المغرب يدعو للحوار مع دول أفريقية تمر بمرحلة انتقالية

5

البعد الأفريقي يحظى بمكانة مركزية في السياسة الخارجية للمملكة المغربية جعلها تكتسب سمعة جيدة على صعيد القارة.

الرباط – دعا المغرب الذي يرأس مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي لشهر مارس، في إطار إعادة توجيه الحوار نحو التنمية والاستقرار الإقليمي، إلى تفعيل المادة 8 – الفقرة 11، التي تنص على إجراء مشاورات غير رسمية مع الأطراف المعنية بوضع يبحثه المجلس، كلما لزم الأمر، وذلك مع ست دول أفريقية تمر بمراحل انتقالية، من خلال تعزيز الحوار معها والاستماع إليها واستكشاف أفضل السبل لعودتها إلى النظام الدستوري، وبالتالي تمهيد الطريق لإعادة إدماجها الكامل في منظمتنا القارية.

وأكد السفير الممثل الدائم للمملكة لدى الاتحاد الأفريقي واللجنة الاقتصادية لأفريقيا محمد عروشي، الذي ترأس اجتماعا افتراضيا لمجلس السلم والأمن خصص لهذه المشاورات، الثلاثاء بأديس أبابا، أنه “بإحساس عميق بالمسؤولية والتزام راسخ لصالح وحدة وسلم واستقرار وتقدم قارتنا العزيزة، دعت المملكة المغربية إلى هذه المشاورات غير الرسمية مع أشقائنا من بوركينا فاسو والغابون وغينيا ومالي والنيجر والسودان.”

وأوضح المسؤول الدبلوماسي أن “هذه المشاورات تندرج بالكامل ضمن ولاية مجلس السلم والأمن، ومن خلال تنفيذ هذا البند الأساسي من البروتوكول، ستتيح لنا بالتالي فرصة التطرق، بصراحة تامة وبروح بناءة، إلى تحديات وتوقعات هذه البلدان الشقيقة، مع الأخذ في الاعتبار واقعها وخصوصياتها الوطنية والدينامكيات الإقليمية”.

ويحظى البعد الأفريقي بمكانة مركزية في السياسة الخارجية للمملكة المغربية، جعلها تكتسب سمعة جيدة على صعيد القارة وبالخصوص دول غرب أفريقيا والساحل والصحراء، حيث بقيت العلاقات بين المغرب وبعض البلدان التي تغيرت فيها الأنظمة جيدة ومتواصلة، نتيجة إستراتيجية تبناها المغرب ترتكز أساسا على التعاون والتضامن ومراعاة المصلحة المشتركة في إطار جنوب ـ جنوب.

وفي سياق متصل أكد مؤتمر رؤساء الدول والحكومات للاتحاد الأفريقي مؤخرا، على تقرير مجلس السلم والأمن للاتحاد الأفريقي حول تنفيذ خارطة الطريق الرئيسية للاتحاد بشأن التدابير العملية لإسكات الأسلحة في أفريقيا، وتشير الفقرة الـ9 منه إلى إعلان طنجة عن “تشجيع الدول الأعضاء على اعتماد نهج شامل يجمع بين جميع الجهات الفاعلة الحكومية والمجتمعية، يقوم على العلاقة بين السلام والأمن والتنمية، كما هو منصوص عليه في إعلان طنجة، لتطوير مشاريع مترابطة من أجل العمل بشكل ملموس على مواكبة البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية”.

وأفاد خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية، بأن “دعوة المغرب إلى مواكبة البلدان الأفريقية التي تمر بمرحلة انتقال سياسي عبر المقاربة متعددة الأبعاد للسلم والأمن والتنمية، تتماشى مع ما نسجه المغرب مع الدول الأفريقية مع احترام الخصوصيات، والتغييرات السياسية التي تقع في هذه الدول، وأن هذه الأنظمة السياسية تأتي مضغوطة بهواجس ذات طبيعية تنموية، والمغرب يقدم هذه الحلول للدول، وإن كانت أنظمتها في أي اتجاه.”

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “منذ عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي وهو يدعم المشاريع التي تدمج مجموعة من الدول الأفريقية بصفة متكاملة، لأن التكامل يؤدي إلى السلم والتعاون بين هذه الدول كما هو الحال بالنسبة لمبادرة الأطلسي التي ستسفيد منها الدول التي تدافع عن إعادة إدماجها داخل الاتحاد، ومشروع أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا والمغرب الذي سيمر عبر مجموعة من الدول الأفريقية، وسيساهم في تنمية تلك الدول طاقيا، وما يستتبع ذلك على المستوى الزراعي والمستويات المنعكسة على الجانب الاجتماعي والتنموي والإنساني”.

وتتطلع دول مالي وبوركينا فاسو والنيجر الآن إلى تشكيل اتحاد كونفدرالي سياسي واقتصادي بهدف إحلال الأمن والاستقرار المطلوبين بشدة، ما دفع سفير المغرب إلى التأكيد على ضرورة عدم ترك هذه البلدان في عزلة في أوقات الأزمات، وذلك بروح من التضامن والتعاطف.

وترسيخا للحوار مع مؤسسات الاتحاد الأفريقي وتحديد سبل التقارب وتعزيز التعاون بين البلدان الأفريقية من أجل سلام واستقرار دائمين، يقول عروشي “إن عملنا الجماعي تجاه إخواننا الذين يمرون بمرحلة انتقالية يجب أن يسترشد بمقاربة متعددة الأبعاد، ترتكز على التعاون والتضامن، من أجل تحديد حلول دائمة وملائمة للسياقات الخاصة لكل بلد”، مشيرا إلى أن “هذا الاجتماع يمثل خطوة مهمة إلى الأمام نحو إيجاد حلول منسقة ودائمة خدمة للسلم والاستقرار والتقدم في أفريقيا.”

وترتبط هذه الدعوة برؤية المغرب لمستقبل القارة انطلاقا من إستراتيجية التعاون جنوب – جنوب، وتعزيز علاقاته مع دول منطقة الساحل والصحراء، حيث أعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس في نوفمبر 2023 عن مبادرة لمساعدة بلدان الساحل على الولوج إلى المحيط الأطلسي، مع التركيز على مالي وتشاد والنيجر وبوركينا فاسو، وترمي المبادرة الأطلسية للمغرب إلى المساهمة في تثبيت دعائم الاستقرار السياسي بالمنطقة.

 

الجامعة العربية تدعو لتقديم الدعم المالي والسياسي لخطة إعمار غزة.