عاد ملف حظر السفر إلى الولايات المتحدة ليتصدر المشهد مجددًا، بعد أن أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرسومًا رئاسيًا جديدًا يوسع قائمة الدول الخاضعة لقيود الدخول، في خطوة تعكس تشددًا غير مسبوق في السياسات الأمنية والهجرية، وتبعث برسائل واضحة للعالم: الدخول إلى أميركا امتياز أمني وليس حقًا مكتسبًا.
مرسوم رئاسي جديد.. توسيع دائرة الحظر
المرسوم، الصادر في 16 ديسمبر 2025، لم يكتفِ بالإبقاء على قائمة الدول المحظورة سابقًا، بل وسّعها لتشمل دولًا جديدة من الشرق الأوسط وإفريقيا، إلى جانب فرض قيود جزئية مشددة على دول أخرى، مع إعادة تصنيف بعض البلدان بين الحظر الكامل والجزئي.
الدول الخاضعة للحظر الكامل
وفق الوثيقة الصادرة عن البيت الأبيض، أُضيفت خمس دول جديدة إلى قائمة الحظر الشامل، وهي:
سوريا
جنوب السودان
مالي
النيجر
بوركينا فاسو
وبررت واشنطن القرار بغياب السلطة المركزية القادرة على إصدار وثائق موثوقة، وارتفاع معدلات النشاط الإرهابي، وضعف إجراءات التدقيق الأمني، إلى جانب ارتفاع نسب تجاوز مدة التأشيرة.
نقل دول من القيود الجزئية إلى الحظر الشامل
كما قررت الإدارة الأميركية نقل لاوس وسيراليون من قائمة القيود الجزئية إلى الحظر الكامل، بسبب:
ارتفاع معدلات تجاوز التأشيرة، والتي تجاوزت في سيراليون 35%.
رفض استقبال مواطنيها المرحّلين من الولايات المتحدة.
الوثائق الفلسطينية تحت القيود لأول مرة
للمرة الأولى، فرضت الولايات المتحدة قيودًا مشددة على حاملي وثائق السفر الفلسطينية الصادرة عن السلطة الفلسطينية.
وبرر القرار بضعف السيطرة الأمنية، وتآكل قدرة السلطة على إجراء فحص أمني دقيق، في ظل استمرار الحرب وتوسع نشاط الفصائل المسلحة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
القائمة “الرمادية”.. قيود جزئية على 15 دولة
وسع المرسوم الأميركي أيضًا قائمة القيود الجزئية لتشمل 15 دولة، من بينها:
موريتانيا
نيجيريا
أنغولا
بنين
كوت ديفوار
السنغال
تنزانيا
زامبيا
زيمبابوي
تونغا
وتشمل هذه القيود غالبًا تأشيرات السياحة (B1/B2) والدراسة (F1)، مع تشديد إجراءات التدقيق الأمني.
الجنسية مقابل الاستثمار تحت المجهر
دول الكاريبي مثل أنتيغوا وبربودا ودومينيكا أُدرجت ضمن القيود الجزئية، بسبب برامج “الجنسية مقابل الاستثمار”، التي ترى واشنطن أنها تمثل ثغرة أمنية تسمح لأشخاص من دول محظورة بالحصول على جوازات بديلة دون تدقيق كافٍ.
استثناء مشروط.. رفع القيود عن تركمانستان
في المقابل، قررت الولايات المتحدة رفع القيود الجزئية عن تركمانستان، بعد تعاونها الأمني وتحسين تبادل المعلومات، مع الإبقاء على تعليق تأشيرات الهجرة الدائمة، في رسالة تؤكد أن التعاون الأمني قد يفتح الأبواب المغلقة.
أسباب الحظر.. الأرقام لا تجامل
استندت الإدارة الأميركية إلى تقارير وزارة الأمن الداخلي، التي أظهرت:
ارتفاع معدلات تجاوز مدة التأشيرة.
انتشار الفساد وتزوير الوثائق.
غياب سجلات مواليد وبيانات جنائية دقيقة.
رفض بعض الدول استعادة مواطنيها المرحّلين.
الأمن أولًا.. عقيدة ترامب الصارمة
يعكس القرار بوضوح عقيدة ترامب الأمنية القائمة على مبدأ “الأمن أولًا”، حيث تؤكد واشنطن أن كل قادم يُعد محل شك أمني إلى أن يثبت العكس، في انقلاب واضح على القاعدة القانونية التقليدية القائلة ببراءة الفرد حتى تثبت إدانته.
رسالة واضحة للمسافرين
البيت الأبيض شدد على أن:
امتلاك تأشيرة لا يعني بالضرورة السماح بالدخول.
مراجعة الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي باتت جزءًا من التقييم الأمني.
القرار قد يشمل إعادة المسافر من المطار حتى بعد رحلة طويلة.
مع توسع قائمة الحظر لتشمل قرابة 40 دولة بين حظر كامل وجزئي، يبدو أن الولايات المتحدة تتجه نحو سياسة انغلاق أوسع، قد تمتد إلى دول أخرى خلال الفترة المقبلة، في ظل تصاعد المخاوف الأمنية عالميًا.
ويبقى السؤال المفتوح:
هل ينجح نهج ترامب في تعزيز الأمن، أم يدفع العالم نحو مزيد من العزلة والانقسام؟
د.ماك شرقاوي الكاتب الصحفي
والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي
رابط الخلثة :
