د خالد عمر يكتب .. جائحة أوكرانيا !.. وماذا بعد ؟
” بهدوء” أستعير هذا العنوان من الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل ، والذي كان له عمود بجريدة الاهرام يحمل هذا الاسم.
أما وان الحرب قد بدأت بقيام روسيا بضرب اوكرانيا ” فمازالت في البشرية والإنسانية جاهلية “.
وما كنت ارغب في ان أكون معاصر لحرب وصراع عسكري مسلح ، يخلف الدمار والخراب والفوضى
فعلي المستوي الانساني ، فان الحروب الجميع فيها خاسر سواء كانت بأسلحة تقليدية أو نووية ، وانها تتسبب في خلق اجيال مشوهةً نفسيا ومعنويا وإنسانيا، وان العنف يولد العنف
Violence being violence.
أما من الناحية التاريخية ، فالحروب لا تحسم صراع ، بل انها تزيد من تعقد وصعوبة ايجاد العلاقات بين الاطراف المتصارعة ، وانه قد تكون صاحب قرار بداية الحرب ، ولكن بالتأكيد لن تكون صاحب قرار وقفها أو نهايتها .
قد يكون لروسيا مبررات ودوافع لتبرير اتخاذ المسار العسكري ، وقد يكون لأوكرانيا ومعها الغرب أسباب متعددة ومتنوعة ومختلفة لاتخاذ مسار المواجهة مع الجانب الروسي .
ومهما كانت اسباب ومبررات الأطراف المتصارعة
فإن الجميع خاسر ، وانها سوف تزيد من معاناة الكثير من البشر ، سيزاد عدد الفقراء والمشردين واللاجئين ، والقتلى ، والضحايا والمصابين ، والضحايا من النساء والاطفال ، والشباب وكبار السن .
في وقت تمر فية البشرية بأكبر جائحة فيروسية تضرب كوكب الأرض في العصر الحديث ، والتي لم يتعافي منها العالم بعد .
وان فشل مجلس الامن في إتخاذ قرار ضد روسيا
واحالة الموضوع الي الجمعية العمومية للأمم المتحدة ، وهو الآمر الذي كان متوقع ، وأن إستخدام روسيا حق الفيتو ، شئ منطقي ، فروسيا لن تصوت لصالح القرار ، وأدانه نفسها.
والتي من المتوقع اصدار قرار إدانة بعد اخذ أصوات الأعضاء ، ولكنه غير ملزم ، وهو ما حدث بالفعل وحظي قرار أدانه روسيا علي بأغلبية ١٤١ وامتناع ٣٥ دولة ورفض ٥ دول هم بالطبع روسيا ، بيلاروسيا ، كوريا الشمالية ، إريتريًا و سوريا.
التحليل والتعليق :-
١-منذ تفكك الاتحاد السوفيتي في عام 1991، فالنتيجة الطبيعية هي تخلي كثير من الدول التي ترتبط وتتبع النظم الشمولية والمركزية بالتخلي والانفتاح علي النظام الغربي والاقتصاد الحر .
٢-مع التطور الهائل في نظم المعلومات والاتصالات وتبني نظام عالمي ” Globalization” وان العالم اصبح قرية واحدة ، وتنامي الترابط والاتصال والتفاعل من خلال شبكات التواصل الاجتماعي والإنترنت.
٣- ظهور عالم احادي القطبية ، رسخ من مفهوم عدم العدالة الدولية ، واختلاف الكيل في حل الصراعات الاقليمية والدولية ، مع وهن المنظمات الدولية ، وخاصة الأمم المتحدة ، في تسوية تلك المشاكل والصراعات والمنازعات ، وانغماس المنظمة والهيئات الدولية التابعة لها في تدبير مواردها المالية والتي باتت تتنامي بشكلٍ مطرد
مع سوء ادارةً مواردها ، مما جعل المنظمة محل اتهام بالفساد الإداري والمالي ، مما سلبها كثير من إستقلالية القرار ، والذي اضحي تحت سيطرة وهيمنة الدول دائمة العضوية في مجلس الامن خاصة الولايات المتحدة وإنجلترا وفرنسا .
٤- نجاح الصين في تحقيق معدلات نمو إقتصادي قوي في كافة المجالات الصناعيه والتجارية والتكنولوجية ، وعسكريًا ،وكذلك توسعها الاستثماري في مناطق كثيرة حول العالم ، مما جعلها مصدر ازعاج للولايات المتحدة الامريكية ، وحلفائها الأوروبيين .
٥- قامت روسيا الاتحادية بإعادة ترتيب سياستها التي تركزت علي الشأن الداخلي ، وخاصة تطوير ترسانتها العسكرية وخاصة النووية ، والبنية التحتية التكنولوجية ، حتي اصبحت مصدر ازعاج كبير لنظام العالمي احادي القطبية .
٦- انتشار حركات التغير والنزاعات الايدلوجية في الدول النامية والفقيرة والدول العربية ، مما اثر علي معدلات التنمية والتطور ، بل واصبحت الدول البترولية في العالم العربي ، مصدر ابتزاز لكثير دول العالم المتقدم والغني ، الذي عاني من ركود ، وازمات اقتصادية ، وانهيار البورصات العالمية والأسواق العقارية ، وتعثر كثير من البنوك العالمية والشركات دولية النشاط .
٧- تعرض العالم لأسوء جائحة فيروسية في الوقت المعاصر منذ عام ٢٠٢٠”Covid-19” والتي القت بظلالها القاتمة علي جميع دول العالم ، والتي لم يتعافي منها حتي اليوم .
٨- تفاقم المشكلات والقضايا العالمية ، واهمها قضية المناخ ، وما يتبعها من مشاكل وأزمات اقتصادية واجتماعية ، تمس جميع انشطة ونواحي الحياة البشرية.
٩- التدخلات العسكرية ، غير المبررة في حل المنازعات و والصراعات والخلافات الداخلية والإقليمية في كثير من مناطق حول العالم ، والتي يعجز العالم ويتقاعس عن حلها لاسباب مختلفة ، اهمها حرص القوي الكبري علي مصالحها علي حساب شعوب تلك الدول ، وعلي سبيل المثال: المشكلة الفلسطينة ، وحصار غزة، حرب اليمن وسوريا والعراق والوضع غير المستقر في ليبيا ولبنان والسودان واقليم كشمير ، وميانمار، ودول الصحراء في افريقيا، ومشكلة سد النهضة ، ومشكلة اقليم ناغورنو كرباج بين اذربيجان وارمينيا، تايوان وهونجً كونجً، افغانستان.
١٠-ركزت اغلب دول العالم المتقدم علي بيع الأسلحة والمعدات والمهمات العسكرية والبرمجيات الأمنية ، لكثير من الدول التي لديها الاموال ، وتريد استقرار انظمتها وبقائها في الحكم تحت شعارات الاستقرار والأمن الداخلي والعالمي ،
وابتزاز الدول الأوروبية بكارت الهجرة غير الشرعية وملايين اللاجئين ، الذين تزداد اعدادهم يوم بعد يوم .
النتايج والمتوقعة :-
١-الصدام والتصاعد العسكري بين الغرب والشرق قادم قادم ، فالأزمة الاوكرانية ليست هي السبب الوحيد بل هناك اسباب عديدة سبق ذكرها ، فإذا لم اليوم ، فهو وللاسف غدا .
٢-من الماضي والتاريخ ، يتضح ان كلا من روسيا والصين ، وهم أعضاء دائمين في مجلس الأمن مثلهم مثل الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا وفرنسا ، ولكن لم يكن لهم اي دور ملموس في حل اي صراع دولي او إقليمي ، واقتصر دورهم علي التعاون الاقتصادي والعسكري والفني، اهم من ارتضوا بتهميش دورهم علي الساحة الدولية،
والتركيز علئ شئونهم الداخلية و مصالحهم المباشرة.
٣- سياسة الخنق والحصار الاقتصادي والسياسي لروسيا سوف يكون له عواقب وسياسيًا واقتصاديا واجتماعيًا ، وإنسانيًا ، في المدي القريب والمتوسط والبعيد، وانه لن يستثني منه آحد.
٤- الافراط في أستخدام الحل العسكري شوف يزيد من ضعف الآمن العالمي ، ويزيد من أحتمالات تعافي المنظمات الارهابية، والعمليات الارهابية حول العالم ، أستغلال لظروف الأزمة والحرب في اوكرانيا .
٤- الحصار الاقتصادي والمالي واللوجستي علي روسيا لن يضر فقط بها بل سوف يضر ألعالم بأسرة ، وخاصة الدول الفقيرة والنامية في أفريقيا وآسيا.
٥- مايزيد من احتمال تأثر روسيا بالحصار الاقتصادي علي روسيا هو :-
* معظم المنظمات والهيئات الدولية موجودة في الدول الغربية ، وهي تخضع تحت سيطرة العالم الناهض لروسيا في حربها علي اوكرانيا.
* يراهن الغرب علي الوقت وعامل الزمن ومدي مقاومة الجيش والشعب الاوكراني حيث ان اطالة امد الحرب دون سرعة حسمها من الجانب الروسي ، سوف يكون له عواقب سيئة على الإستراتيجية الروسية.
* إطالة امد الحرب ، سوف يزيد من سخط قطاع كبير من الشعب الروسي الذي سوف يعاني من عواقب الحصار الاقتصادي سواء علي مستوي المواطن او الدولة .
التوصيات:-
* اذا لم يتم احكام الحكمة والعقل والرشد سريعا
فالقادم سوف يكون اسوء بكثير ، فما ذنب الاطفال والنساء والشباب وكبار السن والعجزة والمرضي من هذه الغطرسة الانسانية المفرطة في أستخدام القوة ، ضاربين عرض الحائط بكل المفاهيم القيم والإنسانية السامية من رحمة وسلام وأمن .
ان الأصوات التي ادعت ان العالم علي اعتاب نظام عالمي جديد ، في أعقاب إبرام الإتفاق الاستراتيجي بين روسيا والصين ، اضحي لهم الان انهم كانوا ضحية تحليلات ونتائج غير صائبة ، وان النظام العالمي الجديد هو الفوضي والهمجية والوحشية الإنسانية من اجل الغطرسة والغرور البشري ، وفتنة القوة العسكرية والتكنولوجية ، التي للاسف استخدمت في التدمير ، وليس الامن والسلم والاستقرار ، وهي نعم لم يعرف البشر قيمتها ولم يتعلم من حروب وصراعات الماضي.
” للأسف ، مازال الأنسان فية جاهلية “.