د. ماك شرقاوي يكتب: الوساطة الأمريكية: هل تقود إلى مصالحة بين المغرب والجزائر؟ .

12

، نُثير تساؤلًا هامًا: هل الوساطة الأمريكية ستفضي إلى مصالحة فعلية بين الرباط والجزائر؟
لحسم هذه القضية، نستعين برؤية مركز “هورايزون للأبحاث المغربية”، عبر مؤسسه ورئيسه السيد عبد الحكيم يماني، للغوص في عمق الوساطة، استراتيجياتها، وتداعياتها.

سياق الوساطة
تكشف مصادر دبلوماسية غربية ووثائق حصريّة عن “خارطة طريق أمريكية سرية”، أُعدّت منذ سبتمبر 2023 بإشراف جوشوا هاريس وفريق من موظفي الخارجية الأمريكية. تهدف هذه الخريطة إلى إعادة تشكيل الأسس السياسـية، الأمنية والاقتصادية للجزائر منذ استقلالها عام 1962، وفقًا لمسؤولين غربيين.

تضمن المشروع “اختبارات دبلوماسية” شملت اتصالات مع مسؤولين مغاربيين – من بينهم موريتانيون – بهدف قياس ردود الأفعال وخلق ضغط هادئ نحو التغيير. من ضمن النقاط المطروحة:

تحرير العقيدة السياسية والعسكرية الجزائرية التقليدية.

تقليص الاعتماد على روسيا في التسلّح.

إصلاح الاقتصاد المدفوع بالنفط والغاز.

الانفتاح السياسي الداخلي والانضمام الجاد لـ “المغرب الكبير”.

قراءة السيد عبد الحكيم يماني
خارطة الطريق ليست وساطة تقليدية، بل سلسلة شروط:

حصار الجزائر لتبني أجندة سياسية جديدة، تتضمن تحرير السوق ومراجعة علاقاتها بالمحيط.

طُرحت عبر “طعوم” ومبادرات دبلوماسية غير رسمية – زيارات سرية إلى المغرب، الجزائر، موريتانيا – لاختبار الاستجابة.

الخيارات المفتوحة للجزائر تقودها نحو طابور “المستحيلات”:

الموافقة تعني قلبًا بالكامل للهوية السياسية والعسكرية الجزائرية الراسخة منذ استقلال 1962.

الرفض يعني احتمال انفلات أمني داخلي أو محاولات انقلابية، وسط تردي توازن القوى داخل الدوائر الحاكمة.

الرؤية الأوسع من واشنطن:

تسعى الولايات المتحدة لتعزيز تحالف “مغاربي – أطلنطي” لمواجهة الهيمنة الروسية والصينية وتأمين خطوط الطاقة القادمة إلى أوروبا.

تأتي هذه السياسة ضمن استراتيجية أمريكية شاملة بأنقرة القارة الأفريقية كحزام مؤثر.

المخاطر المحتملة
هشاشة النظام الجزائري: لا توجد رؤية اقتصادية أو سياسية بعيدة المدى، والسيولة الاشتباك بين العسكر والسياسة تعقّد المشهد.

مخاوف اجتماعية: إصلاح شامل للنظام الاقتصادي قد يؤدي إلى تفجّر مطالب شعبية، لا سيما على خلفية الدعم السخي عبر الطاقة.

المفاجآت المحتملة: نتائج محتملة كالانقلابات أو ظهور “جمهورية ثانية” كما ألمح بعض السياسيين الجزائريين.

استراتيجية تطبيعية إسرائيلية: ملف العلاقات المحتملة بين الجزائر وإسرائيل يدخل ضمن الأجندة، وإن كان هذا الأمر يبدو أسهل من تغييرات جوهرية.

الوساطة الأمريكية المعلنة اليوم لا تُعنى فقط بالمصالحة المغربيّة–الجزائرية، بل هي جزء من “خارطة استراتيجية” تبدأ في شمال أفريقيا وتمتد إلى الساحل الأفريقي والقارة بأسرها. الهدف: تحديث النظام الجزائري وسياساته، وضبط التوازنات الإقليمية. لكنَّ المعضلة الحقيقية تكمن في استعداد الجزائر لقبول هذه الشروط، وما إنْ كانت ستُفضي إلى تواصل أو صدام داخلي كبير.

د. ماك شرقاوي الكاتب الصحفي
والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي

رابط الحلقة: