د. ماك شرقاوي يكتب: زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى المغرب: بداية تحالف إقليمي قوي يغير موازين القوى في شمال أفريقيا
نناقش اليوم زيارة مهمة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى المغرب، التي قد تمهد الطريق لتحالف إقليمي قوي يمكن أن يقود شمال أفريقيا في المرحلة القادمة. سنتناول هذه الزيارة في سياق تطورات السياسة الدولية وتغيرات الجغرافيا السياسية في المنطقة.
العالم الجديد: تحولات في السياسة الدولية
العالم اليوم أصبح أكثر انقساماً إلى تكتلات إقليمية جديدة، وهو ما نراه بوضوح من خلال تراجع بعض الأحلاف القديمة وتكوين أخرى جديدة. منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، مر العالم بتغيرات كبيرة، بداية من الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي، وصولاً إلى صعود قوى جديدة مثل روسيا والصين. فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي في 1990، تراجعت سيطرة الولايات المتحدة على العالم، وبدأت محاولات لفرض نموذج “الحكومة العالمية” التي تسعى للتحكم في شؤون العالم بأسره.
لكن مع مرور الوقت، فشلت تلك المحاولات، وفي الوقت نفسه، نجحت روسيا والصين في النمو الاقتصادي والسياسي والعسكري، لتصبحا اليوم منافستين للولايات المتحدة في شتى المجالات. الصين، على وجه الخصوص، استطاعت أن تتحول إلى قوة اقتصادية وعسكرية عظمى، بعدما كانت مجرد “مصنع للعالم” في الثمانينات والتسعينات. اليوم، الصين تنافس الولايات المتحدة في ناتجها القومي وفي القوة العسكرية، وتلعب دوراً كبيراً في السياسة الدولية، بما في ذلك في حل النزاعات الإقليمية مثل قضية السعودية وإيران.
الشرق الأوسط: القوة السياسية المتجددة لمصر والمغرب
وفي قلب هذا التغير العالمي، تبرز مصر والمغرب كقوى محورية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. زيارة الرئيس السيسي إلى المغرب تشير إلى بداية تحالف إقليمي جديد، حيث يمثل كلا من مصر والمغرب البوابتين الشرقية والغربية للمنطقة. يمكن أن يساهم هذا التحالف في تشكيل مستقبل شمال أفريقيا، خاصة مع تزايد الأزمات والتحديات التي تواجه المنطقة.
دور مصر في المنطقة
مصر اليوم تعد قوة محورية في المنطقة، وهو ما لا يمكن تجاهله، رغم بعض الأصوات التي تتحدث عن تراجع دورها. الواقع أن مصر تزداد قوة ونفوذاً على المستوى الإقليمي والدولي. فالعلاقات التي تجمعها مع دول مثل السعودية والإمارات، بالإضافة إلى موقفها الثابت في قضايا المنطقة مثل القضية الفلسطينية، تجعلها في قلب الأحداث.
لكن، في الوقت نفسه، فإن السعودية تسجل صعوداً كبيراً في المنطقة، وتلعب دوراً مهماً في حل النزاعات، بما في ذلك مساعيها في الملف السوري والأوكراني. والمغرب بدوره يعزز من مكانته كداعم للسلام والاستقرار في المنطقة.
الجامعة العربية: تحديات القيادة والصراعات الداخلية
على صعيد آخر، تظل الجامعة العربية تمثل إطاراً رسمياً للاتحاد العربي، رغم التحديات التي تواجهها. من الممكن أن تشهد الفترة القادمة صراعاً على رئاستها بين عدة دول، من بينها مصر والمملكة العربية السعودية. وتظل القضية الفلسطينية، وكذلك التوترات بين الدول العربية، نقاطاً أساسية تشغل اهتمامات الجامعة.
التحالف المصري المغربي: خطوة نحو المستقبل
الزيارة المرتقبة للرئيس السيسي إلى المغرب ليست مجرد زيارة دبلوماسية عادية، بل هي خطوة استراتيجية نحو تشكيل تحالف إقليمي قوي قد يقود شمال أفريقيا في المستقبل. هذا التحالف سيجمع قوتين إقليميتين: مصر من البوابة الشرقية، والمغرب من البوابة الغربية، في مواجهة تحديات اقتصادية وسياسية كبيرة. قد يؤدي هذا التعاون إلى تحقيق استقرار أكبر في المنطقة ويعزز من تأثير كل منهما على المستوى الدولي.
في النهاية إن هذه الزيارة قد تكون بداية لفصل جديد في تاريخ العلاقات الإقليمية، حيث يسعى كل من مصر والمغرب لقيادة المنطقة في ظل التغيرات الكبيرة التي تشهدها السياسة الدولية.
د.ماك شرقاوي الكاتب الصحفي
والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي
رابط الحلقة:
