خبراء : الغرب يعرقل برنامج التعافي المبكر في سوريا

1

قال الباحث السياسي والاقتصادي، الدكتور عبد القادر عزوز، إن التعافي المبكر هو نهج يتناول احتياجات الإنعاش خلال مرحلة الاستجابة الإنسانية من خلال استخدام الآليات الإنسانية التي تتوافق مع مبادئ التنمية.

مشاريع التعافي المبكر تهدف للانتقال من حالة الطوارئ والاحتياجات الإنسانية الفورية أي المساعدات المنقذة للحياة فعلياً إلى مرحلة تنموية أكثر استدامة بعد انتهاء النزاع أو الكوارث، وهو أقل من مرحلة إعادة الإعمار من حيث المدة والتمويل، حسب قوله.

وأضاف الدكتور عزوز: “إن الأمم المتحدة مهتمة بمشاريع التعافي المبكر، وأنشأت مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، مجموعة التعافي المبكر في عام 2017، وصدر الكثير من القرارات في مجلس الأمن 2585/2642/2672 تحث الحكومات المانحة على زيادة الدعم، فهناك إذاً إطار وقرارات دولية”، لافتاً إلى أن “سوريا تؤكد دائماً على ضرورة دعم مشاريع التعافي المبكر فيها لأنها تعمل على تحسين الوضع الإنساني بشكل ملموس ومستدام وتدعم جهودها في مجال عودة المهجرين السوريين إلى وطنهم”.

الغرب يسعى لعرقلة “التعافي المبكر”

وأشار الدكتور عزوز إلى أنه في الفترة الأخيرة تسعى الدول الغربية إلى عرقلة أي توجه نحو تنفيذ مشاريع التعافي المبكر من خلال الضغط في موضوع نقص التمويل، لأن هناك توجها نحو تسييس هذا الموضوع والخروج عن المبادئ الإنسانية الدولية التي تؤكد على الحياد والنزاهة والاستقلالية.

“لا نضوج إقليمي”

وقال الدكتور محمد أكرم القش، مدير مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في جامعة دمشق، إن هناك مؤشرات على المستوى العربي والإقليمي، أو نوع من التحضيرات لفك العقد البينية الإقليمية والدولية، لكن ضمن هذه الظروف الحالية، (ما يجري اليوم في غزة والمنطقة العربية)، تبقى ظروف تحقيق التعافي المبكر غير ناضجة إقليمياً، مضيفاً: “على المستوى المحلي هناك ترتيبات ممنهجة لترتيب البيت الداخلي، وانتهاج سياسات تنموية تكون قاعدة لأي نوع من التحرك نحو سوريا ودعمها لتجاوز ما جرى فيها سابقا”.

وأشار الدكتور القش إلى أن “استقرار سوريا هو الأساس في استقرار المنطقة، فالجهود الإقليمية والعربية تسعى لإعادة الاستقرار لسوريا، لأن هذا من مصلحة المنطقة كلها، وهناك معضلات كبيرة جداً يجب العمل على تجاوزها إقليمياً ودولياً في مقدمتها الحصار الجائر أو الإجراءات الاقتصادية القسرية، فيجب رفع الحصار عن سوريا لتستطيع أن تردم الفجوات التي خلفتها الحرب”.

“أيدي لا ترغب بعودة الاستقرار لسوريا”

وقال الدكتور القش: “تم إعداد برنامج متكامل للتعافي في سورية منذ نحو أربع سنوات، لسوريا ما بعد الحرب، لكن هناك أيدي لا ترغب بعودة سوريا إلى وضعها واستقرارها”، مشيراً إلى أن “هذا البرنامج يتوزع إلى أربع مراحل: أولاً: الانتهاء من مرحلة الاستجابة للاحتياجات الأساسية، وترميم البنى التحتية ودعم العملية الإنتاجية لننتقل بعدها إلى مرحلة الانتعاش الذي هو نوع من سياسات متكاملة اقتصادياً واجتماعياً وإدارياً، لاستكمال بناء كل البنية التحتية، وخاصة الطاقة والكهرباء والماء والطرق والمواصلات، إذ تأثرت كلها بالحرب أي إعادة البنية التحتية إلى سابق عهدها لتكون العملية الإنتاجية مكتملة. موضحاً أن البرنامج تعثر رغم انتهاء الحرب العسكرية تقريباً، لكن شنت على سوريا، حرب اقتصادية بالحصار والإجراءات القسرية والتي تؤثر بشكل كبير على اكتمال مرحلة التعافي”.

وأشار الدكتور القش إلى أن الجهود الدولية كانت محصورة فقط بالإغاثة، وتلبي قرابة ثلث الاحتياجات فقط، وجزء كبير من التمويل كان يذهب إلى عاملي منظمات الإغاثة، مبيناً أن “التخطيط للتعافي المبكر في سورية يعني أن يكون هناك إمكانية لاستكمال الدعم الدولي لمشاريع البنية التحتية وخاصة في مجال الطاقة، ولا سيما في ظل الاحتلالات الموجودة في الشمال، لمناطق الطاقة والبترول في سوريا، وحتى في مجال المياه، إذ نجد في الحسكة أكثر من مليون مواطن يعانون من نقص المياه ومياه الشرب”.

تبعثر الدعم المادي وتشتته وتسييسه لم يخدم سوريا

وقال الدكتور القش: “إن الإطار الدولي لعملية التعافي المبكر في سوريا كان غائباً، وكانت الجهات متعنتة وغير مقتنعة، أو غير محبذة لذلك، فالمفتاح والأساس لهذه العملية، أن يكون الخطاب مع المؤسسات الرسمية الحكومية الشرعية”، مشيراً إلى أن تبعثر الدعم المادي وتشتته وتسييسه في المرحلة الماضية لم يخدم سوريا.

وأوضح الدكتور القش أن “سوريا وضعت خططها وبرامجها للتعافي فهناك أكثر من 90 مشروعاً موجودة تنقصها التمويل، فإمكانياتنا المادية محدودة حالياً”، لافتاً إلى أنه “من الإجراءات اللوجستية المتوقعة في هذا المجال أن يكون هناك صندوق دولي غير مسيس، وأن يكون الدعم عن طريق المؤسسات الحكومية الرسمية، ولا مانع لدينا من وجود خبراء وفنيين، يشرفون على عملية البرامج التي أعدتها الحكومة منذ أكثر من 5 سنوات والتي تنتظر التمويل، فالإجراءات يجب أن تكون مرنة وواضحة وشفافة تعتمد على الاحتياج وعلى الضرورة، لتدفع بالعملية التنموية ونصل إلى المرحلة الانتعاش ثم الاستدامة”.