ترامب وإيران.. مفاوضات نووية أم لعبة سياسية؟
في مفارقة دولية غريبة، يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب التلويح بفكرة التفاوض مع إيران حول برنامجها النووي، رغم تاريخه الطويل مع سياسة التصعيد.
تصريحات ترامب الأخيرة، التي أشار فيها إلى أنه بعث برسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، كان مفادها دعوته لطهران للعودة إلى طاولة المفاوضات، قد تثير تساؤلات حول مدى جدية هذه الدعوة، أو ما إذا كانت مجرد مناورة سياسية جديدة في إطار سعيه لترتيب أوراقه في المنطقة.
إيران، التي ترفض بشدة التفاوض تحت وطأة العقوبات الأميركية، لا ترى في عرض ترامب إلا تكتيكًا سياسيًا.
وفي هذا السياق، يقول الباحث في العلاقات الدولية طارق وهبي خلال حديثه لبرنامج التاسعة على سكاي نيوز عربية ان ما يقدمه ترامب هو مجرد مناورة سياسية، ولا أعتقد أن هناك أي احتمال لتوصل واشنطن وطهران إلى اتفاق قريب”. إذ يعتبر وهبي أن السياسة الأميركية تجاه إيران لا تزال ترتبط بشكل وثيق بالضغط الإسرائيلي، وأن واشنطن لا تسعى لتقديم بادرة حسن نية حقيقية لطهران.
إسرائيل والولايات المتحدة تبدآن خطوات عملية لتهجير سكان غزة
في وقت تتأرجح فيه العلاقات الأميركية الإيرانية على حافة الهاوية، تظهر أوروبا كطرف آخر في معادلة الأمن العالمي.
فبينما تسعى واشنطن لتقوية تحالفاتها مع إسرائيل، وتواصل تصعيد الضغط على طهران، تتحرك الدول الأوروبية بسرعة لتعزيز دفاعاتها النووية.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نفسه ألمح إلى ضرورة تطوير مظلة نووية أوروبية، بما يتجاوز الأسلحة الفرنسية والبريطانية لتشمل دول الاتحاد الأوروبي، في إطار دفاع مشترك جديد.
وهبي يشير إلى أن هذا التوجه الأوروبي ليس مجرد رد فعل على تهديدات روسيا، بل أيضًا محاولة لضمان استقلالية دفاعية في ظل انحسار الاعتماد على أميركا: “أوروبا لا يمكنها ضمان استقرارها الأمني في المستقبل إلا إذا كان لديها قدرة نووية مشتركة”.
هل تفتح إيران أبواب التفاوض؟
رغم دعوات ترامب المتجددة للتفاوض، تظل إيران في موقف حذر. فبينما يعرض الرئيس الأميركي العودة إلى طاولة المفاوضات، ترفض طهران التفاوض تحت وطأة العقوبات.
وهبي يعتقد أن هذا التصعيد السياسي له دوافع داخلية أكثر من كونه دعوة حقيقية للسلام: “ترامب يسعى لإظهار نفسه كزعيم ينفذ وعوده، لكنه في النهاية يبحث عن مكاسب سياسية داخلية أكثر من التوصل إلى اتفاق حقيقي مع إيران.
بينما تردد تصريحات السلام من جميع أنحاء العالم، تعمل مصانع الأسلحة على تعزيز قدرتها الإنتاجية في نفس الوقت. هذه المفارقة السياسية تثير القلق من أن العالم قد ينزلق إلى حرب نووية جديدة في ظل تصاعد التوترات بين القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا.
من جهة أخرى، يشير وهبي إلى أن “التناقض بين الخطاب السياسي والفعل العسكري يضعنا أمام مأزق خطير”. فبينما تتزايد الدعوات للسلام، تزداد الاستعدادات للحرب، مما يهدد استقرار المنطقة والعالم.
لعبة شديدة التعقيد
في النهاية، تظل نوايا ترامب تجاه إيران غامضة. هل هي دعوة حقيقية للسلام، أم مجرد تكتيك سياسي آخر؟ بينما تتصارع القوى الكبرى على الملفات النووية، يبقى المشهد الدولي مفتوحًا على جميع الاحتمالات.