تفاصيل فعاليات الجولة الثالثة من الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن
انتهت فعاليات الجولة الثالثة، من “الحوار الاستراتيجي”، بين “بغداد” وواشنطن”، أمس الأربعاء،
إلى عدة تأكيدات وتوضيحات من كلا الطرفين في بيان الحوار الختامي، الذي كان من أبرزها تعهد
أميركي بتمويل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق في إجراء انتخاباته المقبلة في تشرين
أول/أكتوبر 2021، وإلتزام “العراق” بحماية البعثات الدبلوماسية وقوات “التحالف الدولي”، مع
تأكيد “واشنطن” على جدولة سحب قواتها من الأراضي العراقية.
وجاء نص البيان كالتالي:
“ترأس وزير الخارجية العراقي الدكتور فؤاد حسين، رئيس وفد جمهورية العراق، ووزير خارجية
الولايات المتحدة، أنتوني بلينكن، رئيس وفد الولايات المتحدة، اجتماعا للجنة التنسيقية العليا
، اليوم عبر الفيديو، وفقًا لاتفاقية الإطار الاستراتيجي لعام 2008 لعلاقة الصداقة والتعاون بين
الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية العراق. جدّد الجانبان التأكيد على علاقتهما الثنائية الوطيدة
، والتي تعود بالنفع على الشعبين الأمريكي والعراقي. وتناولت المناقشات قضايا الأمن ومكافحة
الإرهاب، والاقتصاد والطاقة والبيئة، والمسائل السياسية، والعلاقات الثقافية. وضمّ الوفد العراقي
ممثلين عن حكومة إقليم كردستان.
وجدد الوفدان التأكيد على المبادئ التي اتفق عليها البلدان في اتفاقية الإطار الاستراتيجي.
وجدّدت الولايات المتحدة من جديد احترامها لسيادة العراق وسلامة أراضيه والقرارات ذات
الصلة الصادرة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية العراقية.
جائحة كوفيد-19
إدراكًا من الولايات المتحدة والعراق للصعوبات التي سبّبتها جائحة كوفيد-19 وما نتج عنها من
ركود اقتصادي عالمي، فقد أعاد الوفدان تأكيد شراكتهما الاقتصادية القوية. وأثنت الولايات
المتحدة على الخطوات الأخيرة التي قام بها العراق، بما في ذلك الانضمام إلى اتفاقية نيويورك
للاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وإدخال نظام التأشيرات عند الوصول لتعزيز التجارة الدولية
والاستثمار الأجنبي. ويعتزم كلا البلدين العمل معًا بشكل وثيق، حيث يلتزم العراق بتنفيذ
إصلاحات اقتصادية من أجل تنويع اقتصاده وتحسين مناخ الأعمال والمساعدة في إنشاء قطاع
خاص أكثر حيوية. وفي هذا المضمار، أكّد الوفد الأمريكي مجددًا أنه يمكن للشركات الأمريكية
المساعدة في هذا التنويع من خلال الاستثمار في المشاريع التي من شأنها خلق فرص
العمل وتحسين الخدمات العامة والمساعدة في تطوير موارد الطاقة في البلاد.
كما ناقش البلدان زيادة التعاون لمكافحة جائحة كوفيد-19وإدارة الموارد المائية، وقد أسهمت
الحكومة الأمريكية بتوفير التمويل اللازم لتجديد مختبرات الصحة العامة العراقية وتجهيزها
، وتبرّعت بمعدات اختبار كوفيد ومعدات الحماية الشخصية من كمّامات وواقيات وغيرها؛ كما
قامت بتدريب علماء الأوبئة العراقيين على تحديد حالات تفشي المرض الحالية والمستقبلية
والاستجابة لها.
قطاع الطاقة
وأعربت الولايات المتحدة عن دعمها لجهود العراق لإصلاح قطاع الطاقة كي يتمكن مواطنوه
من الحصول على الكهرباء بأسعار أرخص، ويمكن الاعتماد عليها أكثر، فتقلّ حالات انقطاع الطاقة.
وأكّد البلدان دعمهما لتنويع مصادر الطاقة في العراق من خلال بناء علاقات أوثق مع جيرانه
في الأردن وفي دول مجلس التعاون الخليجي، ومن خلال المضي قدما في مشاريع ربط الشبكة
الكهربائية.
وأشار العراق والولايات المتحدة إلى نيتّهما المشتركة معالجة حالة الطوارئ المناخية والعمل
معًا لتعزيز الطاقة النظيفة ومكافحة تغير المناخ، بما في ذلك من خلال العمل مع القطاع الخاص
في الولايات المتحدة، ومن خلال تنفيذ المشاريع التي تعزّز تنمية الطاقة النظيفة وتحسّن توليد
الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية وتوفير الطاقة، والاستفادة من الغاز العراقي المشتعل.
ويجب أن تلعب هذه المشاريع دورا في تحسين مساهمات العراق المحددة وطنياً بموجب اتفاقية
باريس للمناخ، وهو تطورّ يلقى ترحيبا حارا لدى الولايات المتحدة. وناقشت الولايات المتحدة
والعراق التعاون مع الوكالات العلمية الأمريكية في إدارة وحماية بيئة العراق وموارده الطبيعية،
بما في ذلك المياه. ورحّبت الولايات المتحدة بالتقدم بين الحكومة الفيدرالية العراقية وحكومة
إقليم كردستان في التوصل إلى اتفاقيات بشأن الميزانية والطاقة والقضايا الاستراتيجية الأخرى.
احترام سيادة العراق
وأعادت الولايات المتحدة التأكيد على احترام سيادة العراق وسلامة أراضيه وعلى احترام حرية
التعبير التي يكفلها الدستور العراقي. وناقش الوفدان السبل المُثلى التي يمكن للولايات
المتحدة من خلالها أن تقدم الدعم للحكومة العراقية من أجل توفير الحماية للمتظاهرين السلميين
ونشطاء المجتمع المدني ومتابعة المساءلة القضائية. ورحّب العراق بدعم الولايات المتحدة
للانتخابات البرلمانية عبر تمويل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق. وعمل البلدان بشكل مشترك
على تمديد الحدّ الأقصى لصلاحية التأشيرات للمسافرين الدبلوماسيين والوفود الحكومية إلى
عامين، مما يقلل التأخيرات الإدارية من كلا الجانبين، بما يضمن قدرًا أكبر من التنقل والتواصل
المباشر بين حكومتينا. وأكّدت الولايات المتحدة مجددًا عزمها المستمر على دعم العراق في
تقديم حلول مستدامة لعودة النازحين داخليًا لتكون طوعية وآمنة وكريمة، ومساعدة تلك
المجتمعات التي جعلتها داعش هدفا للإبادة الجماعية. وناقش البلدان عزمهما على تحقيق مزيد
من التقدم في مجال التعاون القضائي، واستعادة الأصول المسروقة، ومكافحة الفساد
وملاحقة مرتكبيه.
وفي ميدان مناقشة الأمن ومكافحة الإرهاب، أكدّت الولايات المتحدة والعراق من جديد عزمهما
المتبادل على مواصلة التنسيق والتعاون الأمني الثنائي. وجدّد البلدان التأكيد على أن وجود
القوات الأمريكية في العراق هو بدعوة من الحكومة العراقية ولتقديم الدعم لقوات الأمن
العراقية في قتالها ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية. وبناءً على القدرة المتزايدة لقوات الأمن العراقية
، أكد الطرفان أن مهمة القوات الأمريكية وقوات التحالف قد انتقلت الآن إلى التركيز على
المهام التدريبية والاستشارية، مما يسمح بإعادة انتشار أي قوات قتالية متبقية من العراق،
وتحديد توقيت ذلك خلال المحادثات الفنية القادمة. إن انتقال القوات الأمريكية والقوات الدولية
الأخرى من العمليات القتالية إلى تدريب وتجهيز ومساعدة قوى الأمن الداخلي يعكس نجاح
شراكتهم الاستراتيجية ويضمن دعم جهود قوى الأمن الداخلي المستمرّة لضمان عدم قدرة
داعش على تهديد استقرار العراق من جديد.
حماية أفراد التحالف الدولي
وأكّدت حكومة العراق من جديد التزامها بحماية أفراد التحالف الدولي وقوافله ومنشآته
الدبلوماسية، فيما شدّد البلدان على أن القواعد التي يتواجد فيها أفراد القوات الأمريكية
والتحالف هي قواعد عراقية ووجودهم هو فقط لدعم جهود العراق في محاربة داعش. ويعتزم
البلدان مواصلة المحادثات من خلال اللجنة العسكرية المشتركة لضمان توافق أنشطة التحالف
الدولي مع احتياجات قوى الأمن الداخلي ودعمها بشكل مناسب، بما في ذلك البشمركة.
وفيما يتعلق بالتعليم العالي والعلوم والثقافة، ناقشت الحكومتان دعم الولايات المتحدة
لجهود العراق في تعزيز قطاع التعليم العالي بالتعاون مع الجامعات الأمريكية من خلال جملة
من الأمور، بينها برنامج فولبرايت ومبادرة الشراكة للتعليم العالي للسفارة الأمريكية والدعم
الأمريكي الموسع لمبادرة الجامعات المحررة. وتعتزم الولايات المتحدة والعراق تحديد طرق
إضافية لدعم خطط العراق لإصلاح التعليم العالي وتعزيز الشراكات الجامعية بين الولايات
المتحدة والعراق. كما استعرض الوفدان التقدّم المحرز في جهودهما المشتركة للحفاظ
على التراث الثقافي الغني للعراق والتنوع الديني وأكّدا عزمهما على التعاون لإعادة الممتلكات
الثقافية العراقية التي نقلت بشكل غير قانوني إلى الولايات المتحدة إلى مكانها الصحيح في العراق.
لقد استعادت الحكومة العراقية، في آب/أغسطس الماضي، أرشيف حزب البعث من الحجز
الوقائي المؤقت في مؤسسة هوفر.
ملفات العمل الخاصة
وقد ساعدت وزارة الخارجية في ترتيب هذا النقل، وقامت وزارة الدفاع بنقل 6.5 مليون وثيقة
إلى بغداد. ولا شكّ أن ملفات العمل الخاصة بحزب البعث هذه هي جزء من تاريخ الشعب العراقي
ويمكن اعتبار عودتها إلى العراق ثمرة ملموسة للحوار الاستراتيجي الأمريكي العراقي الأخير.
كما ناقش البلدان التقدّم المحرز في منحة أمريكية لمؤسسة سميثسونيان لمواصلة وتوسيع
مشروع إنقاذ آثار نمرود، الذي يدعم أهداف العراق في الحفاظ على التراث الثقافي. وأخيرًا، تطرّق
الوفدان إلى سبل مشاركة الإنجازات الثقافية والتاريخية للشعب العراقي مع بقية العالم من
خلال المعارض عبر الإنترنت.
وجدّد البلدان التأكيد على أهمية العلاقة الاستراتيجية بينهما وأكّدا عزمهما على الاستمرار في
اتخاذ مزيد من الخطى لتعزيز هذه العلاقة، بما يخدم مصلحة البلدين ويحقق الأمن والاستقرار
والازدهار في المنطقة. ورحّبت الولايات المتحدة بفرصة إعادة تأكيد وتعزيز شراكتها مع العراق.
تتطلّع الحكومتان إلى مزيد من المناقشات حول القضايا المذكورة أعلاه في اجتماع لجنة التنسيق
العليا للحوار الاستراتيجي الذي سيعقد في تاريخ لاحق.