تُعدّ مؤسسة “أمير المؤمنين” إحدى الركائز الأساسية التي يقوم عليها النظام الملكي في المغرب، وهي تمثل خصوصية فريدة في العالم العربي والإسلامي. هذا ما تناوله الشيخ محمد الفيزازي، رئيس الجمعية المغربية للسلام والتواصل، في مقابلة سابقة، حيث أوضح أن هذا اللقب يتجاوز كونه مجرد تسمية ليصبح مؤسسة دينية وسياسية متكاملة.
مؤسسة متفردة وشرعية البيعة:
“أمير المؤمنين” ليس لقباً فخرياً، بل هو بمثابة مؤسسة قائمة بذاتها، تمنح للملك عبر بيعة شرعية. هذه البيعة لا تتم بشكل عشوائي، بل هي نتاج اتفاق واختيار من قبل نخبة من الشخصيات العسكرية، السياسية، الفكرية، والدينية. هذا التوافق يضفي شرعية دينية وسياسية على حكم الملك، ويجعله متميزاً عن أنظمة الحكم الأخرى في المنطقة.
الجمع بين السلطتين الدينية والسياسية:
و الملك، بصفته أمير المؤمنين، يتمتع بسلطة مطلقة في الشؤون الدينية داخل المغرب، وهذا الدور منصوص عليه دستورياً وعُرفياً. يتجلى ذلك في إشرافه المباشر على وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وترأسه للمجلس العلمي الأعلى للفتوى. هذا الدمج بين القيادة السياسية والدينية يمنح الملك مكانة مركزية في المجتمع المغربي، حيث يُنظر إليه كقائد للأمة في شؤونها الدينية والدنيوية على حد سواء.
الإجماع الوطني والعمق الروحي:
من اللافت أن مفهوم “أمير المؤمنين” يحظى بإجماع وطني واسع في المغرب. فالملكية، بحكم هذه المؤسسة، لا تُطرح تساؤلات جدية بشأنها من قبل غالبية الشعب، والنخب الفكرية، والعلماء. بل يُنظر إلى الملك كـ “الأب الروحي” للشعب المغربي، مما يعكس عمق الارتباط الروحي والثقافي بين الملك ورعيته.
دلالات “المؤمنين” وأهمية البيعة:
يوضح الشيخ الفيزازي في المقابلة أن مصطلح “المؤمنين” في هذا السياق يشير بالأساس إلى المسلمين، مستنداً إلى تفسيرات لاهوتية. على الرغم من أن الملك يحكم جميع المغاربة بمختلف انتماءاتهم، إلا أن قدسية لقب “أمير المؤمنين” تستمد أساسها من الإيمان بالإسلام. كما يؤكد على أهمية البيعة، مستشهداً بالحديث الشريف: “من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية”، مما يؤكد على البعد الشرعي لهذا العقد بين الحاكم والمحكوم.
حماية الثوابت الدينية والهوية الوطنية:
يُستشهد في الفيديو بخطاب للملك محمد السادس يعود لعام 2015، حيث شدد على ضرورة الحفاظ على الهوية المغربية الأصيلة، والالتزام بالمذهب المالكي السني، ورفض الأيديولوجيات الدخيلة أو الآراء المتطرفة. هذا يؤكد الدور المحوري لأمير المؤمنين في حماية الثوابت الدينية للبلاد وتراثها الثقافي، وضمان استقرارها ووئامها الاجتماعي.
الخلاصة:
تُشكل مؤسسة “أمير المؤمنين” في المغرب نموذجاً فريداً للحكم يجمع بين السلطتين الدينية والسياسية، وتستند إلى شرعية البيعة والإجماع الوطني. هذا النموذج ليس مجرد ترتيب إداري، بل هو تجسيد لعمق العلاقة الروحية والتاريخية بين الملك والشعب، ودعامة أساسية للحفاظ على الهوية الدينية والثقافية للمملكة.
د. ماك شرقاوي الكاتب الصحفي
والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي
رابط الحلقة :
رابط الصفحة :
https://www.facebook.com/Dr.MacSharkaw
