تطورات سوريا تعمق الانقسام في الساحة الليبية

6

عادت حدة الاستقطاب المحلي والدولي لتقسم الساحة الليبية على خلفية التطورات المتسارعة في سوريا والدور الروسي المرتقب، ومحاولة أوكرانيا الاستفادة من المتغيرات لصالحها انطلاقًا من طرابلس، وترقّب موقف الإدارة الأمريكية الجديدة من .

وأثيرت تساؤلات حول انعكاس تلك التطورات على مبادرات التسوية السياسية للأزمة الليبية، إذ يصب جل التركيز على الأراضي الليبية منذ سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، والترويج لاحتمالية انتقال القواعد الروسية إلى هذا البلد المتوسطي.

الوضع الجديد في سوريا.. ما الدور المتوقع لأميركا وأوروبا؟

الوجود الروسي
وبهذا الصدد، قال المستشار السياسي والباحث في العلاقات الروسية الأطلسية، باسل الحاج جاسم، إن بعض التقارير الحديثة تشير إلى أن روسيا بدأت بالفعل في نقل معدات عسكرية متطورة، بما في ذلك أنظمة دفاع جوي، من قواعدها في سوريا إلى ليبيا.

ويعتقد جاسم أن هذه التحركات تهدف إلى تعزيز وجودالعسكري في شمال إفريقيا، بعد سقوط نظام الأسد في سوريا.

وقال جاسم، لـ”إرم نيوز”، إن “المعضلة تكمن في حرية التحرك التي كانت تتمتع بها موسكو في قاعدة طرطوس البحرية، إذ من الصعب تأمينها في ليبيا، إذ إن استخدام ليبيا كنقطة انطلاق نحو إفريقيا سيكون مرهونًا بقيود المجال الجوي لأوروبا”.

وأضاف أن روسيا بحاجة إلى نقطة ارتكاز جنوب حلف الناتو، أمّنتها قاعدة طرطوس البحرية، وفي حال فقدانها، فإن ذلك قد يؤثر على العلاقات التي نسجتها مع دول إفريقية؛ لأن قاعدة طرطوس كانت عنصرًا مهمًّا في إرسال الإمدادات والمعدات إلى الدول الإفريقية.

وزير الخارجية السوري: فتح صفحة جديدة مع الاتحاد الأوروبي

وبالنسبة للكرملين، القضية ليست عسكرية فقط، بل إن الأمر يتعلق باستعادة الثقة بين حلفائه الأفارقة، ومنهم ليبيا، بعدما أثار سقوط النظام السوري العديد من الشكوك حول إمكانية أن يطالهم الدور.

ويخشى مراقبون أن تتحول ليبيا إلى بؤرة صراع دولي جديدة ،بعد أنباء عن قرب توقيع هدنة بين روسيا وأوكرانيا لوقف الحرب، حيث ستجد موسكو في ليبيا الملاذ الآمن لها، ما سيحول الأخيرة إلى بؤرة صراع دولي.

تسوية مريرة
ونقلت شبكة “بلومبيرغ” الأمريكية عن مسؤولين أوكرانيين، قولهم إن “كييف تتجه نحو تسوية مريرة، قد تتنازل فيها عن مساحات شاسعة لموسكو مقابل ضمانات أمنية ووقف الحرب هناك، وأن هذه التسوية ستكون برعاية وموافقة أمريكية، وكذلك حلف شمال الأطلسي”.

وما يعمق ضبابية المشهد، توقيت التقارب الأخير بين طرابلس وكييف، في ظل التوتر الدبلوماسي لقادة ليبيا مع موسكو، وانتقاد رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، في تصريحين له التحركات الروسية.

وشدد الدبيبة على أن “ليبيا لن تكون ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية”.

وأضاف خلال كلمة في افتتاح المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا، المنعقد بطرابلس: “لن نسمح بأن تتحول أراضينا إلى مأوى للعناصر الإرهابية والمجموعة العسكرية الهاربة من بلدانها، ولا أن تستخدم ليبيا كورقة ضغط في أي مفاوضات أو صراعات دولية”.

وفي قلب هذه التطورات الجارية، أوفد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، مبعوثه الخاص لشؤون الشرق الأوسط وإفريقيا بوزارة الخارجية الأوكرانية، مكسيم صبح، إلى طرابلس، حيث أجرى مشاورات سياسية مع المكلف بتسيير شؤون وزارة الخارجية والتعاون الدولي، الطاهر الباعور.

وأعرب المبعوث الخاص عن شكره “لدعم ليبيا للمبادرات الأوكرانية داخل إطار الأمم المتحدة، والتي تهدف إلى حماية وحدة أراضي أوكرانيا”.

كما أعرب عن أمله في تعزيز دور طرابلس الرسمي في الجهود الدولية لتحقيق سلام شامل وعادل ومستدام في أوكرانيا بناءً على صيغة السلام الأوكرانية.

 

ضوء أخضر أمريكي
ويرى محللون بوقوف ضوء أخضر أمريكي وراء تعزيز العلاقات بين كييف وطرابلس، بهدف تضييق الخناق على الوجود الروسي في الأراضي الليبية، بناء على خبرة أمريكا في “العداء” ضد موسكو.

وفي الأثناء يسود ترقب لموقف واشنطن من الملف الليبي، ويقول المحلل السياسي إسلام الحاجي، إن “الجميع ينتظر تسلم الرئيس المنتخب دونالدالسلطة؛ لأن الملف الليبي مرتبط ارتباطًا وثيقًا بما سيقرره، وبما ستجريه إدارته الجديدة من توافقات”.

وأكد الحاجي، لـ”إرم نيوز”، وجود اتفاق غير علني بعدم منح أي تنازلات أو مرونة في التعاطي مع عدة أزمات دولية، وتجميد كل القضايا حتى القضية الليبية، إلى حين استلام ترامب السلطة رسميًّا.

وتوقّع الحاجي عدم تقديم أولوية لليبيا في المئة يوم الأولى من رئاسة ترامب، وأن يطرح الملف الليبي للنقاش ما بين شهري أبريل/ نيسان ويوليو/ تموز المقبلين.

ولفت إلى الضغوط الممارسة على القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية إلى ليبيا، ستيفاني خوري، حيث عدم اعتراف روسيا بها كمندوبة أممية، وعدِّها مندوبة لأمريكا، ما يجعل أي تسوية سياسية بعيدة المنال.