تضم مصر والسعودية و13 دولة إسلامية.. نائب الرئيس الإيراني يطرح مبادرة «ثورية» (تفاصيل)
بينما تشهد منطقة الشرق الأوسط تحديات أمنية وسياسية متلاحقة، طرح جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني «مبادرة شاملة» لصوغ طور جديد من العلاقات بين بلاده وجيرانها عبر تشكيل «جمعية الحوار الإسلامي لغرب آسيا»، مستعرضا رؤيته لشكل العلاقات الدبلوماسية والأمنية والاقتصادية بين إيران وبلدان عديدة في الأقليم شملت مصر والسعودية وتركيا.
وقال الدبلوماسي الإيراني البارز في مقال نشرته وكالة الإنباء الرسمية «إرنا» إنه يكتب رؤيته ليس كممثل للحكومة الإيرانية إنما بصفته الشخصية، إن تحقيق الاستقرار في «غرب آسيا» يتطلب أكثر من مجرد إدارة الأزمات، أي «مبادرات شجاعة وثورية»، داعيا إلى إنشاء «جمعية الحوار الإسلامي لغرب آسيا» (MWADA) كآلية لتحقيق هذا التحول.
مفاوضات شاملة مع مصر وتركيا والخليج
وأضاف ظريف متناولا شكل العلاقات بين إيران وجيرانها: تدعو خطة المودة تلك جميع الدول الإسلامية المؤثرة في غرب آسيا -بدءا من مصر وإيران، والعراق، الأردن، مرورا بالبحرين والكويت، ولبنان، وعمان، وقطر، ثم وصولا للمملكة العربية السعودية، و(الحكومة المستقبلية) في سوريا، وتركيا، والإمارات العربية المتحدة، واليمن — للمشاركة في مفاوضات شاملة، يمكن لممثلي الأمم المتحدة أيضًا المشاركة فيه.
واعتبر أن المبادرة «ترتكز على القيم السامية لديننا المشترك الإسلام، ومبادئ السيادة ووحدة الأراضي وعدم التدخل والأمن الجماعي».
وأوضح أن الأحرف الأولى من عنوان هذه المبادرة باللغة الإنجليزية MWADA، والتي تسمى «المودة» باللغة العربية- لغة العبادة المشتركة لنا جميعًا -، يجب أن تهدف إلى تعزيز التعايش السلمي والشراكات العادلة.
تعاون أمني ومراقبة جماعية أقليمية
لم يتطرق الدبلوماسي الإيراني إلى علاقة بلاده بالفواعل من غير الدول لكنه أشار إلى أنه «من الأولويات الرئيسية لمشروع المودة التوصل إلى وقف فوري ومستقر ودائم لإطلاق النار في غزة ولبنان وسوريا واليمن، لافتا إلى ضرورة «إبرام اتفاقية عدم الاعتداء بين الدول الأعضاء»، إلى جانب المراقبة الجماعية الإقليمية، من شأنه أن يساعد في إضفاء الطابع المؤسسي على الاستقرار وحماية المنطقة من التدخل الأجنبي والتوترات الداخلية.
تكامل اقتصادي
وتطرق ظريف للعلاقات الاقتصادية مع البلدان ذاتها طارحا إنشاء «صندوق المودة للتنمية» بهدف «التكامل الاقتصادي» بينها كجزء أساسي في منظور مشروع «المودة»؛ نظرًا لشبكات التجارة المتناثرة، والإهمال في تطوير الأعمال المصرفية وآليات الدفع بين بلدان المنطقة، والمنافسات السياسية والاعتماد الكبير على الأسواق الخارجية، مؤكدا أن المنطقة تعاني نقصاً في الاعتماد المتبادل يمول مشاريع البنية التحتية الأساسية، خاصة في المناطق المتضررة من الصراعات.
وحول الملف السوري قال ظربف إن «سوريا بعد الأسد تمثل تحديا كبيرا لنا جميعا مؤكدا أن العدوان الإسرائيلي الجامح الذي يتجاهل السيادة السورية، والتدخلات الأجنبية التي تهدد سلامة الأراضي السورية، ومشاهد العنف والفظائع المروعة التي تذكرنا بوحشية داعش، والعنف العرقي والديني الذي قد يؤدي إلى حرب أهلية واسعة النطاق، كلها أمور تتطلب الاهتمام الفوري من اعضاء مشروع المودة».
وأضاف أن «إصلاحات الحكم في سوريا- كشرط أساسي لتلقي المساعدات الاقتصادية- ستعزز مبدأ المساءلة وتضع الأساس لدولة آمنة ومستقرة حيث يمكن للنساء والأقليات أن تزدهر».
كما تطرق لحل القضية الفلسطينية وضرورة إعطاءها الأولوية ودعم الحلول العادلة التي تحترم بالكامل تطلعات الشعب الفلسطيني، وهذا لا يشمل الحلول السياسية فحسب، بل يتطلب أيضًا توفير الفرص الاقتصادية والاعتراف بحقوق الفلسطينيين غير القابلة للتصرف.
أمن الطاقة والملاحة
قال ظريف إن مشروع «المودة» سيكون بمثابة تربة خصبة لبرامج البنية التحتية؛ من النقل إلى خطوط الطاقة وشبكات الاتصالات والعمل على تسهيل حركة البضائع وإتاحة تبادل الطاقة والمعلومات والخدمات مؤكدا وجوب إدراك أن مفهوم الاستقلال يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمكانة أي دولة في سلسلة القيمة المضافة العالمية، مشددا على أن ضمان أمن الطاقة يعد إحدى الركائز الأساسية للتعاون الإقليمي.
كما لفت إلى أن المبادرة تعد حجر الأساس لتعاون إقليمي جديد في مجال حرية الملاحة من خلال إنشاء دوريات أمنية بحرية مشتركة لكون المنطقة (غرب آسيا) هي المعبر الرئيسي للممرات المائية الاستراتيجية في العالم، بما في ذلك مضيق هرمز، وقناة السويس، ومضيق باب المندب.
الخليج العربي وإحياء «خطة هرمز للسلام»
وأكد جواد ظريف ضرورة إحياء «خطة هرمز للسلام (الأمل)» التي اقترحتها إيران قبل أكثر من 5 سنوات، كمثال بارز للمبادرة الإقليمية التي تهدف إلى تعزيز السلام والاستقرار بين دول منطقة هرمز والبناء على التقدم الكبير في العلاقات بين إيران والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
وأشار إلى أن التعاون بين إيران والمملكة العربية السعودية – باعتبارهما قوتين مؤثرتين في المنطقة – سيلعب دوراً أساسياً في هذا الاتجاه.
ودون أن يوضح أنه يقصد ملف إيران النتووي أم لا، أضاف ظريف أن الجهود الرامية إلى إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة الإيرانية هي العناصر الأساسية لهذه الرؤية.
وقال ظريف إن «الاعتقاد السائد بأن إيران فقدت ذراعها في المنطقة يعود إلى الافتراض الخاطئ بأن إيران كانت لها علاقات بالنيابة مع قوى المقاومة لكن جذور المقاومة تكمن في احتلال إسرائيل للأراضي العربية، وتدنيسها الأماكن الإسلامية المقدسة، ومضيها قدما في الفصل العنصري، والإبادة الجماعية، والعدوان المستمر على جيرانها مؤكدا أن المقاومة موجودة قبل الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، وسوف تستمر ما دامت أسبابها الجذرية قائمة فيما حاولات نسبها إلى إيران ستمنع أي حل حقيقي».
ظريف يتطرق لـ«أخطاء إيران»
وتابع في مبادرته المطولة: «كما هو الحال مع جميع الدول، واجهت إيران أيضًا تحدياتها وأخطاءها»، معتبرا أن الشعب الإيراني، الذي تحمل الكثير من المصاعب بالتضحية بذاته، مستعد الآن لاتخاذ خطوات شجاعة بتصميم حازم وثقة بالنفس.
وأردف: «إن هذا التحول من منظور موجه نحو التهديد إلى نهج موجه نحو الفرص يتماشى تمامًا مع المنظور الذي طرحه رئيس الجمهورية بزشكيان (وأنا شخصيا) في الحملة الانتخابية الصيف الماضي في إيران».
«فرصة ذهبية للجميع»
اختتم نائب الرئيس الإيراني بأن مشروع «المودة» فرصة ذهبية يجب على الجحميع اغتنامها لمواجهة التحديات وإعادة تصور المنطقةـ ليس كساحة معركة للمصالح المتضاربة، بل كفضاء للصداقة والتعاطف، على أساس السعي وراء الفرص المشتركة والرفاهية الجماعية إعادة التفكير في صورة المنطقة، وليس كساحة معركة، ولكن كمركز للصداقة والتعاطف.