حادثة الحدود المصرية تربك الأوضاع الأمنية في إسرائيل
لا تزال عملية الحدود المصرية التي نفذها جندي مصري وأدت إلى مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين تربك الأجهزة الأمنية والمؤسسة السياسية في إسرائيل بعدما اعترف مسؤولون أمنيون بفشل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية ذات العلاقة بحماية الحدود، واعتبروها إخفاقاً خطراً من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من عمليات شبيهة إلى حد وصول فلسطينيين من غزة إلى سيناء ومن هناك إلى الحدود لتنفيذ عمليات.
التحقيقات الإسرائيلية – المصرية المشتركة ما زالت مستمرة ومنح رئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي أسبوعاً لقائد القيادة الجنوبية وقائد الفرقة 80 في الجيش لإجراء تحقيق ميداني عميق وتقديمه لدراسة الإخفاقات التي أدت إلى مقتل ثلاثة جنود الذين لم يتم الكشف عن اثنين منهم إلا بعد خمس ساعات في الأقل، وهو أمر اعتبره أكثر من مسؤول أمني وسياسي فشلاً خطراً للجيش والأجهزة الأمنية.
هاليفي الذي أجرى جولة في موقع العملية قال إن “التحقيق الإسرائيلي ما زال في بدايته ويركز على دواعي تنفيذ الجندي المصري العملية سواء شخصية أو على خلفية انتمائه لتنظيمات مثل (داعش) أو حركة (حماس)”، مضيفاً “نحقق في العملية بشكل معمق ومشترك مع جيش مصر على أن نستخلص العبر اللازمة، جنودنا أدوا مهماتهم المطلوبة ومنعوا إلحاق الأذى بجنود آخرين”.
وأوعز هاليفي بتعزيز قوات الجيش الإسرائيلي على الحدود مع مصر بكتيبة من لواء “ناحال”، كما أصدر تعليمات بتشكيل لجنة تحقيق برئاسة نمرود ألوني لدراسة المفهوم العملياتي والمنهجي للدفاع عن الحدود السلمية.
ووفق تصريحات للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيئيل هغاري فإنه قبل ساعات من الكشف عن العملية، وعند حوالى الثالثة فجراً قامت وحدة خاصة بإحباط عملية تهريب مخدرات، وبعد ساعة وربع كان آخر اتصال مع الجندي الذي قُتل مع الجندية، مشيراً إلى أنه يجب التحقيق المعمق إذ كان يتوجب الاتصال كل ساعة في الأقل من قبل المركز مع وحدة الحدود لكن ذلك لم يحدث، وفقط عند التاسعة صباحاً كشف عن العملية عندما وصل الجندي البديل.
وأشار المتحدث إلى أن الإخفاق الآخر في المنطقة المخصصة في الطرف الإسرائيلي للقوات المسؤولة عن حراسة الحدود أن هناك جنوداً موجودون بشكل دائم على بعد مئات قليلة من الأمتار وطرحت الأسئلة “أين كان الجنود الموجودون في المنطقة على بعد بضع مئات من الأمتار؟ ألم يسمعوا صوت طلقات النار، وإذا سمعوا لماذا لم يحاولوا معرفة ما حدث؟”.
تقديرات الجيش الإسرائيلي أن العملية نفذت عند الساعة السابعة، إذ ذكر جنود موجودون في المنطقة سماعهم صوت إطلاق النار ولكن في هذه المنطقة، وفق المتحدث باسم الجيش، تسمع مرات عدة أصوات إطلاق النار وبما أنها تعتبر أماكن حدودية آمنة أكثر من غيرها، “يبدو أن الأمر لم يلفت نظر الجنود، لكن مع ذلك سيتطرق التحقيق إلى مختلف الجوانب لمعرفة أدق تفاصيل العملية”.
واعتبر هغاري عبور الحدود والدخول إلى إسرائيل ثم تنفيذ عملية ومقتل اثنين من دون كشفها أو حتى منع تنفيذها أمراً في غاية الخطورة، إذ تبين من التحقيق أن الجندي المصري وعند وصول القوات بعد الكشف عن العملية، بدأ يركض نحو منطقة إسرائيلية مخصصة للقادة وبعد أكثر من كيلومترين قام خلالها بقتل الجندي الثالث، ثم قتل.
من جهته توجه وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بطلب لنظيره المصري محمد زكي بضرورة استمرار التعاون الأمني بين الطرفين لمنع وقوع عمليات وأجرى اتصالاً هاتفياً معه بعد وقوع العملية، وأكد الطرفان بعد الاتفاق على تشكيل طاقم مشترك للتحقيق، ضرورة استمرار التنسيق والتعاون الأمني للحفاظ على حدود هادئة بينهما، وفق مكتب غالانت.
وجاء في بيان مكتب وزير الدفاع أنه “شدد خلال المحادثة على أن العلاقات بين تل أبيب والقاهرة مهمة جداً للبلدين، وعلى الطرفين العمل حتى لا تضر مثل هذه العملية بالعلاقات الأمنية بين الجانبين”.
واتفق الاثنان على التواصل المباشر بينهما من أجل ردع “عمليات إرهابية” في المستقبل وتعزيز العلاقات بين البلدين، وفق ما جاء في بيان غالانت.
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي أعلن الجمعة، قبل وقوع العملية أنه سيخصص جلسة حكومته الأحد لبحث الملف الإيراني وسبل العمل لمنع اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران واستمرار الاستعداد لمنع خطر طهران، افتتح الجلسة بتقييم لعملية الحدود المصرية ومنح مساحة واسعة لبحث خلفية وتداعيات العملية واصفاً إياها بـ”عملية خطرة واستثنائية” وقال، “ما حدث على الحدود استثنائي ولا يمثل التعاون والعلاقات مع مصر، وقد بعثنا رسالة واضحة بموقفنا إلى الحكومة المصرية ونتوقع أن يكون التحقيق المشترك شاملاً ومعمقاً، إذ إن مثل هذا التحقيق جزء من التعاون الأمني المهم والمستمر لمصلحة البلدين منذ أعوام”.
وأشار نتنياهو إلى أنه وقبل إنهاء التحقيق اتخذت إجراءات عدة لضمان عدم تكرار مثل هذه العمليات بينها تحديث أساليب العمليات وإجراءاتها الرامية إلى الحد من عمليات التهريب وصولاً للحد الأدنى.
بالنسبة إلى الإسرائيليين لم تدرج الحدود المصرية منذ أعوام طويلة ضمن أي حديث عن تصعيد وتوتر أمني، إذ إن الهدوء يسود المنطقة، كما تحرص إسرائيل على الحفاظ على علاقات هادئة مع مصر من دون إحداث أي خلل لعملية السلام.
ومع تنفيذ الجندي المصري عمليته عند الحدود أضافت الجهات الأمنية هذه المنطقة إلى مناطق وجبهات سيناريوهات الحرب التي تتدرب عليها طوال الوقت.
الجنرال السابق في الجيش والرئيس السابق لمجلس الأمن القومي غيورا آيلاند توجه إلى طاقم التحقيق مع مصر يدعوه إلى مطالبة المصريين “بأجوبة عن الأسئلة القاسية التي يثيرها الحدث الخطر على الحدود، في الوقت نفسه الحذر من الانجرار إلى أزمة ثقة بين البلدين بعد نحو 50 عاماً من الهدوء”.
ومما أورده آيلاند من بنود مطالب التحقيق المشترك مع المصريين معرفة إذا كان الجندي المصري تلقى مساعدة من قادته والتأكد من أنه لا يوجد جنود مصريون آخرون مع نية مشابهة لتنفيذ عمليات.