«بايدن» يطوي صفحة عقوبات «ترامب» على المحكمة الجنائية الدولية
أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن رفع العقوبات عن المدعية العامة
للمحكمة الجنائية الدولية، منهيا بذلك حملة غير مسبوقة بدأها
سلفه دونالد ترامب ضد هذه الهيئة القضائية الدولية
وأثارت خلافات حادة مع الحلفاء الأوروبيين الذين تسعى أوسع معهم.
لكن بايدن أكد في الوقت نفسه استمرار معارضة واشنطن للتحقيق في وقائع نسبت إلى “دول غير موقعة” لاتفاق روما
المؤسس للمحكمة التي تتخذ لاهاي مقرا لها ورحبت بقرار بايدن.
وكانت إدارة ترامب التي اتبعت سياسة خارجية سيادية وأحادية، أبدت أقصى حدود من عدم الثقة في المحكمة الجنائية الدولية
التي اصبحت في نظرها رمزا لما تكرهه في التعددية.
وبدفع من مستشار الرئيس السابق لشؤون الأمن القومي جون بولتون ثم وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، فرضت إدارة
ترامب عقوبات على عدد من مسؤولي المحكمة، بما في ذلك المدعية العامة فاتو بنسودا في أيلول/سبتمبر الماضي.
وجاء موقف بومبيو بعدما فتحت المحكمة تحقيقا في معلومات عن جرائم حرب قد يكون ارتكبها عسكريون أميركيون في
أفغانستان، وكذلك فتح تحقيق في جرائم حرب مفترضة في الأراضي الفلسطينية ارتكبتها إسرائيل حليفة الولايات المتحدة
التي ترفض سلطة المحكمة.
وقال بايدن إن “التهديد وفرض عقوبات مالية على المحكمة والعاملين فيها والذين يساعدونها (…) ليس استراتيجية مناسبة أو
فعّالة”.
من جهته، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان أنه “يعارض بشدة” التحركات بشأن افغانستان واسرائيل.
وقال في بيان “نعتقد مع ذلك أن مخاوفنا بشأن هذه القضايا ستتم معالجتها بشكل أفضل من خلال مشاركة مع جميع الأطراف
في عملية المحكمة الجنائية الدولية وليس عبر فرض عقوبات”.
وألغى بايدن أمرا تنفيذيا أصدره ترامب بشأن العقوبات ورفع العقوبات التي فرضت في 2019 على المسؤول في المحكمة
الجنائية الدولية فاكيسو موشوشوكو أيضا وحظر منح تأشيرات لموظفين آخرين في المحكمة.
وستغادر بنسودا منصبها في حزيران/يونيو وسيحل محلها المحامي المدافع عن حقوق الإنسان البريطاني كريم خان الذي
يمكنه الآن بدء عمله من دون خوف من عقوبات.
«بداية مرحلة جديدة»
قالت سيلفيا فيرنانديز دي غورمندي رئيسة “رابطة الدول الأطراف في نظام روما الأساسي” (المحكمة الجنائية الدولية) إنها
تأمل في أن يكون هذا القرار “إشارة إلى بداية مرحلة جديدة في التزامنا المشترك مكافحة الإفلات من العقاب”.
وأشادت فرنسا التي شعرت، كغيرها من الحلفاء الأوروبيين، بالاستياء من قرار ترامب، بالخطوة التي قام بها بايدن.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في بيان إن القرار الأميركي “خبر سار لجميع الملتزمين مكافحة الإفلات من
العقاب، والتعددية والنظام الدولي القائم على سيادة القانون”.
وأشاد بلينكن الجمعة بإصلاحات مشجعة في المحكمة التي خضعت لتحقيقات أيضا لقضايا داخلية من بينها رواتب القضاة.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة دعمت مبادرات قضائية دولية محددة لتأمين مساءلة عن جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية بما في ذلك في البلقان وكمبوديا ورواندا.
وقال بلينكن إن “دعمنا لسيادة القانون وتحقيق العدالة والمساءلة عن الفظائع الجماعية هي مصالح مهمة للأمن القومي
للولايات المتحدة يتم حمايتها وتعزيزها من خلال التعامل مع بقية العالم لمواجهة تحديات اليوم وغدا”.
«استعادة المثل العليا الأميركية»
أعلن بلينكن هذا القرار قبل أيام من اضطرار الإدارة للرد على دعوى قضائية ضد الأمر التنفيذي لترامب رفعتها “مبادرة عدالة
المجتمع المفتوح” التي تعمل على تعزيز حقوق الإنسان والديموقراطية.
ورحب جيمس غولدستون المدير التنفيذي للمبادرة، بقرار بايدن معتبرا أنه “استعادة للمثل العليا للولايات المتحدة”.
وقال إن “للولايات المتحدة تاريخا طويلا في استخدام العقوبات لمعاقبة منتهكي حقوق الإنسان لكن لم يتم استخدام هذه
الأداة من قبل لمعاقبة محكمة مستقلة تسعى لتحقيق العدالة لضحايا الفظائع”.
وأشادت منظمة هيومن رايتس ووتش ببايدن لإنهائه “هذا الاستخدام غير المسبوق والمشوه للعقوبات”، ولطي صفحة
“هجوم ترامب على الحكم العالمي للقانون”.
وأصدر ترامب في الأسابيع الأخيرة من ولايته الرئاسية عفوا عن ثلاثة جنود أميركيين أدينوا بارتكاب جرائم في حربي أفغانستان
والعراق، والتقى بأحدهم في وقت لاحق.
وقال منتقدون إن تدخل ترامب يقوض حجته لفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، وهي أن الولايات المتحدة لديها
نظامها القضائي الخاص القادر على ضمان المساءلة.
والإدارات الديموقراطية أكثر دعما للمحكمة الجنائية الدولية، لكن الولايات المتحدة ما زالت خارج نظام روما الأساسي الذي أنشأ
المحكمة، واحتمال انضمامها ضئيل بسبب المعارضة الشديدة من قبل الجمهوريين.
وقد اصدر الكونغرس الأميركي في 2002 قانونا يجيز استخدام القوة العسكرية لإطلاق سراح أي أميركي، وهذا ما يمنح نظريا،
الرئيس سلطة غزو هولندا، الدولة الحليفة العضو في حلف شمال الأطلسي.