في حلقة جديدة من برنامجه “طريق المعرفة”، استضاف الإعلامي ماك شرقاوي الخبير الأمني والاستراتيجي المغربي الدكتور محمد الطيار، لمناقشة واحد من الملفات الشائكة في شمال إفريقيا، وهو مسألة تصنيف جبهة البوليساريو كتنظيم إرهابي، بناءً على تورط عناصرها في شبكات التهريب، والارتباط الوثيق بالجماعات المسلحة الناشطة في منطقة الساحل والصحراء.
ضيف الحلقة: سيرة غنية في الأمن والاستراتيجية
الدكتور محمد الطيار هو عميد شرطة إقليمي متقاعد، وباحث متخصص في قضايا الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب. يرأس “المرصد الوطني للدراسات الاستراتيجية”، كما عمل أستاذًا زائرًا في عدد من الجامعات، وله مشاركات بحثية نشطة حول الجغرافيا السياسية الإفريقية، الجماعات المسلحة، وحوكمة الأمن في منطقة الساحل.
البوليساريو: من “قضية تقرير المصير” إلى واجهة الإرهاب؟
بدأت الحلقة باستعراض مقال مهم نشره الدكتور الطيار قبل سنوات في مجلة Newslooks الأميركية، بعنوان:
“الجزائر ورعاية الإرهاب في الساحل الإفريقي”
وفيه كشف عن تورط النظام الجزائري في صناعة بيئة غير آمنة تمتد من جنوب الجزائر إلى شمال مالي، من خلال دعم جماعات مسلحة وتسهيل تحركاتها اللوجستية.
وأكد الطيار أن الجزائر دفعت بعناصر من المخابرات العسكرية إلى شمال مالي منذ عام 2003، ومنهم شخصيات مثل مختار بن مختار وعمار الصوفي المعروف بـ”عبد الرزاق البارا”، والذي كان ضابطًا في الجيش الجزائري ومسؤولًا عن الأمن الخاص لوزير الدفاع الجزائري الأسبق خالد نزار. ورغم القبض عليه وتسليمه للجزائر، لم يُحاكم حتى الآن.
مخيمات تندوف: ملاذ أم حاضنة للإرهاب؟
وفي محور ثانٍ من الحوار، تطرق الدكتور الطيار إلى مخيمات تندوف التي وصفها بأنها “سجن مفتوح”، يعيش فيه آلاف الصحراويين في ظروف إنسانية متردية، وسط غياب القانون، وهيمنة ميليشياوية. وأشار إلى أن المخيمات أصبحت منذ سنوات خزانًا بشريًا لتجنيد عناصر في التنظيمات الإرهابية، لا سيما “داعش الصحراء الكبرى” و”جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”.
شهادات ووقائع دامغة
تحدث الطيار عن عشرات القياديين الإرهابيين الذين ثبت انتماؤهم إلى جبهة البوليساريو قبل التحاقهم بالجماعات الإرهابية. ومن أبرز الأسماء:
أبو وليد الصحراوي: مؤسس تنظيم “داعش في الصحراء الكبرى”، قتل في عملية فرنسية عام 2021.
عيسى الصحراوي: المسؤول المالي واللوجستي لـ”داعش”.
عبد الرحمن الصحراوي وعبد الحكيم الصحراوي: من قادة التنظيم، وجميعهم كانوا ينتمون للبوليساريو.
كما كشفت تقارير رسمية في مايو 2024 عن مقتل القيادي الإرهابي أبو حذيفة الصحراوي، أحد مرتزقة البوليساريو، والذي عمل لسنوات تحت إمرة أبو وليد في النيجر ومالي.
المال العام في خدمة الإرهاب؟
أشار الدكتور الطيار إلى ما وصفه بـ”إعادة تدوير الإرهاب” في الجزائر، مستشهدًا بما يسمى “قانون المصالحة الوطنية” لعام 2006، والذي منح عفوًا عامًا للإرهابيين، بل وخصص دعمًا ماليًا لأسرهم، بموجب مرسوم رئاسي صدر في فبراير من العام ذاته. واعتبر الطيار هذا القانون “غطاءً قانونيًا” لحماية عناصر استخباراتية انخرطت في العمل الإرهابي، وتم إعادتهم للحياة المدنية دون محاسبة.
البوليساريو وداعش: شراكة موثقة؟
عرض البرنامج تسجيلًا مصورًا نشره تنظيم داعش في مارس 2023، يعترف فيه التنظيم بمقتل أربعة من قيادات البوليساريو في صفوفه، ويصفهم بـ”المناضلين”. كما أظهر الشريط أن عناصر من المخيمات تم تجنيدهم بشكل مباشر، وشكّلوا جزءًا من البنية القتالية للتنظيم في مالي والنيجر.
هل يقترب الحسم؟
ختم الدكتور الطيار الحوار بالتأكيد على ضرورة التحرك الدولي لتصنيف جبهة البوليساريو كتنظيم إرهابي، بناءً على الأدلة الميدانية، والعلاقات الموثقة بين عناصرها وتنظيمات مثل القاعدة وداعش. كما دعا إلى تحقيق دولي في الانتهاكات التي تشهدها مخيمات تندوف، خاصة ما يتعلق بالاختطاف، وتهريب البشر، والكوكايين، وغسيل الأموال.
د. ماك شرقاوي الكاتب الصحفي
والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي
رابط الحلقة:
