يقول د. ماك شرقاوي، المحلل السياسى الأمريكي، عضو الحزب الجمهوري، إنه بعد إعلان دولة إسرائيل فى عام 1948، فبعد إحدى عشرة دقيقة اعترفت بها الولايات المتحدة الأمريكية، فالعلاقات وثيقة بينهما منذ بداية الكيان الإسرائيلى.
وأشار إلى أن الدعم الأمريكى لإسرائيل، يشمل الدعم العسكرى والمعونات والمخابراتى والسياسى وحماية الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل فى المجتمع الدولى باستخدام حق الفيتو فى مجلس الأمن.
وفيما يخص الدعم العسكري، أكد شرقاوى أن الولايات المتحدة الأمريكية تقدم دعمًا عسكريًا كبيرًا لإسرائيل من، نشأتها فى عام 1948، لتعزيز قدراتها الدفاعية وضمان تفوقها العسكرى فى المنطقة. ومن أبرز أنواع الأسلحة التى أرسلتها أمريكا لإسرائيل الطائرات الحربية المقاتلة التى تشمل طائرات F35 وf15 وf16 والتى تعتبر من أهم وأحدث الطائرات القتالية فى العالم، وبالنسبة للدبابات أرسلت لها دبابات “أبرامز إم1” الأمريكية، وساعدتها أيضًا فى تطوير دبابات الميركافا بتقنية أمريكية، وفى الأنظمة الدفاعية ساعدتها فى إنتاج نظام القبة الحديدية، وهو إنتاج مشترك أمريكى إسرائيلي، يوفر حماية ضد الصواريخ قصيرة المدى، ونظام السهم لأنظمة الدفاعية للصواريخ الباليستية، وأيضًا الباتريوت وأنظمة “باد” الدفاعية.
ويؤكد أن المعونات التى قدمتها أمريكا منذ عام 1948 حتى اليوم، تتجاوز ما قيمته أكثر من 146 مليار دولار أمريكي، كمساعدات عسكرية، منها 38 مليار دولار على مدار عشر سنوات وقع عليها أوباما فى عام 2016 أثناء رئاسته لأمريكا، كمساعدات فى الفترة من 2019 إلى 2028 بقيمة 3.8 مليار دولار كل عام وذلك بخلاف ما تمنحه الولايات المتحدة لإسرائيل من معونات اقتصادية قيمتها 2.5 مليار دولار أمريكى كل عام بسبب اتفاقية السلام.
تعاون مخابراتى وثيق
أوضح د. ماك شرقاوي، أنه فى إطار الدعم المخابراتى هناك تعاون كبير بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية فى هذا الإطار، ومن الممكن القول إن هناك تعاونا وثيقا، ما بين المخابرات المركزية الأمريكية “CIA” والموساد الإسرائيلى فى جمع وتحليل المعلومات حول التهديدات الأمنية فى الشرق الأوسط، وكانت هناك اتهامات فى حقبة أوباما ولم يتم الرد عليها حتى اليوم، حول أن المؤسسة الأمنية “NSA”، وهى من ضمن 17 مؤسسة أمنية أمريكية المنوط بها تسجيل المكالمات والاتصالات السلكية واللاسلكية والإنترنت البريد الإلكترونى والتليكس، وكل ما يتعلق بمجال الاتصال، يتم تسجيله للعالم كافة، وإعطاء إسرائيل نسخة غير منقحة من هذه المعلومات لكن هذا الاتهام لم يتم الرد عليه حتى اليوم.
أما بالنسبة للدعم السياسي، فقال إن الولايات المتحدة الأمريكية، تدعم إسرائيل فى كل المحافل الدولية، وتحميها خصوصًا فى مجلس الأمن، حيث استخدمت أمريكا حق الفيتو 82 مرة منها 45 لصالح إسرائيل، كانت دائمًا لمنع قرارات تنتقد السياسات الإسرائيلية أو تدعو لفرض عقوبات عليها، مشيرًا إلى أنه فى مجال التعاون السياسى تدعم واشنطن إسرائيل فى القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط، وتعمل على تعزيز اتفاقيات السلام بينها وبين الدول العربية.
وعلى صعيد الشراكة الاقتصادية بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، هناك تعاون وثيق بينهما، وبالأخص فى مجالات التكنولوجيا والتى تتميز إسرائيل بأنها متقدمة فيها، والزراعة والصناعات الدوائية والطاقة.
أما فيما يخص التبادل التجاري، ففى عام 2020 بلغ حجم العلاقات التجارية بينهما 25 مليار دولار، ويعتبر أكبر من حجم التعاملات التجارية بين أمريكا ودول المنطقة وأوروبا، وهناك اتفاقية تحرير التجارة التى وُقِّعَت بينهما فى عام 1985.
اللوبى الصهيونى يدعم ترامب
بسؤاله حول رؤيته لاحتمالية تَغَيُّر السياسات الأمريكية، فى ضوء انسحاب بايدن من السباق الرئاسى وتزايد فرص عودة ترامب للرئاسة، أكد ماك شرقاوى أن بايدن تحرر بعض الشىء من الضغوط الإسرائيلية وضغوط اللوبى الصهيونى والإيباك فى الولايات المتحدة الأمريكية، وتوقع شرقاوى أن يضغط بايدن خلال الفترة المتبقية له فى الرئاسة على رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لوقف الحرب وإتمام صفقة الهدنة وعودة المحتجزين، خصوصًا أن بينهم سبعة من الأمريكيين، وبايدن مهتم بعودتهم قبل أن ينهى فترته الرئاسية، كما أنه ليس عليه ضغوط فى أن يدين بالطاعة والولاء للوبى الصهيونى لأنه لن يرشح نفسه فى الانتخابات المقبلة، ولمسنا ذلك فى تصريحات بايدن بضرورة أن يتوقف نتنياهو عن تصعيد الأمور قائًلا: له لن تجدنا فى مساعدتك، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية منزعجة من اغتيال إسماعيل هنية رئيس حركة حماس، لكنها كانت تعلم باغتيال فؤاد شكر القائد العسكرى لحزب الله اللبنانى باعتباره الرجل الثانى فى الحزب والمسئول عن العمليات العسكرية ويمكن أن يقلل من العمليات العسكرية ضد إسرائيل فوافقت أمريكا على هذه العملية.
وأكد د. ماك شرقاوى أن بنيامين نتنياهو واللوبى الصهيونى سيدعمان ترامب فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، لأنهم يعلمون أن ترامب قدم لهم الكثير وإن كانت هناك ضغوط من ترامب على إسرائيل لأن صفقة القرن التى رفضناها، ووصفتها شخصية بصفعة القرن، كانت مبنية على حل الدولتين، واليوم لا نجد هذا الحل موجودًا على طاولة المفاوضات، وأعتقد أن عودة ترامب من الممكن أن تحيى حل الدولتين مرة أخرى حتى وإن كانت دولة مبتسرة وغير قابلة للتحقيق، لكن يمكن البناء عليها مع الإرادة الدولية والضغوط على إسرائيل.
وتوقع ماك شرقاوى فى حال أصبحت كامالا هاريس رئيسة لأمريكا، فإن الأمر لن يختلف كثيرًا، فهى كانت سيناتوراً مغموراً فى ولاية كاليفورنيا، ولعلاقتها الوثيقة بباراك أوباما دعمها فى انتخابات مجلس الشيوخ فى الكونجرس الأمريكى كى تصبح “سيناتوراً”، فاختيارها كى تكون نائبة ضمن قائمة تصدرتها ميشيل أوباما التى تخطاها الرئيس بايدن واختار هاريس نائبة له، فكل ما حققته فى تاريخها السياسى أنها نائبة للرئيس الأمريكى ولم تحقق أى نجاحات فى أى من الملفات الموكلة إليها وفى مقدمتها ملف الهجرة الذى فشلت فيه فشلًا ذريعًا حيث دخل إلى الولايات المتحدة الأمريكى نحو عشرة ملايين مهاجر غير شرعى خلال السنوات الأربع الماضية، كما أوكل إليها زيارة دولية لمحاولة الضغط على إسرائيل والتقت بشخصيات رفيعة المستوى فى الشرق الأوسط فى مقدمتهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأعتقد أن هذه الزيارة هى التى يمكن أن تعول عليها بأن لها دورا فى السياسة الخارجية الأمريكية.
وأضاف قائلا: لا أعتقد أن كامالا هاريس يمكن أن تتحرر من أجندة بايدن والحزب الديمقراطي، فلها بعض التصريحات للاستهلاك المحلي، إنها تغسل يدها من الإبادة الجماعية، ومن استهداف المدنيين وقتل الأطفال والنساء، والحديث بغلظة مع بنيامين نتنياهو بأنها لن توافق على هذه الأمور، كلها محاولات لغسل اليد من الدماء فى ضوء الاتهامات الموجهة للولايات المتحدة الأمريكية بأنها شريك فعلى فى الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التى ترتكبها إسرائيل، فلن تتغير كثيرًا فى السياسات الداخلية والخارجية عن أجندة بايدن والحزب الديمقراطي.
دعم مؤسسي
حول رأيه فى إمكانية أن يختلف الدعم الأمريكى لإسرائيل بين الجمهوريين والديمقراطيين، أكد أن دعم إسرائيل مؤسسي، فكل دوائر صنع القرار فى الولايات المتحدة الأمريكية تدعم إسرائيل، ففى مسرحية الخلاف بين أوباما وبنيامين نتنياهو وزيارته فى 2015 وإلقائه كلمة فى الكونجرس الأمريكى ولم يذهب إلى البيت الأبيض ولم توجه له دعوة آنذاك من الرئيس أوباما، وتغاضى أوباما وتعليماته لممثل الولايات المتحدة فى مجلس الأمن إزاء 15 ديسمبر 2016 بأن يمتنع عن التصويت فى قرار لإدانة إسرائيل فى المستوطنات وصوتت 14 دولة للقرار، تخيل البعض أن باراك أوباما تخلى عن إسرائيل وترك القرار يمر فى مجلس الأمن لإدانتها، كل هذه الأمور كانت مسرحية هزلية والدليل على ذلك قبل خروجه من الرئاسة فى عام 2016 وقع أوباما أكبر صفقة معونات حجمًا مع إسرائيل بلغت قيمتها 38 مليار دولار على عشر سنوات، أهداها لإسرائيل قبل أن يغادر.
كل قرارات الكونجرس التى تصدر بشأن إسرائيل تصدر بالأغلبية الساحقة، فعلى سبيل المثال قرار نقل السفارة يتوهم البعض بأن ترامب هو الذى قام بنقلها أو أنه الذى قرر ذلك، هذا القرار صدر عام 1995 بأغلبية 98 صوتاً مقابل 2 فى مجلس الشيوخ الأمريكى و435 مقابل 10 فى مجلس النواب، وهذا القرار لم يُنَفّذ إلا فى عام 2017 لأن كل الرؤساء الأمريكيين جمهوريين وديمقراطيين الذين تعاقبوا تقدموا بمشروع قانون كل ستة أشهر، فى شهرى يناير ويوليو من كل عام، لمجلس النواب بوقف تنفيذ قرار نقل السفارة للمواءمات السياسية والعسكرية والأمن القومى الأمريكى فى المنطقة. وعندما اعتلى ترامب منصب الرئيس قدم مشروع قانون فى يناير 2017 لوقف تنفيذ نقل السفارة، وفى شهر يوليو من العام نفسه عندما أبلغه بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى أنه مستعد لنقل السفارة، فلم يتقدم ترامب فى شهر يوليو بمشروع قانون وقف تنفيذ نقلها، وقام بنقلها فى ديسمبر 2017.
وأكد ماك شرقاوى أن أول قرار صدر بعدما تولى مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكى بعد كيفين مكارثي، قام بتمرير قانون لدعم إسرائيل بأغلبية ساحقة، فدعم إسرائيل منهجى ومؤسسى لا يختلف عليه أى من الحزبين، وكل ذلك يحدث لأن اللوبى الصهيونى الذى تتزعمه جمعية الإيباك كجماعة ضغط موجودة فى الولايات المتحدة الأمريكية منذ خمسينيات القرن الماضي، تؤثر فى السياسات الداخلية والخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، وتدعمها 299 جمعية وهيئات أخرى فى الداخل الأمريكى تسيطر على كل الانتخابات الأمريكية بدءًا من المجلس التشريعى للمدن والمقاطعات والولايات، وفى الكونجرس الأمريكى كل منصب يتم اختياره بالانتخاب يتحكمون فيه ويدعمون الطرف والخصم فيدينون بالولاء لهم سواء جمهوريين أم ديمقراطيين أم مستقلين أو حزبى الشاى والخُضْر أيضًا، فلا يوجد منصب انتخابى فى الولايات المتحدة الأمريكية لا تقدم له دعم هذه الجمعيات دعماً، وذلك بخلاف جمعية “NRA” التى تدعم الجمهوريين والديمقراطيين لحماية التمديد الثانى للدستور بشأن حمل السلاح لكى تستفيد الجمعية وأعضاؤها الذين يتجاوز عددهم مليونى عضو فى أمريكا، فاللوبى الصهيونى متحكم والدليل على ذلك أننى كأمريكى أستطيع أن أقاطع المنتجات الأمريكية، لكن لا أستطيع أن أقاطع المنتجات الإسرائيلية، فهناك 36 ولاية أمريكية أصدرت قوانين وقرارات داخلية فى كل ولاية تمنع مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وهناك حركة اسمها “BDS” التى تدعو لمقاطعة المنتجات التى تأتى من المستوطنات كونها غير شرعية، لكن هذه الولايات استطاعت أن تتحكم فى المجالس التشريعية بإصدار قرارات وقوانين وإجراءات داخلية ومذكرات خفية تمنع مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وتجبر قاطنيها وموظفها على كتابة تعهد بعدم المقاطعة وإلا تعرضوا لإجراءات تصل إلى الفصل من أماكن عملهم، ولن يتم تعيين أى شخص دون إمضاء التعهد بعدم المقاطعة، فاللوبى اليهودى متغول داخل النسيج الأمريكى ويتحكمون فى السياسة والاقتصاد والوظائف العليا، فولاية نيويورك على سبيل المثال تعداد سكانها 8 ملايين نسمة منهم خمسة ملايين يهودي، لدرجة أن البعض اقترح أن يتم تغيير اسمها لتصبح ولاية “جو يورك”.
.د.ماك شرقاوي الكاتب الصحفي
والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي