د. ماك شرقاوي يكتب: إيران وجبهة البوليساريو: تحالفات غير تقليدية تهدد استقرار شمال إفريقيا

3

في واحدة من أخطر التحولات في العقيدة العملياتية الإيرانية، كشفت صحيفة *واشنطن بوست* عن معطيات مثيرة للقلق مفادها أن إيران قامت بتدريب عناصر من جبهة البوليساريو في معسكرات داخل الجزائر. هذه المعلومات التي نقلتها الصحيفة استنادًا إلى مصادر أمنية أوروبية وإقليمية تأتي في سياق انهيار النفوذ الإيراني التقليدي في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

لفترة طويلة، كانت طهران تعتمد على شبكة متماسكة من الميليشيات الشيعية الممتدة من العراق إلى لبنان، مرورًا بسوريا. لكن مع هزيمة الأسد على أيدي جماعات إسلامية، وتراجع حضور حزب الله عند حدود لبنان، وجدت إيران نفسها أمام فراغ استراتيجي دفعها إلى التفكير خارج صندوقها الطائفي.

هكذا برزت جبهة البوليساريو، الحركة الانفصالية المدعومة من الجزائر والتي تسعى إلى فصل الصحراء الغربية عن المغرب. وإذا صحّت المعلومات بشأن تدريب مقاتلي البوليساريو على يد الإيرانيين، فنحن أمام مشهد جديد يحمل أبعادًا جيوسياسية خطيرة:

1. **تهديد مباشر للمغرب**: إذ يُعدّ التحالف الإيراني-البوليساريو تهديدًا مزدوجًا: أمني واستراتيجي، خاصةً في ظل توتر العلاقات بين الرباط وطهران منذ قطع المغرب علاقاته بإيران في 2018 بسبب دعمها للجبهة عبر حزب الله.

2. **استغلال للفراغ السياسي في سوريا**: استخدام أراضٍ سورية لتخزين وتدريب عناصر غير سوريين يعكس نية إيران في إبقاء سوريا ساحة مفتوحة لتجاربها الإقليمية.

3. **إحراج للجزائر**: إن ثبت تورط الجزائر في تسهيل هذا التعاون، فإنها تخاطر بتوسيع دائرة التوتر مع المغرب وتحمل مسؤولية إقليمية في تصعيد غير مسبوق.

ما ورد في تقرير *واشنطن بوست* ليس مجرد تفاصيل صحفية. هو ناقوس خطر ينبّه إلى أن طهران – التي لطالما وصفت تحالفاتها بأنها دفاع عن المستضعفين – بدأت تدخل في تحالفات انفصالية عابرة للطوائف والأيديولوجيات.

لقد آن الأوان لطرح سؤال مباشر على الدول المغاربية: هل الصراع الإقليمي مع إيران أصبح واقعًا لا مفر منه؟ وهل الصحراء باتت ساحة مواجهة بالوكالة بين إيران والمغرب؟

ما يحدث يتطلب مواقف واضحة وتحركًا دبلوماسيًا عاجلاً في المحافل الدولية لكشف هذا المخطط ووضع حد له قبل أن تتسع رقعته الجغرافية والسياسية.

د.ماك شرقاوي الكاتب الصحفي
والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي

رابط الحلقة :

رابط الصفحة

https://www.facebook.com/Dr.MacSharkaw‬