د. ماك شرقاوي يكتب: إيران والجزائر: هل تتحول الجزائر إلى مستودع نووي؟

30

د. ماك شرقاوي يكتب عن التطورات المثيرة للجدل حول احتمالية نقل إيران لليورانيوم المخصب إلى الجزائر، وسط ضغوط أمريكية متزايدة وتهديدات إسرائيلية بتوجيه ضربات للمنشآت النووية الإيرانية.

تحذيرات إيرانية وتصعيد جديد
خلال الفترة الماضية، أصدرت إيران تحذيرات جدية، مفادها أنه في حال تعرضها لضربة عسكرية أو ضغوط مفرطة من الغرب، فإنها قد تنقل مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى “أماكن غير معلومة”. وقد جاء هذا في رسالة رسمية من عباس عرقجي إلى الأمين العام للأمم المتحدة والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

زيارة تبون لطهران… علامة استفهام؟
زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى إيران، ولقاؤه المرتقب مع المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أثارت تساؤلات عدة. التوقيت الحساس للزيارة، والتقارب غير المسبوق بين الجزائر وطهران، يثيران الريبة حول وجود ترتيبات سرية بين الطرفين، قد تشمل التعاون في ملف نووي حساس.

مؤشرات على الأرض… مناورات عسكرية “نووية” جزائرية
من أبرز ما أثار الشكوك، إجراء الجيش الجزائري لمناورات تحاكي سيناريوهات تسرب إشعاعي، وتدريب القوات على التعامل مع حوادث نووية، بما في ذلك ارتداء الزي الواقي، واستخدام أجهزة الكشف الإشعاعي، وإجراء عمليات تنظيف وإسعاف للمصابين المحتملين بالتلوث.

هذه التدريبات التي لم تكن معتادة في الجزائر سابقاً، تزامنت مع التطورات الإيرانية، ما دفع البعض – ومنهم شرقاوي – للربط بينها وبين إمكانية وجود ترتيبات لنقل مواد نووية إيرانية إلى الأراضي الجزائرية.

اتفاق 5+1 والبرنامج النووي الإيراني
يرتكز الاتفاق النووي الإيراني، المعروف باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)”، الموقع في 14 يوليو 2015، على عدة محاور، أبرزها:

تقليص عدد أجهزة الطرد المركزي.

تخفيض نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 3.67%.

خفض مخزون اليورانيوم المخصب من 10,000 كغم إلى 300 كغم.

إرسال الفائض إلى روسيا أو دول أخرى (والآن ربما الجزائر).

تعديل مفاعل “آراك” وعدم إنتاج البلوتونيوم.

تحويل منشأة “فوردو” إلى مركز أبحاث خالٍ من نشاط التخصيب.

وضع المنشآت تحت رقابة صارمة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

الجزائر في مرمى النار؟
إذا صحت المعلومات التي تفيد بنقل مواد نووية إيرانية إلى الجزائر، فإن هذا يعرض الدولة المغاربية لخطر كبير، ليس فقط من حيث العقوبات الدولية، بل قد يمتد إلى تهديدات أمنية حقيقية، بما في ذلك ضربات عسكرية محتملة.

التحليلات تشير إلى أن إيران تسعى لحماية برنامجها النووي من خلال “نشر” عناصره خارج حدودها، وتعتبر الجزائر، بحسب شرقاوي، الوجهة المثلى حالياً بسبب التقارب السياسي والعسكري المتنامي.

المغرب يدخل على الخط؟
في سياق موازٍ، تتخذ المملكة المغربية خطوات استباقية، منها بناء مراكز تخزين استراتيجي للأسلحة الكيميائية والنووية تحسباً لأي طارئ، في مؤشر واضح على أن الرباط تتابع الوضع عن كثب وتستعد لأي تسرب إشعاعي محتمل من الجزائر.

جبهة البوليساريو والسيناريو الأسوأ
السيناريو الكارثي، كما يراه شرقاوي، هو وقوع اليورانيوم في يد جماعات مثل جبهة البوليساريو، خاصة إذا ما شهدت الجزائر انهياراً سياسياً أو فوضى أمنية. مثل هذا التطور قد يغير معادلة الأمن في المنطقة، ويجر أطرافاً دولية وإقليمية إلى تدخل مباشر.

الموقف الدولي والأمريكي
الولايات المتحدة، بحسب تصريحات مسؤولين، ترفض أي تخصيب نووي إيراني حتى بنسبة 1%. وقد فشلت الجولة الأخيرة من المفاوضات النووية في روما، مما يرجح الخيار العسكري كحل محتمل، وفقاً لشرقاوي. إسرائيل بدورها تدرس خطواتها، ولا يستبعد أن تقوم بعمل عسكري وقائي ضد إيران أو أي جهة تستضيف برنامجها النووي.

فى النهاية هل اليورانيوم الإيراني في الجزائر؟
رغم عدم وجود تأكيد رسمي حتى الآن، إلا أن المعطيات التي تم جمعها، من المناورات الجزائرية، إلى تصريحات إيران، والزيارة الرئاسية المفاجئة، تفتح الباب أمام فرضية قوية بأن اليورانيوم الإيراني المخصب بات خارج الحدود… وفي الجزائر تحديداً.

يبقى السؤال: هل تتحول الجزائر إلى مستودع نووي لإيران؟ وهل يعي الشعب الجزائري مخاطر مثل هذا الدور؟ الأيام القادمة قد تحمل الإجابة.

د. ماك شرقاوي الكاتب الصحفي
والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي

رابط الحلقة: