د. ماك شرقاوي يكتب: الأمم المتحدة تدعو الولايات المتحدة للتراجع عن عقوبات تستهدف المحكمة الجنائية الدولية

3

في خطوة أثارت جدلاً واسعًا، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يفرض عقوبات اقتصادية وقيودًا على السفر تستهدف أفرادًا مرتبطين بالمحكمة الجنائية الدولية (ICC). يأتي هذا القرار ردًا على تحقيقات المحكمة في أنشطة تخص الولايات المتحدة وحلفاءها، بما في ذلك إسرائيل. تتضمن العقوبات تجميد الأصول وحظر الدخول إلى الولايات المتحدة للمسؤولين المعنيين.

قوبل قرار ترامب بإدانات واسعة من جهات دولية متعددة. نددت المحكمة الجنائية الدولية بالعقوبات، مؤكدةً التزامها بتحقيق العدالة للضحايا في جميع أنحاء العالم، ودعت الدول الأعضاء والمجتمع المدني إلى دعمها في مواجهة هذه الإجراءات.

من جانبها، أعربت الأمم المتحدة عن أسفها العميق لقرار الولايات المتحدة، ودعت واشنطن إلى التراجع عن العقوبات المفروضة على المحكمة. صرّحت المتحدثة باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، رافينا شامداساني، قائلة: “نأسف بشدة للعقوبات الفردية المعلنة ضد موظفي المحكمة، وندعو إلى إلغائها”.

كما أعربت دول أوروبية عن استيائها من الخطوة الأمريكية. حذّر رئيس المجلس الأوروبي، أنتونيو كوستا، من أن العقوبات تهدد استقلالية المحكمة وتقوّض النظام القضائي الجنائي الدولي. بدورها، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أن المحكمة الجنائية الدولية يجب أن تكون قادرة على مواصلة عملها دون عوائق، مشددة على أن أوروبا ستدافع دائمًا عن العدالة واحترام القانون الدولي.

في المقابل، رحبت إسرائيل بقرار ترامب. أشاد وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، بالأمر التنفيذي، واصفًا المحكمة بأنها “لا أخلاقية” و”عارية عن أي أساس قانوني”، ومؤكدًا أن المحكمة تلاحق إسرائيل بشكل مهووس.

يرى خبراء قانونيون أن العقوبات الأمريكية على المحكمة الجنائية الدولية تمثل تحديًا خطيرًا للنظام القانوني الدولي. فالمحكمة، التي تأسست بموجب نظام روما الأساسي، تُعتبر هيئة مستقلة تهدف إلى محاسبة مرتكبي الجرائم الخطيرة مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. تُعد هذه العقوبات سابقة خطيرة، حيث إنها تعرقل جهود المحكمة في تحقيق العدالة الدولية وتحد من قدرتها على أداء مهامها.

دعت الأمم المتحدة واشنطن بالتراجع عن هذا القرار والذي يمثل حالة من القلق الدولي بشأن تأثير هذه الخطوة على النظام القضائي الدولي. فالمحكمة الجنائية الدولية تُعتبر أداة أساسية في مكافحة الإفلات من العقاب، وتعتمد المحكمة على تعاون الدول الأعضاء والمجتمع الدولي لضمان تنفيذ ولايتها. يرى مراقبون أن استمرار العقوبات قد يؤدي إلى تقويض الثقة في النظام القانوني الدولي ويشجع على مزيد من الانتهاكات دون خوف من المساءلة.

من نيويورك
د.ماك شرقاوي
الكاتب الصحفي والمحلل السياسي
المتخصص في الشأن الأميركي