د. ماك شرقاوي يكتب: المغرب ينتصر .. صفعة بريطانية لـ الجزائر والعزاء في المرادية

2

دعم بريطاني جديد لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية: تحوّل دبلوماسي يثير ردود أفعال متباينة
في تطوّر سياسي لافت، أعلنت المملكة المتحدة، من خلال زيارة وزير خارجيتها ديفيد لامي إلى العاصمة المغربية الرباط، دعمها الصريح لمبادرة الحكم الذاتي التي تقترحها المملكة المغربية كحل للنزاع الإقليمي حول الصحراء. وبذلك تصبح بريطانيا ثالث دولة من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي – بعد الولايات المتحدة وفرنسا – تعلن بشكل واضح تأييدها للمخطط المغربي، واعتباره “الأساس الأكثر واقعية ومصداقية وبراغماتية” لتسوية هذا النزاع المستمر منذ عقود.

جاء الإعلان في بيان مشترك وقّعه ديفيد لامي ووزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أكد فيه الجانبان على أهمية هذا التحول في مسار العلاقات الثنائية بين المملكتين، والتي وصفت بأنها تدخل “مرحلة جديدة ونوعية”. كما عبّرت بريطانيا عن استعدادها للعمل على دعم التنمية في الصحراء المغربية، بما في ذلك النظر في تمويل مشاريع اقتصادية من خلال هيئة تمويل الصادرات البريطانية بقيمة قد تصل إلى خمسة مليارات جنيه إسترليني.

الرباط: مرحلة دبلوماسية هجومية
اعتُبر الموقف البريطاني تتويجاً لسلسلة من النجاحات الدبلوماسية التي تقودها الرباط بقيادة الملك محمد السادس، والتي تهدف إلى كسب تأييد دولي متزايد لمبادرة الحكم الذاتي. وقد تحوّل الخطاب المغربي من الدفاع عن الموقف في ملف الصحراء إلى المبادرة والهجوم السياسي والدبلوماسي، عبر استقطاب دعم العواصم الكبرى، وتوسيع قاعدة الدول المتبنية للرؤية المغربية كحل عملي للنزاع.

وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة وصف زيارة ديفيد لامي بأنها “تاريخية”، مشيراً إلى أنها الأولى من نوعها منذ عام 2011، وشدد على أنها جاءت لتؤكد عمق العلاقة بين البلدين، كما عبّر عن ارتياحه لتطابق وجهات النظر حول ملفات إقليمية ودولية، وعلى رأسها ملف الصحراء المغربية.

رد فعل جزائري غاضب
من جانبها، أبدت الجزائر امتعاضاً واضحاً من الخطوة البريطانية. ففي بيان رسمي صادر عن وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، أعربت الجزائر عن “أسفها” لما وصفته بـ”الدعم البريطاني لمخطط الحكم الذاتي المغربي”. واعتبرت أن هذه الخطوة تمثل انحيازاً لا يخدم جهود التسوية المتوازنة للنزاع، وفقاً لرؤيتها.

البيان الجزائري تضمن لغة حادة وانتقادات صريحة للمبادرة المغربية، وادّعى أن المقترح لم يُعرض قط على “الصحراويين” كأساس جدي للتفاوض، كما انتقد ما أسماه بـ”محاولات فرض الأمر الواقع” عبر دعم خارجي متزايد للمغرب.

خلفيات الموقف البريطاني
يرى مراقبون أن الدعم البريطاني لمبادرة الحكم الذاتي يأتي في إطار إعادة تموضع دبلوماسي في شمال إفريقيا، وسعي المملكة المتحدة لتعزيز علاقاتها الاقتصادية والأمنية مع دول المحور المعتدل في المنطقة. كما يأتي هذا التحول في خضم دينامية دولية متصاعدة نحو دعم خطة الحكم الذاتي، والتي يقودها المغرب منذ تقديمه للمبادرة عام 2007.

البيان المشترك أشار بوضوح إلى أن لندن تتابع “الزخم الإيجابي” الذي يقوده الملك محمد السادس، معتبرة أن التوصل لحل نهائي للنزاع من شأنه تعزيز استقرار منطقة شمال إفريقيا، ودفع عجلة الاندماج الإقليمي.

فى النهاية : مشهد دبلوماسي يتغيّر
بدعمها العلني لمبادرة الحكم الذاتي، تنضم بريطانيا إلى قائمة الدول الكبرى التي ترى في الطرح المغربي حلاً عملياً للنزاع في الصحراء. وبينما تحتفل الرباط بهذا الإنجاز الدبلوماسي الجديد، تبدو الجزائر في موقف دفاعي متزايد، مع تراجع الدعم الدولي لطرحها التقليدي القائم على الاستفتاء وتقرير المصير.

إنه مشهد دبلوماسي متغيّر في المنطقة، تعيد فيه الرباط تموضعها كفاعل محوري في قضايا الأمن والاستقرار والتنمية الإقليمية، مستندة إلى دعم متزايد من القوى العالمية الكبرى.

رتبط الحلقة :