دخلت الولايات المتحدة في أول إغلاق حكومي منذ سبع سنوات بعد فشل الكونغرس في تمرير قانون التمويل اللازم لاستمرار عمل المؤسسات الفيدرالية. هذا الشلل الإداري يعني توقف آلاف الموظفين عن العمل، وتعطل خدمات أساسية مثل مكاتب إصدار الجوازات، مراكز الرعاية الصحية، وبرامج دعم الغذاء.
ورغم اجتماعات الساعات الأخيرة، فإن الخلافات الحادة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي حالت دون التوصل إلى أي اتفاق، ما زاد من قلق الأسواق المالية والمواطنين على حد سواء.
استقالات جماعية تهدد قطاعات حيوية
الأزمة جاءت متزامنة مع موجة استقالات هي الأكبر منذ 80 عامًا، إذ غادر أكثر من 150 ألف موظف اتحادي مناصبهم بعد قبولهم حوافز مالية للخروج المبكر.
الخبراء يحذرون من أن فقدان هذه الخبرات سيؤثر على برامج حساسة تشمل الأرصاد الجوية، سلامة الأغذية، الأبحاث الطبية، وحتى المشروعات الفضائية التابعة لوكالة ناسا.
الجمهوريون والديمقراطيون.. أزمة بلا حلول
الخلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين وصل إلى ذروته، حيث يتهم كل طرف الآخر بالتسبب في الإغلاق.
الجمهوريون يرون أن الديمقراطيين يعرقلون تمرير الموازنة بإصرارهم على زيادات في الإنفاق الصحي، بينما يؤكد الديمقراطيون أن الجمهوريين يرفضون توفير الحد الأدنى من الدعم المطلوب لبرامج الرعاية الاجتماعية.
المحلل السياسي ماركو مسعد أشار إلى أن “انعدام الأرضية المشتركة بين الحزبين جعل من الإغلاق نتيجة متوقعة، وليس مجرد أزمة مفاجئة”.
ترامب يطارد جائزة نوبل وسط جدل داخلي
على الصعيد السياسي والشخصي، أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجدل بتصريحاته الأخيرة التي أكد فيها أنه يستحق جائزة نوبل للسلام.
لكن استطلاع رأي أجرته صحيفة واشنطن بوست كشف أن 22% فقط من الأمريكيين يؤيدون هذا الطرح، في حين عارضه ثلاثة أرباع المستطلَعين.
ويرى محللون أن دعم ترامب غير المشروط لإسرائيل خلال حرب غزة، بجانب محاولاته للتقارب مع روسيا، يقللان من فرصه في نيل الجائزة، إلا إذا تمكن من إنهاء الحرب الحالية.
الجيش الأمريكي في قلب المعركة السياسية
الأزمة لم تقتصر على السياسة والاقتصاد، بل وصلت إلى المؤسسة العسكرية، حيث عقد وزير الحرب اجتماعًا استثنائيًا مع كبار الجنرالات.
تقارير إعلامية تحدثت عن محاولات ترامب تعزيز نفوذه داخل الجيش، وهو ما أثار مخاوف من استخدام المؤسسة العسكرية كأداة في الصراع السياسي الداخلي، في وقت تواجه فيه واشنطن تحديات متصاعدة مع روسيا والصين.
مستقبل غامض وأعباء على المواطن
تضع هذه التطورات الولايات المتحدة أمام مشهد داخلي معقد: إغلاق حكومي، استقالات جماعية، انقسام سياسي، ورئيس يسعى للجوائز العالمية بينما تتأزم الأوضاع داخليًا.
ويرى مراقبون أن الخاسر الأكبر حتى الآن هو المواطن الأمريكي، الذي يدفع ثمن الخلافات السياسية بين الحزبين، في وقت لا تلوح فيه حلول جذرية في الأفق.
د. ماك شرقاوي الكاتب الصحفي
والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي
رابط الحلقة :

