د. خالد عمر يكتب : الاقتصاد ..وحياة الشعوب
الاقتصاد علم من العلوم الانسانية والبشرية القديمة التي عرفها الانسان منذ زمن ، وهي علم بيتي ، يرتبط بكثير من العلوم الاجتماعية كالإدارة والسياسية والاجتماعية ، والإنسانية التي تتهم بدراسة أنماط السلوك الانساني ، والقدرة علي رصدها وتحليلها واستخلاص النتائج والمخرجات، سواء كانت إيجابية او سلبية ، لوضع الخطط والحلول لتصحيحها وتعديلها لمصلحة الفرد والمجتمع ، اهم من العلوم الممتعة والشيقة في دراستها والتعمق فيها .
وكون الإتفاق علي الاقتصاد هو علم له منهاجية وقواعد وأصول ومصطلحات ومفاهيم ونظريات
وأبحاث وتجارب، ودراسات علمية ، تدرس في المعاهد والكليات والأكاديميات المتخصصة ، فمن المنطق والعدالة ان من يتناول الحديث في علم الاقتصاد علي الخصوص ، وبصفة في علم من العلوم ، تكون الأولوية دائما لدارسين والمتخصصين
وبصفة عامة هناك مئات وألاف الدارسين والباحثين والمتخصصين في علم الاقتصاد والعلوم المتفرعة منه ، ولكن دائما وكأي مهنه ، واي حقل علمي ، يكون المتميزين عدد قليل تعد علي الاصابع ….
فرجل الاقتصاد الناجح يتمتع بقدر كبير من الصدق والامانة ، والقدرة علي اقناع المستفيد سواء فرد او جماعة ، بخططه ونظرياته الاقتصادية ، وان نجاح اي اقتصادي ، يتوقف علي مدي قدرتة توقع والتنبؤ بسلوك الفرد او الجماعة ، وخير دليل علي ذلك قصة نبينا يوسف علية السلام ، وكيف وضع أستراتيجية أقتصادية فريدة ، واقنع الحاكم والشعب ، فمنحوه الثقة والتفوا حًوله ، حتي عبر بهم الي الرخاء بعد قحط عاني منه الجميع …وهي القصة التي تدرس في أرقي المعاهد العلمية المتخصصة في الاقتصاد والإدارة، والسياسة .
وكذلك فعل الاقتصادي الانجليزي الشهير ” جون مينارد كينز ” وكيف ساهمت افكارة في أحداث ثورة في الفكر الاقتصادي ،وخاصة في وقت الكساد العالمي الجامح الذي ضرب العالم عامي 29 – 30
من القرن الماضي ، وكيف كان يطلق برنامج في الإذاعة البريطانية ( BBD) ليحفز الناس على شراء البضايع والصرف علي الخدمات لدفع القوة الشرائية لتحفيز الإنتاج والصناعة إبان الحرب العالمية الثانية… حتي تحقيق النصر علي ألمانيًا النازية… فقد كان الاقتصاد الممثل في كينز المعول والمدفع الاول ، وقبل السياسة لتحقيق هذا النصر.
وفي الاونه الاخيرة ، ظهرت طبقة ممن يطلق عليهم رجال اقتصاد وخبراء مال وأعمال ، وللأسف الشديد منهم يعملون ، أو يعملون في منظمات وهيئات ومؤسسات ومصارف ومحاضرين في مراكز علمية متخصصة ومرموقة ، ويتحدثون في آليات اقتصادية ومالية مضللة للمستفيد: سواء كان فرد او المجتمع او متخذ قرار ، وهذا الأخير وللآسف ينجرف وراء الآراء الاقتصادية المالية دون التمعن في نتائج لمخرجات تلك الخطط سواء التفصيلية او الكلية .
فرجل الاقتصاد يطرح البدائل ، وعلي متخذ القرار وهو غالبا رجل سياسي ، يتحمل في النهاية مسؤولية وتبعات تلك المخرجات.
فمن المتفق علية للقاصي والداني ، من دارسي العلوم الاقتصادية والمالية والمصرفية ، ان من اخطر الامور والسياسات هي المساس بسعر الصرف العملة ومعدل الفائدة علي الإقراض والادخار ، والرسوم والضرائب ، والتي لها تاثير مباشر وكبير بل وخطير علي حياة الفرد والمجتمع … حياة الشعوب.
فالجميع يعلم ، بل يعرف ان سعر صرف العملة ومعدلات الفائدة: كما أمثلها هي مثل درجة حرارة الأنسان ، يجب دائما ان تكون ثابتة او ثابتة من 37 درجة ، وان ارتفاعا أو انخفاضها ، يشير وينم علي عطب او خلل أو مرض .
هل من العقل والامانة ، ان ترتكز آراء هولاء الاقتصاديين الجدد بربط الاقتصاديات الناشئة والصغيرة والهشة ، بقرارات البنك الفيدرالي الامريكي ، واسعار الفائدة والتضخم في أوروبا والدول الغنية والمتقدمة في آسيا….فما هي اوجه التشابه هذا وذاك !!! أم انه حق يراد به باطل ؟؟؟
لذا ، يا صاحب أو متخذ القرار ، عليك الانتباه والحذر من رجال الاقتصاد والمال الجدد ، ولا تنخدع في الكلام المنق والخطب العصماء ، للاسف كثير منهم ، مفلس الفكر القادر علي ايجاد حلول ورؤي تنبع من واقع وظروف الحياة اليومية المحيطة بالمواطن والمجتمع عموما… فافضل الحلول هي الحلول محلية الصنع ، وليست الحلول المعلبة والمستوردة من منشأ مختلف تماما في الشكل والمضمون… وان حياة الشعوب ليست محل تجارب للهواة والمنتفعين واصحاب المنفعة والاهواء .