بعد قرار لبنان تجريده من سلاحه قبل نهاية العام… ما الذي بقي من ترسانة حزب الله؟
دُمرت ترسانة حزب الله إلى حد كبير خلال حربه الأخيرة مع إسرائيل بعد فتحه جبهة “إسناد” لحركة حماس في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وفيما تتهمه تل أبيب بالسعي لإعادة التسلح، قررت الحكومة اللبنانية الثلاثاء تجريد التنظيم الشيعي الذي تدعمه إيران من سلاحه قبل نهاية العام.
كانت جماعة حزب الله الشيعية، التي يعتزم لبنان تجريدها من سلاحها قبل نهاية العام، تملك ترسانة عسكرية ضخمة دُمرت بشكل كبير خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل.
هل يُضفي الذكاء الاصطناعي الشفافية والمصداقية على الانتخابات المغربية؟
فحتى مع سريان وقف إطلاق النار منذ أكثر من ثمانية أشهر، تتعرض البنية التحتية العسكرية للحزب لضربات تعلن تل أبيب شنها بين الفينة والأخرى، ومؤكدة أن بعضها يستهدف محاولات إعادة ترميم بعض القدرات والمواقع.
فما هي القدرات الحالية لحزب الله؟
كان حزب الله يملك لدى فتحه جبهة من جنوب لبنان في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ضد إسرائيل، دعما لحركة حماس في غزة، ترسانة سلاح ضخمة، ضمت بحسب خبراء، صواريخ بالستية وأخرى مضادة للطائرات والدبابات والسفن، ناهيك عن قذائف مدفعية غير موجهة.
وعملت الجماعة الشيعية، والتي تعد التنظيم اللبناني الوحيد الذي احتفظ بأسلحته بعد انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990)، بعد الحرب المدمرة التي خاضها صيف 2006 ضد الدولة العبرية، على تطوير قدراته العسكرية بشكل كبير.
لكن وفق الخبير العسكري رياض قهوجي فقد “تضررت ترسانة الحزب بشدة، جراء الحرب الأخيرة والضربات الإسرائيلية المتكررة التي استهدفت مستودعات أسلحته”. وخسر “وفق المعلومات الاستخباراتية المتوافرة جزءا كبيرا من ترسانته الثقيلة، لا سيما صواريخه بعيدة المدى”، بحسب قهوجي، تقدر “بنحو سبعين بالمئة من قدراته”.
اقرأ أيضاترسانة حزب الله العسكرية… ما هي أسلحته الجديدة ومدى تأثيرها على أي حرب مع إسرائيل؟
من جانبه، فكك الجيش اللبناني، وفق ما أعلن رئيس الحكومة نواف سلام في يونيو/حزيران، أكثر من 500 موقع عسكري ومستودع أسلحة، في جنوب البلاد، تنفيذا لاتفاق وقف إطلاق النار.
وتشن إسرائيل ضربات شبه يومية تقول إنها تستهدف بنى تحتية للحزب ومستودعات أسلحة وقياديين ناشطين ضدها. وتقول إنها لن تسمح للحزب بإعادة ترميم قدراته العسكرية. وخلال الأسبوع الماضي، شنت سلسلة غارات في جنوب لبنان وشرقه، قال وزير الدفاع يسرائيل كاتس إنها بعضها استهدف “أكبر موقع لإنتاج الصواريخ الدقيقة” للحزب في لبنان.
ومع الإطاحة بالأسد في سوريا المجاورة، خسر الحزب حليفا رئيسيا كان يسهّل نقل أسلحته من داعمته إيران، التي تلقت بدورها ضربة موجعة إثر حرب مع إسرائيل استمرت 12 يوما في يونيو/حزيران.
وأقر حزب الله الذي شكل القوة السياسية الأبرز في لبنان قبل أن تضعفه المواجهة الحرب الأخيرة، بخسارته “طريق الإمداد العسكري عبر سوريا”، بعد وصول السلطة الانتقالية إلى دمشق. وأعلنت السلطات السورية خلال الأشهر القليلة الماضية إحباطها عمليات تهريب شحنات أسلحة إلى لبنان.
ورش لتصنيع صواريخ كاتيوشا
ويعتبر قهوجي أن قدرة حزب الله على “إعادة بناء قدراته العسكرية” باتت “محدودة بشكل كبير”. ومع ذلك، يواصل محاولات “إنتاج بعض الأسلحة محليا، حيث يمتلك ورش تصنيع على الأراضي اللبنانية، ينتج فيها خصوصا الصواريخ من نوع كاتيوشا”.
ووفق خبراء، امتلك الحزب قبل اندلاع الحرب قرابة 150 ألف صاروخ.
ومنذ وقف إطلاق النار، أفاد عدد من المسؤولين الأمنيين عن قيام الجيش اللبناني بتدمير وإغلاق العديد من شبكات الأنفاق التي حفرها حزب الله في الجنوب، خصوصا في المنطقة الحدودية جنوبا.
اقرأ أيضا”نزع سلاح حزب الله”.. هل ما زال لبنان يمتلك هامشا للتفاوض؟
وأعلن الجيش الإسرائيلي مرارا استهدافه أنفاق الحزب.
وخلال الحرب الأخيرة، استخدم حزب الله بكثافة الطائرات المسيرة في هجماته على مواقع عسكرية، قريبة عموما من الحدود وأحيانا أكثر داخل العمق. وأعلن مرارا إرسال مسيرات مفخخة.
وفي أحد تصريحاته، قال الأمين العام السابق للحزب حسن نصرالله، الذي قتل الخريف الماضي بغارات إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية، إن العدد الكبير من الطائرات المسيرة التي يمتلكها الحزب مرده إلى أن جزءا منها مصنوع محليا.
واعترض الجيش اللبناني مؤخرا، وفق قهوجي، حاوية تنقل قطع غيار لطائرات مسيرة صغيرة، كانت في طريقها إلى حزب الله، ما يعد “دليلا واضحا على سعي الحزب لتطوير قدراته” في هذا الصدد.
السلاح الاستراتيجي مقابل الانسحاب الإسرائيلي
ووفق مصدر لبناني مطلع على النقاشات بشأن السلاح، فقد أبدى حزب الله مرونة لناحية استعداده لـ”تسليم سلاحه الاستراتيجي أي الصواريخ بعيدة المدى”، إذا انسحبت إسرائيل من مناطق تقدمت إليها خلال الحرب وسمحت ببدء إعادة إعمار المناطق المهدمة في الجنوب وأوقفت ضرباتها، مقابل احتفاظه “بالسلاح الدفاعي على غرار المسيرات وصواريخ الكورنيت”.
وكان حزب الله قد قال في سبتمبر/أيلول إن عدد مقاتليه يقدّر بنحو مئة ألف عنصر، فيما قدر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية العدد بنصف ذلك تقريبا.
اقرأ أيضاإسرائيل مهدت لهجومها على إيران منذ 2023 عبر تفكيك قدرات القوى الموالية لها كحماس وحزب الله
واستهدفت اسرائيل خلال الحرب الأخيرة التي استمرت لأكثر من عام، أبرز قادة الحزب وعددا كبيرا من كوادره ومقاتليه. وأحصت السلطات مقتل أكثر من 4000 شخص في لبنان، بينهم عدد كبير من مقاتلي الحزب. كما أصيب الآلاف من عناصره بجروح، خصوصا حين أقدمت تل أبيب على تفجير آلاف أجهزة الاتصال (بايجر) وأجهزة اتصال لاسلكية كان يستخدمها الحزب.
وعلى الرغم من وقف إطلاق النار، تواصل الدولة العبرية شن ضربات تستهدف عناصر من الحزب خصوصا في الجنوب، ما أسفر عن مقتل أكثر من 230 شخصا وإصابة قرابة 500 آخرين بجروح، وفق إحصاء نشرته قناة المنار التلفزيونية التابعة للحزب.
