حماس تعود لشوارع غزة بعد وقف الحرب مع اسرائيل
بعد أكثر من 15 شهرا من اختبائهم في الأنفاق والتخفي لصد الجيش الاسرائيلي في الخطوط الامامية، ظهر مقاتلو حماس بالزي العسكري في شوارع قطاع غزة المدمر بعد ساعات من وقف اطلاق النار، في تحدٍ لوعيد إسرائيل بسحقهم.
وبينما كان العالم يتابع الأحد عملية تسليم ثلاث رهائن إسرائيليات لمنظمة الصليب الأحمر، ظهر العشرات من عناصر كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، ملثمين بلباسهم العسكري وهم يقومون بتأمين تسليم الرهائن في ساحة السرايا رئيسية في مدينة غزة، حيث تجمع مئات المواطنين.
وفي اليوم التالي، قال نائب وزير داخلية حكومة حماس في القطاع محمد ابو وطفة خلال جولة قام بها في شوارع مدينة غزة، ان سكان القطاع “يعيشون لحظة انتصار للحياة والإنسانية، قوات الشرطة جاهزة لحماية المواطن استكمالا لجهد المقاومة وانتصار القسام والمقاومة، واستكمالا للمشروع الوطني وإعادة الحياة”.
نيويورك تايمز: إسرائيل قد تستأنف حرب غزة بعد عودة 30 رهينة
– “أعنف قصف” –
وعلى الرغم من الدمار الهائل الذي خلفته القوات الاسرائيلية في المناطق المكتظة بالسكان في القطاع، إلا ان حركة حماس نجت ونجحت في البقاء على الرغم من توعد إسرائيل بالقضاء عليها، كما يرى محللون سياسيون.
يقول الخبير في شؤون الشرق الأوسط في تشاتام هاوس، يوسي ميكلبيرغ “عندما تحدد القضاء عليها (هدفا)، فإن بقي رجل واحد منهم يمكن اعتبار أنك فشلت”.
قضت إسرائيل على عدد من كبار قادة حماس، بمن فيهم إسماعيل هنية وخليفته يحيى السنوار، وعلى عدد كبير من مقاتليها. والثلاثاء، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إن الجيش قتل “نحو 20 ألف مقاتل من حماس”.
لكن ميكلبيرغ يدعو إلى التأني في تقييم الوضع العام للحركة الاسلامية. ويضيف “لقد تعرضوا لأعنف عمليات القصف التي يمكن لمثل هذه المنظمة أن تتحمل على الإطلاق، وما زالوا هناك، وما زالوا يجندون… ترى على شاشة التلفزيون أنهم ما زالوا هناك، بأوشحتهم وأقنعتهم”.
بدوره يقول المسؤول في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية محمد شحادة إن إسرائيل استهدفت بشكل خاص الموظفين المدنيين ورجال الشرطة والوزراء، كجزء من جهودها لتفكيك قدرة حماس على الحكم.
ترامب يرشح رئيساً سابقاً لشركة وجبات سريعة كسفير بالاتحاد الأوروبي
ويوضح “إن بقاء هؤلاء المسؤولين والقوات يمثل رمزا للتحدي، مما يدل على أنهم ما زالوا يعملون على الرغم من الهجوم”.
أكدت حماس الاثنين أن “غزة بشعبها العظيم وإرادتها الصّلبة ستنهض من جديد، لتعيد بناء ما دمّره الاحتلال، وتواصل درب الصمود، حتى دحر الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس”.
ويضع أداء الحركة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في موقف حرج بعد تعهده بالقضاء عليها تماما ووضع ذلك هدفا للحرب التي اندلعت إثر هجوم حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
ويرى المحلل السياسي لشؤون الشرق الأوسط في شركة الاستشارات الأمنية لو بيك مايكل هورويتز أن حماس أرادت من خلال استعراض قوتها نقل رسالة ردع لمنافسيها في غزة وكذلك لتؤكد لإسرائيل “إن اي جولات إضافية من القتال لن تؤدي إلى أي مكان”.
ويضيف أن إفلات حماس من الهزيمة يعود “لسبب رئيسي واحد، وهو أن إسرائيل لم تحاول أن تستبدل حماس ككيان حاكم في غزة”، مشددا على ان رؤية نتانياهو الذي رفض مرارا أن يكون للسلطة الفلسطينية ومقرها في رام الله مقراً أي دور في قطاع غزة و”التركيز فقط على الأمن تعني أن اسرائيل عالقة في دوامة تكرار نهجها غير الفعال”.
وترى إيفا كولوريوتيس، المحللة المستقلة في شؤون الشرق الأوسط، أن حماس احتفظت “بشعبية عارمة” في غزة، في حين “فشلت كل المحاولات لتوفير قاعدة شعبية للسلطة الفلسطينية ورفض حكم حماس”.
ويقول شحادة إن الدمار الذي خلفته الحرب أثار استياء بين مواطني قطاع لكن الأراء متضاربة حول حركة حماس. ويضيف “الناس يشعرون أيضا بالفخر، الناس تعرضوا للإذلال” ومشاهدة مقاتلي القسام وقد تحدوا إسرائيل “مصدر فخر لهم”.
– على غرار الموصل –
كانت التكلفة الإنسانية للحرب على قطاع غزة هائلة. اذ قتل ما لا يقل عن 47100 شخص، معظمهم من المدنيين والنساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة في غزة.
كما تسبّب هجوم حماس بمقتل 1210 أشخاص، معظمهم مدنيون، حسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية. وخُطف خلاله 251 شخصا ما زال 91 منهم محتجزين في قطاع غزة، أعلن الجيش مقتل أو وفاة 34 منهم.
ويضيف هورويتز أن الدمار في القطاع “مشابه لما رأيناه على نطاق واسع في معارك مماثلة أخرى، مثل معركة استعادة الموصل” في العراق من تنظيم الدولة الإسلامية.
ويلخص ميكيلبيرغ إن الحرب الإسرائيلية “لم تعالج الأسباب الجذرية للنزاع”، وهو ما يتوافق مع دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى أن يكون وقف إطلاق النار “خطوة أولى” نحو تسوية سياسية طويلة الأمد بين إسرائيل والفلسطينيين.
ويضيف أنها الطريقة الوحيدة أمام اسرائيل “لإيجاد مساحة فاصلة بين (حماس) وبقية الشعب (الفلسطيني)”.