في ظل تصاعد وتيرة الأحداث في الشرق الأوسط، تعود إلى الواجهة خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء حرب غزة، وسط تساؤلات عديدة حول فرص صمودها، والدور المحوري الذي تلعبه مصر في إنقاذ هذه الخطة ووقف نزيف الدم في القطاع.
أثارت تصريحات ترامب الأخيرة جدلاً واسعاً بعد حديثه عن تعديل في خطة التسوية، إذ ترددت أنباء حول حذف بند يتعلق بـ”عدم السماح بضم الضفة الغربية”. غير أن ترامب أكد بوضوح في تصريحات لاحقة أنه لن يسمح بضم الضفة الغربية، مشيراً إلى أن بعض البنود تظل خاضعة للمراجعة بهدف الحفاظ على حرية المناورة السياسية.
اجتماعات شرم الشيخ.. فرصة أخيرة لوقف الحرب
شهدت مدينة شرم الشيخ المصرية اجتماعات مكثفة توصف بـ”الفرصة الأخيرة” لوقف الحرب على غزة، بمشاركة وفد من حركة حماس برئاسة خليل الحية، وعدد من الوسطاء المصريين والقطريين، في مفاوضات غير مباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وتناولت الاجتماعات شروط وقف إطلاق النار وضمانات الانسحاب وصفقة تبادل الأسرى إلى جانب الجدول الزمني لتنفيذ الخطة الأمريكية.
حماس تؤكد جدّيتها واستعدادها للحل
خلال لقاء مع قناة الإخبارية المصرية، أكد خليل الحية أن وفد حماس يشارك في المفاوضات بروح إيجابية ومسؤولة، بهدف إنهاء الحرب وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع، وتنفيذ صفقة تبادل شاملة تشمل جميع الأسرى من الجانبين.
وشدد على أن الحركة تطالب بضمانات دولية حقيقية تضمن وقف العدوان بشكل نهائي، مؤكداً أن الموقف الفلسطيني يتوافق مع ما نشرته وكالات الأنباء حول استعداد حماس للتعاطي مع الخطة الأمريكية.
واشنطن ترحب ومصر في قلب المشهد
من جانبه، أعرب ترامب عن تفاؤله، قائلاً إن حماس أظهرت حسن نية ويمكن البناء على هذا الموقف للتوصل إلى اتفاق شامل ينهي الحرب “إلى الأبد”، مشيراً إلى أن الضمانات الدولية ستكون الضامن الأساسي لتنفيذ الاتفاق.
في المقابل، لعبت مصر دوراً محورياً في تيسير الحوار بين الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي، من خلال مفاوضين مصريين وقطريين يتنقلون بين غرف التفاوض في شرم الشيخ.
ضمانات مطلوبة والتزام مشكوك فيه
ورغم الأجواء الإيجابية، حذر خليل الحية من تجربة سابقة في نقض إسرائيل لاتفاقات مماثلة، مؤكداً أن نجاح أي اتفاق جديد مرهون بضمانات دولية ملزمة تكفل التزام تل أبيب بتنفيذ بنود الخطة.
وأشار إلى أن الحركة لن توافق على أي اتفاق لا يتضمن آليات واضحة لإنهاء الحرب وضمان عدم تكرارها.
جدل حول نزع سلاح حماس
من أبرز الملفات الخلافية المطروحة على طاولة المفاوضات مسألة نزع سلاح حماس، إذ تتضارب التصريحات حول استعداد الحركة لتسليم سلاحها.
فبينما تؤكد قياداتها أنها لن تتخلى عن السلاح إلا لدولة فلسطينية منتخبة، تطرح أطراف أخرى فكرة تسليم السلاح لقوة عربية بإشراف مصري لحين التوصل إلى حل سياسي نهائي.
ويظل السؤال مطروحاً: ما هو السلاح “الهجومي” الذي يُطلب نزعه، وما هو “الدفاعي” المسموح به؟
الشرق الأوسط على مفترق طرق
تأتي هذه التطورات في وقت حساس تمر به المنطقة منذ 7 أكتوبر 2023، حيث تغير المشهد الجيوسياسي بشكل جذري.
وتُطرح تساؤلات حول ما إذا كانت خطة ترامب قادرة على إعادة رسم خرائط المنطقة في ظل حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن “إسرائيل الكبرى”، ومواصلة الضغط الأمريكي على لبنان لنزع سلاح حزب الله، ما يعيد شبح التصعيد في أكثر من جبهة.
مصر.. ركيزة الاستقرار
تبقى مصر محور الاتزان والوساطة في كل مفصل من مفاصل الأزمة، حيث تعمل على تقريب وجهات النظر وتجنب انزلاق المنطقة إلى دوامة جديدة من الصراع.
ويبقى السؤال الأهم: هل تصمد خطة ترامب لإنهاء حرب غزة، أم تعصف بها الخلافات من جديد؟
د. ماك شرقاوي الكاتب الصحفي
والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي
