د. خالد عمر يكتب:هل الاقتصاد العالمي في طريقة للإنهيار؟
بعد أن وصل حجم الدين العالمي للدول مستويات قياسية ، لم يصل لها من قبل فقد بلغ مايقرب من 320 تريليون دولار وهي مديونية مهولة وضخمة للغاية .
كيف وصلت حجم الديون الداخلية للدول لهذة المستويات المخيفة والمرعبة ؟ وذلك هو السؤال المطروح حاليا ، وذلك بجانب عشرات الأسئلة الأخري ، وأهمها ، هل يستطيع الاقتصاد العالمي معالجة هذة المشكلة المخيفة ؟
وما أسباب تلك المديونيات ؟ الدالة علي ضعف وسوء إدارة المنظومة السياسات الاقتصادية والمالية للعديد من الدول ، صغيرة كانت أم كبيرة.
ويري كثير من الباحثين والمتخصصين والمهتمين ، أن سبب ذلك تمادى الدول في الاعتماد علي الاستدانة من البنوك والمؤسسات المالية سواء الوطنية أو الدولية ، والاعتماد علي الأموال والاستثمارات الأجنبية ، والتلاعب بقيمة العملات الوطنية أمام العملات الأجنبية ، والاعتماد علي عائد فوائد البنوك ( إيداع واقتراض) كوسيلة لعلاج معدلات التضخم وارتفاع الأسعار ، وكذلك المبالغة في اللجوء إلي طبع النقود دون غطاء انتاجي وطني أو تصديري أو قيمة مضافة حقيقة
مقابلها ، وكذلك التلاعب في البيانات والمؤشرات المالية وتوجيه الاشاعات
وتوجية وسائل تكنولوجيا المعلومات الحديثة: خاصة منصات التواصل الاجتماعي لنشر معلومات مضللة لتوجيه أو نظار الرأي العام نحو اتجاهات بعينها تفتقد الي الأمانة والصدق والشفافية.
عدم تنوع مصادر الاستثمار والتركيز علي مجالات وقطاعات استثمارية وخاصة الاستثمار العقاري والسياحي
والترفيهي ، وهي استثمارات تتسم بضخامة الأموال وطول مدة وضعف عوائدها المالية بالمقارنة بحجم الأموال الكبيرة التي استثمرت فيها.
ويرجح كثير من الخبراء وضع الخبراء والمحللين ، أن تدهور الوضع الاقتصادي العالمي ، يرجع إلي أداء البورصات العالمية ، والتي يتحكم في أدائها كبار
أصحاب رؤوس الأموال بجانب نشر بيانات محاسبية التي تظهر مراكز وأوضاع مالية غير حقيقية ومضللة
يكون ضحيتها آلاف صغار اللاعبين في البورصات.
ويري آخرون ، أن حمي الاستثمار في شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتي ترتفع قيمتها السوقية وتخفض بشكل سريع ومتواتر ، مما يسبب عواقب وخيمة على أداء الاقتصاد الوطني والعالمي بشكل عام.
كما يري آخرون: أن العملات الرقمية والمشفرة ، من أنواع الاستثمار عالي المخاطرة والخطورة ، والتي تزداد يوما بعد يوم.
وتأكيدا علي ذلك الحجم الهائل الذي يتعرض له الاقتصاد العالمي من عمليات نصب بكافة أنواعه وأشكاله: سواء كان تقليدي أو حديث مستفيدنا من اختراق شبكات وقواعد بيانات عملاء البنوك والمؤسسات المالية وضعف الأمن السيبراني.
وجدير بالذكر ، فقد صدر تقريرا بعنوان “الاحتيال المهني 2024: وهو التقرير الموجه للأمم”، الصادر عن جمعية محققي الاحتيال المعتمدين، عن خسائر عالمية بلغت 3.1 مليار دولار تكبدتها الشركات بسبب الاحتيال.
كذلك ، تجاوزت خسائر الاقتصاد البريطاني من الاحتيال المالي سبعة مليارات دولار ، بعدما تعزز دوره مستفيداً من تقنيات الذكاء الاصطناعي ومواقع التواصل الاجتماعي. فعلى مدى عقود، ظلت عمليات الاحتيال المالي على الأفراد في بريطانيا أسيرة أدوات بسيطة وغير معقدة .
وكشفت لجنة التجارة الفيدرالية الامريكية مؤخرا عن خسارة الأمريكيين نحو 8.8 مليار دولار بسبب الاحتيال ، فى ارتفاع نسبته 30% وكانت اللجنة قد ذكرت فى تقرير سابق أن المستهلكين الأمريكيين أبلغوا عن خسارة أكثر من 5.8 مليار دولار بسبب الاحتيال فى عام 2024، ارتفاعا من 3.4 مليار دولار فى 2023، بزيادة نسبتها أكثر من 70%.
وأفادت جامعة بورتسموث البريطانية، في تقرير جديد أعدته مؤخراً، بأن أكثر من 5 تريليونات دولار، تشكل حجم الخسائر المالية الناجمة عن عمليات النصب والاحتيال الإلكتروني في العالم.
وهو ما يؤكد انه مع زيادة التطور التكنولوجى، وزيادة استخدام الناس حول العالم للهواتف الذكية والتطبيقات التكنولوجية، ارتفعت عمليات النصب والاحتيال فى مختلف أنحاء العالم، حتى أنها أصبحت تهدر ملايين الدولارات، بما فى ذلك الاحتيال الإلكترونى.
علي الجانب الآخر اغلب الدراسات الاقتصادية والمالية تحذر من العملات المشفرة ، بأنها أكبر عملية غش وخداع يشهدها العالم فهي عكس بطاقات الائتمان، لا تتمتع مدفوعات العملات المشفرة بحماية قانونية، مما يعني أنه في حالة وقوع خطأ، لا توجد آلية رسمية لاسترداد الأموال. بمجرد إرسال دفعة بالعملات المشفرة، لا يمكن استرجاعها إلا إذا وافق الطرف المستلم على إعادة المبلغ، مما يزيد من مخاطر عمليات الاحتيال ، وهي عالية الخاطر ، وللأسف هناك حمي في العالم في اصدار عملات مشفرة والتي تزيد عن 1000 عملة حالياً ، وحجم اليومي يتخطي ال200 مليار دولار يوميا.
التعليق:
مما سبق عرضة يتضح أن الاقتصاد العالمي ، يتجة نحو الهاوية ، وأنه اقتصاد هش ، وان الأوضاع الاقتصادية العالمية تعمل في مناخ ملوث وغير صحي ، فاقد الصدق والشفافية ، وأنه الصعوبات والأزمات تزداد يوم بعد يوم
وإن مانراة البوم من نزاعات وصراعات تجارية وسياسية مسلحة ، هي انعكاس ونتيجة لأوضاع اقتصادية صعبة يمر بها العالم ، وخير دليل علي ذلك أن وصل سعر الذهب إلي مستوي قياسي لأول مرة حيث تخطت سعر للأونصة lingots ال3000 دولار ، وارتفاع سعر الذهب لهذه المستويات دليل أنه انعدام الثقة في مجالات الأنشطة الاستثمارية الأخري ، وان هناك طلب علي شراء الذهب كملاذ أمن في ظل أوضاع اقتصادية عالمية تتسم بالضبابية والتخبط ، وانه يسير علي خطوات تماثل ما مر به العالم في فترة ما قبل التضخم الجامح Hyperinflation الذي عان منه العالم ، خاصة في ألمانيا وأوروبا.
كما أن المؤشرات والدلائل تنبأ بأن هناك موجه جديدة من الإمبريالية Imperialism العالمية ، تبغي إلي الهيمنة والسيطرة علي مصار الثروة في العالم ، وان العالم يعود للوراء .
فهل الأيام القادمة ستثبت صحة هذا التحليل ؟ أم أنه مازال عقلاء وحكماء سوف يدركون الحقيقة ويقذوا العالم
من الوقوع في دوامة الأنهار ؟ وهو إذا حدث سيدفع ثمن ذلك الفقراء والاغنياء علي حد سواء .