتل وتوحيد مجهوداتها ورؤاها في هذا الشأن، خاصة أن اقتصادات الفضاء تلعب دوراً متزايداً في ازدهار وتنشيط المجتمعات الحديثة، وتؤثر على نموها
الاقتصادي، وأن أوطاننا تزخر بشباب وعلماء وخبراء يتميزون بالكفاءة، وأنهم يحتاجون فقط إلى توظيف إمكانياتهم بطريقة علمية حديثة.
فترة قصيرة
وأضاف تفصيلياً أن الإمارات انتقلت في فترة وجيزة من مرحلة البدايات إلى مرحلة التصنيع والتميز، وهو ما نراه في مختلف مشروعاتها التي أطلقتها مؤخراً، مثل الأقمار الصناعية، ومختلف مشروعاتها الفضائية النوعية الأخرى، وبمقدمتها برنامج
الإمارات لرواد الفضاء، مشيراً إلى أن الدولة دخلت بشكل رسمي السباق العالمي لاستكشاف الفضاء الخارجي، من خلال إنشاء وكالة الإمارات للفضاء، وبدء العمل على مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، وإرسال أول مسبار عربي وإسلامي إلى كوكب المريخ.
وقال القوصي: إن القيادة الإماراتية الرشيدة تسعى نحو تجميع الطاقات العربية في مجال الفضاء، وذلك عبر تأسيس المجموعة العربية للتعاون الفضائي، وصولاً لإطلاق مشروع القمر الصناعي 813 الذي يعتبر أول مشروع تتعاون فيه الدول
العربية بقيادة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، فيما يأتي ذلك إثر توجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ومنحه المشروع كهدية للمجموعة العربية للتعاون الفضائي في
مؤتمر الفضاء العالمي 2019، بمناسبة التوقيع على ميثاق تأسيس المجموعة العربية للتعاون الفضائي.
اهتمام القيادة
وذكر الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية أن تطور الفضاء في الإمارات خلال هذه المدة البسيطة يدل على مدى الاهتمام الكبير الذي يلقاه هذا القطاع من القيادة، وحرصهم المتنامي على توطين تكنولوجيا الفضاء على يد فريق إماراتي شاب من
كوادره الوطنية، يعتمد أفراده على مهاراتهم وإمكاناتهم، والتي أتاحت لهم اكتساب جميع المعارف ذات الصلة بعلوم استكشاف الفضاء وتطبيقاتها.
وتابع أن اهتمام المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، بعلوم الفضاء والفلك، كان من شأنه أن أوجد
خططاً مستقبلية ورؤية استشرافية للدولة، ساعدتها على إطلاق العديد من مشروعاتها وإيجاد المؤسسات المتخصصة المعنية لإدارة هذا القطاع المهم، معتبراً أن كل ما نراه اليوم من إنجازات وضع أساسها المغفور له الشيخ زايد.
اقتصاد معرفي
وأفاد أن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» يؤسس لاقتصاد مستدام مبني على المعرفة وتعزيز التنويع وتشجيع الابتكار، والارتقاء بمكانة الإمارات في سباق الفضاء لتوسيع نطاق الفوائد، وتعزيز جهودها في مجال الاكتشافات
العلمية، وإقامة شراكات دولية في قطاع الفضاء لتعزيز مكانة الدولة، معتبراً المشروع تحدياً كبيراً جداً، تستطيع الإمارات تجاوزه بما تملكه من رؤية وتصميم على تحقيق طموحاتها في هذا الشأن، خاصة أن الدولة تسعى جاهدة لبناء موارد بشرية
إماراتية عالية الكفاءة في مجال تكنولوجيا الفضاء، وتطوير المعرفة والأبحاث العلمية والتطبيقات الفضائية التي تعود بالنفع على البشرية.
وبين أن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ يدعم مكانة الإمارات كشريك عالمي في تطوير المعرفة البشرية، ويعزز المساهمة العربية في هذا المجال، ويحول الإمارات والعالم العربي إلى دول منتجة للمعرفة ومشاركة بفعالية في دعم قطاع الفضاء والمجتمع العلمي.
إنجاز كبير
وتطرق القوصي إلى الإنجاز الذي حققه فريق مسبار الإمارات من خلال اختصار تنفيذ المشروع من 10 سنوات وأكثر إلى 6 سنوات فقط، فيما يدل ذلك على المهارات التي اكتسبها الشباب الإماراتي والإدارة الحكيمة، والتي برؤيتها وتوجيهاتها تم
إنجاز المشروع بنصف التكلفة الاعتيادية للمشاريع العلمية الأخرى إلى كوكب المريخ، فضلاً عن صناعة أكثر من 66 قطعة من المسبار محلياً من خلال المصانع الإماراتية، معتبراً أن مسبار الأمل رسالة للجميع، مفادها قدرة الدولة والعالم العربي على إنجاز
مشاريع ضخمة وقفزات علمية مهمة إذا ما توفرت لها الرؤية والثقة بالقدرات والإمكانات والطاقات البشرية، خاصة أن هذا المشروع هو استثمار في المستقبل ومصدر إلهام للشباب بأن لا حدود للإمكانات عند توفر الإرادة والتصميم.
علاقات قوية
ولفت الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية إلى أن العلاقات بين مصر والإمارات على كافة المستويات والقطاعات تعد نموذجاً يحتذى به في العلاقات العربية والإقليمية، وهي علاقات قائمة على روابط أخوية واستراتيجية، امتدت لعقود من
التعاون والتكامل على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لافتاً إلى أحد نماذج هذا التعاون وهو التعاون في مشروع القمر الصناعي 813، فيما تمنى وضمن الخطط المستقبلية للبلدين، زيادة المشاريع الفضائية، وصولاً إلى نقل الخبرات بين البلدين.
تعاون عربي
وأكد أن المنطقة العربية اليوم في أمس الحاجة إلى التكتل وتوحيد مجهوداتها ورؤاها ومشاريعها لتعزيز الأنشطة الفضائية المختلفة ومكافحة التصحر ومتابعة التحديات البيئية والمناخية، وكذلك اللحاق بالركب العالمي في مجال الاستكشاف
الفضائي، حيث يوجد اليوم أكثر من 70 دولة لديها وكالات وبرامج فضائية على مستوى العالم، فضلاً عن أن الدول الأوروبية 22 دولة تشترك جميعها في وكالة فضاء واحدة أوروبية.
مسؤولة عن تنسيق الأنشطة فيما بينها، وهو ما نتمناه أن يصبح لدينا وكالة فضاء عربية توحد خططنا المستقبلية.
وثمن في الوقت ذاته مبادرة الإمارات بتأسيس المجموعة العربية للتعاون الفضائي التي تعتبر نواة لتأسيس تكتل فضائي عربي يخدم المنطقة العربية، وكذلك يوفر حلولاً للتحديات التي تعيشها المنطقة العربية، مبيناً أننا نحتاج في منطقتنا العربية
إلى العمل الجماعي لأن عالم الفضاء مقلق ومخاطره عالية وبرامجه تأخذ وقتاً طويلاً ويتطلب مهارات عالية، وأن أفضل وسيلة لمواجهة هذه التحديات هو العمل الجماعي المنسق بحيث تتكامل القدرات بين الدول العربية لتحقيق أهداف وتطلعات
الشباب العربي، وأنه يجب أن نخطو هذه الخطوات نحو تأسيس عمل عربي منظم مستدام ومتدرج، خاصة أن الشباب العربي والمنطقة تزخر بالكفاءات والعلماء والخبراء، لكنهم يحتاجون إلى توظيف إمكانياتهم بطريقة علمية حديثة.
اقتصادات الفضاء
ونبه القوصي إلى أن اقتصادات الفضاء تلعب دوراً متزايداً في ازدهار وتنشيط المجتمعات الحديثة، وتؤثر على نموها الاقتصادي وتطورها استراتيجياً بفضل الاستخدام المكثف لتكنولوجيا الفضاء، خاصةً الأقمار الصناعية في مجالات الملاحة الجوية والبحرية،
والاتصالات، واستكشاف الموارد الأرضية، والاستشعار عن بعد، ومتابعة الأحوال الجوية، كما تؤثر تكنولوجيا الفضاء في مجالات التخطيط الزراعي، وإدارة الكوارث والأزمات، ومراقبة الأرض، وحركة النقل، والتخطيط العمراني الحضري، وهو ما يجعل من كل
هذه الأنشطة مُحركاً للنمو الاقتصادي، فضلاً عن توفير العديد من الوظائف في جميع مراحل الإنتاج الخاصة بالمعدات الفضائية.
وشرح أن برنامج الفضاء المصري الذي وضعته الدولة يهدف لبناء القدرات البشرية والعلمية، والمساعدة في تطوير البنية التحتية والتطوير الصناعي، وبناء أنظمة المهام الفضائية، واستكشاف الفضاء الخارجي، والتعاون مع وكالات الفضاء الأجنبية،
مضيفاً أنه تم الاتفاق بالتنسيق مع الإدارة المركزية للبعثات على تدريب 50 من طلاب السنة النهائية بتخصصات (الهندسة، علوم الفلك، والحاسبات والمعلومات) في عدد من المؤسسات الفضائية الدولية.
برنامج مصري
وتابع أنه من ناحية أخرى تم إطلاق الأقمار كيوب سات 1 و2 بهدف تنمية القدرات البشرية، مع الاستمرار العمل على مشروع (مصر- سات 2)، والذي يهدف إلى تصميم وتصنيع وإطلاق قمر صناعي مصري يحمل كاميرا عالية الدقة لتصوير الأرض.
فضلاً عن مشروع (القمر التجريبي -1) والذي يهدف إلى تصميم وتصنيع وإطلاق قمر صناعي مصري يحمل عدد 2 كاميرا عالية الدقة لتصوير الأرض، والذي سوف يتم إطلاقه في ديسمبر العام الجاري.
وقال إنه وفي إطار الاتفاقات الداخلية، عقدت وكالة الفضاء المصرية اتفاقيات تعاون مع 4 جامعات مصرية في مشروعات مشتركة لإنشاء مركز تميز فضائي.
كما عقدت الوكالة اتفاقاً مع أكاديمية البحث العلمي للمساهمة في تنفيذ 35 قمراً تعليمياً من نوعية الكيوب سات للجامعات في إطار أنشطة برنامج الفضاء الوطني لتوسيع المساعدة الأكاديمية لعلوم وتكنولوجيا الفضاء.
وأردف أن الوكالة تعمل الآن في الانتهاء من مبنى التجميع والاختبار للأقمار الصناعية، كما يجري تجهيز مبنى وكالة الفضاء الأفريقية وفقاً لأجندة إفريقيا 2063، فيما يعكس ذلك اهتمام القيادة المصرية بمجال الفضاء وتوطينه في مصر والوطن العربي والأفريقي.