المشروع القومي للنسيج… من حقول القطن إلى رفوف أوروبا
كتبت سمر سيد
في خطوة تعد من أكبر التحولات الصناعية في تاريخ مصر الحديث، يشهد قطاع الغزل والنسيج طفرة غير مسبوقة ضمن مشروع قومي ضخم أطلقته الدولة تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، باستثمارات تصل إلى 56 مليار جنيه. يهدف المشروع إلى إحياء شعار “صُنع في مصر” عبر إنشاء وتطوير عشرات المصانع المجهزة بأحدث التكنولوجيا العالمية، مع خطة شاملة تشمل إعادة هيكلة الشركات ودمجها، وزراعة القطن قصير التيلة، وتحديث سلاسل التوريد.
المحلة الكبرى، القلعة التاريخية لصناعة النسيج، تعود لتتصدر المشهد بإنشاء مجمعات صناعية عملاقة، على رأسها مصنع “غزل 1” الذي يعد الأكبر من نوعه عالميًا بمساحة 62 ألف متر، وطاقته الإنتاجية المستهدفة 30 طنًا يوميًا من الخيوط الرفيعة. إلى جانبه، يعمل مصنع “غزل 4” بطاقة 15 طنًا يوميًا، فيما يستعد أكبر مصنع نسيج في مصر لبدء التشغيل التجريبي في سبتمبر المقبل بطاقة إنتاجية 143 ألف متر قماش و37 طن وبرة يوميًا.
تؤكد الحكومة أن هذا التطوير ليس مجرد تحديث للبنية التحتية، بل خطة متكاملة لدعم الاقتصاد الوطني وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات المصرية في الأسواق العالمية، خاصة في ظل اعتماد صناعة الغزل والنسيج على العمالة الكثيفة. ومن المتوقع أن تصل صادرات القطاع إلى أكثر من 1.5 مليار دولار سنويًا في المرحلة الأولى، مع خفض واردات الأقمشة والملابس بقيمة قد تصل إلى 2 مليار دولار.
ويشهد المشروع تعاونًا دوليًا بارزًا، حيث لعبت شركة “ريتر” السويسرية، عبر وكيلها في مصر، دورًا محوريًا في توريد أحدث ماكينات الغزل، وهو ما أشار إليه السفير السويسري بالقاهرة الدكتور أندرياس باوم، مؤكدًا عمق العلاقات بين البلدين في هذا المجال.
على مستوى الإنتاج، من المستهدف أن تحقق المصانع الجديدة نحو 188 ألف طن من الغزول، و198 مليون متر من النسيج، و15 ألف طن من الوبريات، إلى جانب 50 مليون قطعة ملابس سنويًا، ما يرفع عوائد الصادرات إلى 2.5 مليار دولار. كما ستخصص نسبة لا تقل عن 70% من الإنتاج للتصدير، مع التركيز على الأسواق الأوروبية التي تشتهر بمتطلباتها العالية من حيث الجودة.
المشروع، الذي اكتمل تشغيل أجزاء كبيرة منه في المحلة وكفر الدوار ودمياط، يتقدم بخطوات ثابتة نحو إنجاز كامل بحلول عام 2026، ليعيد لمصر مكانتها كواحدة من أهم مراكز صناعة الغزل والنسيج في العالم، ويفتح الباب أمام حقبة جديدة من النمو الصناعي وجذب الاستثمارات.


