تركيز مغربي على الإلكترونيات ضمن خطة تنويع القطاع الصناعي

1

كشف المغرب عزمه على تحقيق تنويع صناعي شامل في إطار إستراتيجيته الاقتصادية، التي تهدف إلى زيادة فاعلية العديد من المجالات، بما فيها التقليدية، مثل الفوسفات، مع الانتقال نحو قطاعات أخرى مثل الإلكترونيات لزيادة الاستثمار، بفضل البنية الرقمية للبلد والحوافز المقدمة للأعمال.

الرباط – تبذل الحكومة المغربية جهودا هذه الفترة في سياق خطط إصلاح الاقتصاد من أجل تحقيق السيادة الصناعية في العديد من المجالات، بما يعطي زخما أكبر للأعمال وتوفير المزيد من فرص العمل للشباب.

وأكد وزير الصناعة والتجارة رياض مزور خلال جلسة برلمانية مؤخرا أن الاهتمام بقطاع الإلكترونيات أضحى اليوم أمرا حتميا نظرا إلى تداخل الإلكترونيات مع مختلف القطاعات الصناعية مثل السيارات والطيران، بهدف ترسيخ هذا المجال والقطاع الصناعي برمته.
صندوق النقد يحذر..رسوم ترامب “خطر كبير”

ولفت في معرض جوابه عن سؤال برلماني كتابي حول الإجراءات المتخذة لتنويع الصناعات المحلية، أن وزارته حرصت في إطار بنك المشاريع، على دعم الإنتاج المحلي من خلال التوقيع على اتفاقية مع كفاءات مغربية.

وتهدف الخطوة إلى إنشاء مجموعة بقيمة 555 مليون درهم (54.3 مليون دولار) لتصنيع الرقائق وتزويد المصنعين المحليين، إضافة إلى دعم استثمار شركة عالمية رائدة في هذا المجال الذي يقدر بنحو 26.9 مليون دولار من أجل توسيع نشاطها في السوق المحلية.

كما ترمي هذه المنظومة، حسب مزور، إلى تشجيع الشركات المحلية على إبرام اتفاقيات مع هذه المجموعة لتزويدها بتلك الأجزاء مع توفير أكثر من ألفي فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.

وكشف الوزير عن جلب استثمارين اثنين في بعض الأجزاء الإلكترونية الدقيقة التي تدخل في صناعة الأفران الكهربائية كالوشيعات الكهرومغناطيسية وأجهزة استشعار الحرارة وأزرار الإشعال والمصابيح باستثمار 20.8 مليون دولار مع توفير 340 فرصة عمل.

وقال إنه “تم إبرام اتفاقيات مع 3 شركات محلية لتزويدها بأجزاء أخرى كالأسلاك الكهربائية والأجزاء البلاستيكية والمطاطية.”

وعرفت صناعة الرقائق في المغرب نموا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، نظرا إلى العديد من العوامل التي أسهمت في ازدهار القطاع.

ومن بين العوامل الاستقرار الاقتصادي والسياسي وتزايد الاعتماد على التكنولوجيا في مختلف المجالات، مع إطلاق الحكومة حزمة من الحوافز الضريبية وقروض ميسرة ومنح، ما أدى إلى نمو الطلب على الرقائق، وشجع المستثمرين على تعزيز وجودهم في السوق.

وتتضمن رؤية المغرب إدخال المزيد من الابتكارات في صناعة أشباه الموصلات، مما يضع البلاد في موقع تنافسي على المستويين الإقليمي والدولي، حيث تم إنشاء مصانع متخصصة في إنتاج الرقائق، ما يساهم في توفير فرص عمل جديدة وتعزيز القدرة الإنتاجية.

وفي السياق ذاته، أشار مزور إلى إبرام اتفاقية مع شركة بوش لتصنيع الأجهزة المنزلية (ثلاجات، مكيفات، تلفزيونات، وغيرها) لتشجيع مورديها من الأجزاء التي تدخل في تركيب هذه الأجهزة على توطين أعمالها في البلد وليكون منصة لتزويد الشركات التابعة لها عبر العالم.

ولحماية الصناعات التي تدخل فيها الشرائح الإلكترونية أكد وزير الصناعة أن “الرسوم الجمركية على بعض الأجهزة الكهرومنزلية الصغيرة ارتفعت إلى 30 في المئة.” وشدد مزور على أن هذه النسبة “كفيلة بحماية المنتج المحلي من منافسة المنتجات المستوردة.”

وتعمل الوزارة ضمن الديناميكية التي تعرفها البلاد في جلب الاستثمار على استقطاب المصنعين العالميين وتشجيع المصنعين المغاربة على إنتاج الأجهزة المذكورة محليا.

ويعتمد المستثمرون في ذلك على الحوافز المتنوعة والتي جاءت في إطار ميثاق الاستثمار أو مواكبتها عن طريق الوكالة الوطنية للمقاولات الصغرى والمتوسطة (وكالة الشركات الصغيرة والمتوسطة).

ووضعت الحكومة إستراتيجيات تهدف إلى تعزيز هذا القطاع الحيوي، في ظل النمو المستمر الذي تشهده صناعة الرقائق الإلكترونية في المغرب، لتعزيز الاقتصاد وجعله أكثر استدامة وابتكارًا.

ولذلك، تم إنشاء مناطق صناعية خاصة بالأنشطة التكنولوجية والإلكترونية، ممّا يوفر بيئة ملائمة لنمو الشركات الصغيرة والكبيرة في هذا المجال.

كما تقدم الحكومة حوافز مالية للمستثمرين، تشمل دعم المشاريع المتعلقة بتصنيع الرقائق الإلكترونية، مما يجذب الشركات الأجنبية والمحلية إلى الاستثمار في المغرب.

وعلاوة على ذلك، تركز الإستراتيجيات الحكومية على تطوير برامج تعليمية وتدريبية متخصصة في مجال علوم الرقائق، سعياً إلى تزويد السوق بمهارات وكفاءات تنافسية.

ويعد معرض جيتكس أفريقيا موروكو، الذي ينظم من قبل وكالة التنمية الرقمية وبرعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، وتحت إشراف وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أكبر فعالية تكنولوجية في القارة.

ويعتبر هذا الحدث ملتقى لعمالقة التكنولوجيا والحكومات والشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة والمبرمجين والمستثمرين والأكاديميين من أجل التعاون المكثف والمتمحور حول النتائج بين القطاعين العام والخاص في أكبر اقتصاد رقمي سيشهده العالم.

ومن شأن جيتكس أفريقيا موروكو أن يشكل أكبر معرض للتكنولوجيا والشركات الناشئة، حيث يتيح هذا اللقاء العالمي الفرصة لإبراز تجربة المغرب في مجال التكنولوجيا العالية والابتكار.

كما أنه يشكل منصة للتركيز على الجهود المبذولة والإنجازات الكبرى للمغرب في سبيل استقطاب مستثمرين في صناعة الرقائق، ومحطة هامة لتطوير قادة التكنولوجيا المستقبليين وتشكيل قاعدة واسعة ليد عاملة خبيرة في مجال الصناعة التكنولوجية.

وأكدت غيثة مزور وزيرة الانتقال الرقمي، أن المغرب يسير بخطوات طموحة في إستراتيجية “المغرب الرقمي 2030″، حيث يعمل على دعم الاقتصاد عن طريق التكنولوجيا والابتكار.

وقالت إن هذه الإستراتيجية “تعتبر قوة دافعة للتحول الاقتصادي والاجتماعي، باعتباره يجمع بين توليد القيمة الاقتصادية المضافة ودعم القطاعات الأخرى كالصناعة والإلكترونيات والخدمات.”

وفي أواخر سبتمبر الماضي أعلن المغرب عن إطلاق هذه الإستراتيجية الطموحة بميزانية تبلغ 1.1 مليار دولار من أجل جني ثمار الطفرة التكنولوجية وتسريع وتيرة الرقمنة نظرا إلى تأثيرها القوي على دعم مسار التنمية الشاملة.

وتهدف الحكومة من البرنامج الذي يستمر حتى العام 2026 إلى تأهيل 100 ألف شاب سنويا في المجال الرقمي عوض 14 ألفا سنة 2022، كما وضعت هدفا لتشغيل 240 ألف شخص في القطاع الرقمي المحلي.

ويتوقع خبراء الاقتصاد أن يواصل قطاع الرقائق الإلكترونية في المغرب نموه المطرد، ما سيسهم في تعزيز الاقتصاد وتحفيز سوق العمل مع توفير بيئة مناسبة للابتكارات التكنولوجية.

وفي إطار تعزيز الاستثمار في القطاع تم تدشين خط إنتاج أشباه الموصلات المخصصة للسيارات الكهربائية في مدينة الدار البيضاء، والذي يستهدف شركات القطاع، بما في ذلك تسلا الأميركية.