بعد 16 عاماً على اغتيال الحريري: أزمات لبنان تتفاقم

16

16 عاماً، بما فيها من ويلات ومآسٍ وانهيارات ومجازر واغتيالات، لم تكن كافية حتى يجفّ دم رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، لكأنّ استمرار هذا الحضور هو الردّ على كل من أراد لهذه الجريمة المتمادية أن تطوى، ليس صفحة رجل لم

يغبْ، لوهْج الشخصيّة الاستثنائيّة التي جسّدها في لحظات استثنائية من تاريخ لبنان، بل مرحلة تميّزت بالاستقرار.

ومن واقع تلك المرحلة، لا يزال اللبنانيّون يستذكرون مقولته الشهيرة «البلد ماشي»، فيما واقعهم الحالي تنطبق عليه مقولة «البلد مشْ ماشي»، وليعود إلى «سكّة المشي»، يحتاج أولاً إلى حكومة، قبل الانفجار الكبير.

وفي مثل هذا اليوم من عام 2005، ضرب المجرمون ضربتهم واغتالوا الحريري ورفاقه، في جريمة تصلح لتكون مادةً للتدريس في جامعات الإرهاب والاغتيال السياسي، إذْ مرت كلّ هذه السنوات عليها، ولا تزال كأنّها وقعت بالأمس: يعرف الجميع

تفاصيلها، يحفظون كميّة المواد المتفجّرة المستخدمة، نوع الشاحنة ولونها، حجم الحفرة التي خلّفتها وعدد ضحاياها، يتداولون بظروفها السياسيّة التي أتت على لسان قضاة المحكمة الدولية الخاصّة بلبنان أساساً، فيما جاءت الإدانة الفرديّة

لسليم جميل عيّاش لتزيد من قوّتها ووقعها، ولتؤكّد أنّها ارتكِبت على أيدي أعضاء من تنظيم «حزب الله».

14 فبراير.. بين الأمس واليوم

تحلّ ذكرى ذلك اليوم الحزين الذي لا تزال ارتداداته سارية المفعول، دخل لبنان، ومعه العالم العربي، في مرحلة مختلفة تحمل كل سمات الاحتقان المذهبي الذي لا يزال يهدّد بإشعال حريق كبير في المنطقة.

أما داخلياً، فقد بلغت الأخطار ذروتها، وسط انقسام حادّ في الرؤى إلى لبنان الذي يريده كلّ طرف على قياسه، ويحبّه كلّ طرف على طريقته. ولعلّ استعادة رفيق الحريري، في القراءات السياسيّة المتعدّدة، تكون بوضع اللبنانيّين أنفسهم على سكّة

استعادة دولتهم المفقودة وأمنهم المهدّد وبنيانهم الذي يلامس حافة الكارثة الوطنيّة.

ولا تزال الملفّات المتطايرة تملأ الفراغ الحكومي، المستمرّ منذ نحو 4 أشهر، والحياة السياسيّة متوقفة على مبادرة فرنسيّة، تبيّن أنّها تتّكل على جهد لبناني غير متاح للإتيان بحكومة ذات صدقية تتبنّى البرنامج الإصلاحي المفصّل في هذه المبادرة.

وفي محصّلة المشهد الحكومي، انفجرت بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والرئيس المكلّف سعد الحريري، إذْ بعد زيارة الأخير القصر الجمهوري، أول من أمس، وفي ضوء وقائع اللقاء وحيويّة المصادر والتسريبات، ثبت أن لا حكومة في المدى المنظور.