تثير بعض الروايات التاريخية الجزائرية حول حرب أكتوبر 1973 جدلاً واسعاً بين المؤرخين والجمهور في مصر، خصوصاً فيما يتعلق بمستوى مشاركة الجزائر ودورها العسكري والسياسي خلال تلك الفترة. فبينما يرى بعض المؤرخين الجزائريين أن بلادهم كان لها دور محدد، يؤكد المحللون المصريون أن هذه الروايات تمثل محاولة لخلق انتصار وهمي لا يمت للواقع بصلة.
روايات متناقضة عن تاريخ المشاركة
وفقاً لبعض المصادر الجزائرية، فإن مشاركة الجزائر في حرب أكتوبر جاءت في 24 أكتوبر، في حين تشير الروايات الرسمية الجزائرية إلى تاريخ 17 أكتوبر. هذه الفجوة الزمنية في الرواية التاريخية تفتح المجال للجدل حول صحة الادعاءات، خاصة عندما يتم استخدام هذه التواريخ لتبرير دور مبالغ فيه للجزائر في الصراع العربي-الإسرائيلي.
ويضيف المحللون أن هذه الروايات تأتي أحياناً نتيجة ضغوط سياسية أو محاولات لإعادة كتابة التاريخ بما يخدم هوية وطنية معينة، على غرار ما حصل عندما حاول بعض المؤرخين نسب استقلال الجزائر لعام 1962 إلى مقاومة حقيقية ضد فرنسا، بينما الواقع يشير إلى أن السيادة الجزائرية كانت لا تزال تحت النفوذ الفرنسي حتى الاستقلال الرسمي.
أثر هذه الروايات على الوعي الشعبي
هذه المزاعم لم تمر مرور الكرام في الشارع المصري، حيث يُرى أنها تثير مشاعر الغضب والاستياء الشعبي، خاصة وأن الشعب المصري يفخر بانتصار أكتوبر ويقدّره كمعركة استعادة الكرامة الوطنية. ويعتقد المحللون أن استمرار تداول هذه الروايات قد يخلق انطباعات خاطئة لدى الأجيال الجديدة ويزيد من الاحتقان بين الشعوب العربية، خصوصاً بين مصر والجزائر، على الرغم من العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين.
انتصار وهمي أم تاريخ مشترك؟
يرى بعض المؤرخين أن ما يوصف بـ”الانتصار الوهمي” ليس مجرد مسألة تاريخية، بل أداة سياسية لدعم سردية معينة في الداخل الجزائري. ففي حين يرى الشعب المصري حرب أكتوبر كموقف بطولي أعاد للمصريين كرامتهم بعد هزيمة 1967، تحاول بعض الروايات الجزائرية تسليط الضوء على دور جزائري مبالغ فيه، ما يثير جدلاً واسعاً حول الموضوعية والدقة التاريخية.
بين الحقيقة التاريخية والروايات الوطنية، يظل الشعب المصري متمسكاً بذاكرته الجماعية حول انتصار أكتوبر، ويعتبر أي محاولة لخلق انتصار وهمي أو تضليل حول أحداث الحرب مسألة مثيرة للجدل. كما أن هذا النقاش يسلط الضوء على أهمية توثيق الحقائق التاريخية بعناية، لضمان نقلها للأجيال القادمة بدون تحريف أو تضليل سياسي
د.ماك شرقاوي الكاتب الصحفي
والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي
رابط الحلقة :

