بروتوكولات صهيون .. البرتوكول الثالث
البرتوكول الثالث:
أستطيع اليوم أن أؤكد لكم أننا على مدى خطوات قليلة من هدفنا، ولم تبق الا مسافة قصيرة كي تتم الأفعى الرمزية Sympolic Serpeni[1] ـ شعار شعبنا ـ دورتها ، وحينما تغلق هذه الدائرة سكتوك كل دول أوروبا محصورة فيها بأغلال لا تكسر.
ان كل الموازين[2] البنائية القائمة ستنهار سريعاً، لأننا على الدوام نفقدها توازنها كي نبليها بسرعة أكثر، ونمحق كفايتها.
لقد ظن الأمميون أن هذه الموازين، قد صنعت ولها من القوة ما يكفي، وتوقعوا منها أن تزن الأمور بدقة، ولكن القوامين عليها ـ أي رؤساء الدول كما يقال ـ مرتبكون بخدمهم الذين لا فائدة لهم منهم، مقودون كما هي عادتهم بقوتهم المطلقة على المكيدة والدس بفضل المخاوف السائدة في القصور.
والملك لم تكن له سبل الا قلوب رعاياه، ولهذا لم يستطع أن يحصن نفسه ضد مدبري المكايد والدسائس الطامحين إلى القوة. وقد فصلنا القوة المراقبة عن قوة الجمهور العمياء، فقدت القوتان معاً أهميتهما، لأنهما حين انفصلتا صارتا كأعمى فقد عصاه. ولكي نغري الطامحين إلى القوة بأن يسيئوا استعمال حقوقهم ـ وضعنا القوي: كل واحدة منها ضد غيرها، بأن شجعنا ميولهم التحررية نحو الاستقلال، وقد شجعنا كل مشروع في هذا الاتجاه ووضعنا أسلحة في أيدي كل الأحزاب وجعلنا السلطة هدف كل طموح إلى الرفعة. وقد أقمنا ميادين تشتجر فوقها الحروب الحزبية بلا ضوابط ولا التزامات. وسرعان ما ستنطلق الفوضى، وسيظهر الإفلاس في كل مكان.
لقد مسخ الثرثارون الوقحاء[3] المجالس البرلمانية والادارية مجالس جدلية. والصحفيون الجريئون، وكتاب النشرات Pamphleteers[4] الجسورون يهاجمون القوى الادارية هجوماً مستمراً. وسوف يهييء سوء استعمال السلطة تفتت كل الهيئات لا محالة، وسينهار كل شيء صريعاً تحت ضربات الشعب الهائج.
ان الناس مستعبدون في عرق جباههم للفقر بأسلوب أفظع من قوانين رق الأرض. فمن هذا الرق يستطيعون أن يحرروا أنفسهم بطريقة أو بأخرى، على أنه لا شيء يحررهم من طغيان الفقر المطبق. ولقد حرصنا على أن نقحم حقوقاً للهيئات خيالية محضة، فإن كل ما يسمى “حقوق البشر” لا وجود له الا في المثل التي لا يمكن تطبيقها عملياً. ماذا يفيد عاملاً أجيراً قد حنى العمل الشاق ظهره، وضاق بحظه ـ ان نجد ثرثار حق الكلام، أو يجد صحفي حق نشر أي نوع من التفاهات؟ ماذا ينفع الدستور العمال الاجراء اذا هم لم يظفروا منه بفائدة غير الفضلات التي نطرحها اليهم من موائدنا جزاء اصواتهم لانتخاب وكلائنا؟.
ان الحقوق الشعبية سخرية من الفقير، فإن ضرورات العمل اليومي تقعد به عن الظفر بأي فائدة على شاكلة هذه الحقوق، وكلما لها هو أن تنأى به عن الأجور المحدودة المستمرة، وتجعله يعتمد على الاضرابات والمخدومين والزملاء.
وتحت حمايتنا أباد الرعاع الأرستقراطية التي عضدت الناس وحميتهم لأجل منفعتهم، وهذه المنفعة لا تنفصل عن سعادة الشعب، والان يقع الشعب بعد أن حطم امتيازات الارستقراطية تحت نير الماكرين من المستغلين والأغنياء المحدثين.
اننا نقصد أن نظهر كما لو كنا المحررين للعمال، جئنا لنحررهم من هذا الظلم، حينما ننصحهم بأن يلتحقوا بطبقات جيوشنا من الاشتراكيين والفوضويين والشيوعيين. ونحن على الدوام نتبنى الشيوعية ونحتضنها متظاهرين بأننا نساعد العمال طوعاً لمبدأ الأخوة والمصلحة العامة للانسانية،وهذا ما تبشر به الماسونية الاجتماعية[5].
ان الارستقراطية التي تقاسم الطبقات العاملة عملها ـ قد أفادا أن هذه الطبقات العاملة طيبة الغذاء جيدة الصحة قوية الأجسام، غير أن فائدتنا نحن في ذبول الأمميين وضعفهم. وان قوتنا تكمن في أن يبقى العامل في فقر ومرض دائمين، لأننا بذلك نستبقيه عبداً لارادتنا، ولن يجد فيمن يحيطون به قوة ولا عزماً للوقوف ضدنا. وان الجوع سيخول رأس المال حقوقاً على العامل أكثر مما تستطيع سلطة الحاكم الشرعية أن تخول الأرستقراطية من الحقوق[6].
ونحن نحكم الطوائف باستغلال مشاعر الحسد والبغضاء التي يؤججها الضيق والفقر، وهذه المشاعر هي وسائلنا التي نكتسح بها بعيداً كل من يصدوننا عن سبيلنا[7].
وحينما يأتي أوان تتويج حاكمنا العالمي سنتمسك بهذه الوسائل نفسها، أي نستغل الغوغاء كيما نحطم كل شيء قد يثبت أنه عقبة في طريقنا.
لم يعد الأمميون قادرين على التفكير في مسائل العلم دون مساعدتنا. وهذا هو السبب في أنهم لا يحققون الضرورة الحيوية لأشياء معينة سوف نحتفظ بها حين تبلغ ساعتنا أجلها، أعني أن الصواب وحده بين كل العلوم وأعظمها قدراً هو ما يجب أن يعلم في المدارس، وذلك هو علم حياة الانسان والأحوال الاجتماعية، وكلاهما يستلزم تقسيم العمل، ثم تصنيف الناس فئات وطبقات. وانه لحتم لازم أن يعرف كل إنسان فيما بعد أن المساواة الحقة لا يمكن أن توجد. ومنشأ ذلك اختلاف طبقات أنواع العمل المتباينة. وان من يعملون بأسلوب يضر فئة كاملة لا بد أن تقع عليهم مسؤولية تختلف أمام القانون عن المسؤولية التي تقع على من يرتكبون جريمة لا تؤثر الا في شرفهم الشخصي فحسب.
ان علم الأحوال الاجتماعية الصحيح الذي لا نسلم أسراره للأمميين سيقنع العالم أن الحرف والأشغال يجب أن تحصر في فئات خاصة كي لا تسبب متاعب انسانية تنشأ عن تعليم لا يساير العمل الذي يدعي الأفراد إلى القيام به. واذا ما درس الناس هذا العلم فسيخضعون بمحض ارادتهم للقوى الحاكمة وهيئات الحكومة التي رتبتها. وفي ظل الأحوال الحاضرة للجمهور والمنهج الذي سمحنا له بانتباه ـ يؤمن الجمهور في جهله ايماناً اعمى بالكلمات المطبوعة وبالأوهام الخاطئة التي أوحينا بها إليه كما يجب، وهو يحمل البغضاء لكل الطبقات التي يظن أنها أعلى منه، لانه لا يفهم أهميه كل فئة. وان هذه البغضاء ستصير أشد مضاء حيث تكون الأزمات الاقتصادية عالمية بكل الوسائل الممكنة التي في قبضتنا، وبمساعدة الذهب الذي هو كله في أيدينا. وسنقذف دفعة واحدة إلى الشوارع بجموع جرارة من العمال في أوروبا، ولسوف تقذف هذه الكتل عندئذ بأنفسها الينا في ابتهاج، وتسفك دماء اولئك الذين تحسدهم ـ لغفلتهما ـ منذ الطفولة، وستكون قادرة يومئذ على انتهاب ما لهم من أملاك. انها لن تستطيع ان تضرنا، ولأن لحظة الهجوم ستكون معروفة لدينا، وسنتخذ الاحتياطات لحماية مصالحنا.
لقد اقنعنا الأمميين بأن مذهب التحررية سيؤدي بهم إلى مملكة العقل وسيكون استبدادنا من هذه الطبيعة لانه سيكون في مقام يقمع كل الثورات ويستأصل بالعنف اللازم كل فكرة تحررية من كل الهيئات.
حينما لاحظ الجمهور أنه قد اعطى كل أنواع الحقوق باسم التحرر تصور نفسه أنه السيد، وحاول أن يفرض القوة. وأن الجمهور مثله مثل كل أعمى آخر ـ قد صادف بالضرورة عقبات لا تحصى، ولأنه لم يرغب في الرجوع إلى المنهج السابق وضع عندئذ قوته تحت أقدامنا.
تذكروا الثورة الفرنسية التي نسميها “الكبرى” ان اسرار تنظيمها التمهيدي معروفة لنا جيداً لأنها من صنع أيدينا[8]. ونحن من ذلك الحين نقود الأمم قدماً من خيبة إلى خيبة، حتى انهم سوف يتبرأون منا، لأجل الملك الطاغية من دم صهيون، وهو المالك الذي نعده لحكم العالم. ونحن الآن ـ كقوة دولية ـ فوق المتناول، لأنه لو هاجمتنا احدى الحكومات الأممية لقامت بنصرنا اخريات. إن المسيحيين[9] من الناس في خستهم الفاحشة ليساعدوننا على استقلالنا حينما يخرون راكعين امام القوة، وحينما لا يرثون للضعيف، ولا يرحمون في معالجة الاخطاء، ويتساهلون مع الجرائم، وحينما يرفضون أن يتبينوا متناقضات الحرية، وحينما يكونون صابرين إلى درجة الاستشهاد في تحمل قسوة الاستبداد الفاجر.
إنهم ـ على أيدي دكتاتورييهم الحاليين من رؤساء وزراء ووزراء ـ ليتحملون اساءات كانوا يقتلون من أجل اصغرها عشرين ملكاً، فكيف بيان هذه المسائل؟ ولماذا تكون الجماعات غير منطقية على هذا النحو في نظرها إلى الحوادث؟ السبب هوان المستبدين يقنعون الناس على ايدي وكلائهم بأنهم إذا اساؤوا استعمال سلطتهم ونكبوا الدولة فما اجريت هذه النكبة الا لحكمة سامية، أي التوصل إلى النجاح من اجل الشعب، ومن أجل الاخاء والوحدة والمساواة الدولية.
ومن المؤكد أنهم لا يقولون لهم: ان هذا الاتحاد لا يمكن بلوغه الا تحت حكمنا فحسب، ولهذا نرى الشعب يتهم البريء، ويبريء المجرم، مقتنعاً بأنه يستطيع دائماً ان يفعل ما يشاء. وينشأ عن هذه الحالة العقلية ان الرعاع يحطمون كل تماسك، ويخلقون الفوضى في كل ثنية وكل ركن.
ان كلمة “الحرية” تزج بالمجتمع في نزاع مع كل القوى حتى قوة الطبيعة وقوة الله. وذلك هو السبب في انه يجب علينا ـ حين نستحوذ على السلطة ـ ان نمحق كلمة الحرية من معجم الانسانية باعتبار انها رمز القوة الوحشية الذي يمسخ الشعب حيوانات متعطشة إلى الدماء. ولكن يجب ان نركز في عقولنا ان هذه الحيوانات تستغرق في النوم حينما تشبع من الدم، وفي تلك اللحظة يكون يسيراً علينا ان نسخرها وان نستعبدها. وهذه الحيوانات إذا لم تعط الدم فلن تنام، بل سيقاتل بعضها بعضاً.