د.ماك شرقاوي يكتب: سوريا في مرمي تعارض المصالح بين واشنطن وأنقرة
وزير الخارجية التركي أعلن في مؤتمر مع الشرع أنه لا حاجة للقوات الأمريكية. برأيك هل تدخل واشنطن في صراع مع تركيا بشأن النفوذ في سوريا، وما تأثير هذا الانتشار على التوازن العسكري والسياسي في سوريا؟
النفوذ الأمريكي والتركي في سوريا: مواجهة محتملة أم توافق استراتيجي؟
الخلفية والتطورات
أعلن وزير الخارجية التركي، في مؤتمر صحفي مشترك مع فيصل المقداد، وزير الخارجية السوري، أن بلاده ترى أن وجود القوات الأمريكية في سوريا لم يعد ضروريًا. جاء هذا التصريح في أعقاب تعزيز الولايات المتحدة وجودها العسكري بإرسال قوات إضافية إلى المناطق التي تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، الشريك المحلي الأبرز لواشنطن في سوريا.
تصريحات أنقرة ليست جديدة؛ إذ دأبت تركيا على انتقاد الدعم الأمريكي لـ”قسد”، التي تعتبرها امتدادًا لحزب العمال الكردستاني (PKK)، المصنف كجماعة إرهابية من قبل أنقرة.
هل تدخل واشنطن في صراع مع تركيا بشأن النفوذ في سوريا؟
1. المصالح المتضاربة:
o الولايات المتحدة: تسعى لتعزيز وجودها العسكري لمواجهة تنظيم “داعش” وتقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، بالإضافة إلى حماية “قسد” التي تعتمد عليها لتحقيق أهدافها.
o تركيا: تعتبر أن وجود “قسد” يشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، وتسعى لتوسيع نفوذها في شمال سوريا عبر العمليات العسكرية وفرض مناطق آمنة على حدودها الجنوبية.
2. احتمالية التصعيد:
o قد يؤدي هذا الوضع إلى تصعيد سياسي بين الحليفين في حلف الناتو، خاصة إذا استمرت الولايات المتحدة في تقديم دعم عسكري واستخباراتي كبير لـ”قسد”.
o تركيا، من جهتها، قد تعزز وجودها العسكري في المناطق الحدودية أو تسعى لتوسيع عملياتها في مناطق النفوذ الأمريكي.
3. إمكانية التوافق:
o رغم التوترات، قد تسعى الدولتان إلى حلول توافقية، مثل التعاون الأمني ضد “داعش” أو الحد من أنشطة “قسد” بما يطمئن أنقرة.
تأثير الانتشار الأمريكي على التوازن العسكري والسياسي في سوريا
1. التوازن العسكري:
o يعزز الانتشار الأمريكي من قوة “قسد”، مما يعيق محاولات الجيش السوري المدعوم من روسيا وإيران لاستعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية.
o يخلق تحديًا إضافيًا لتركيا في تحقيق أهدافها المتعلقة بتقليص نفوذ “قسد” في شمال سوريا.
2. التوازن السياسي:
o يزيد الوجود الأمريكي من تعقيد المشهد السياسي في سوريا، حيث تتنافس عدة قوى إقليمية ودولية على النفوذ.
o قد يدفع روسيا وإيران إلى تعزيز دعمهما للنظام السوري لموازنة النفوذ الأمريكي المتزايد.
3. ردود الفعل الإقليمية:
o يدفع الانتشار الأمريكي تركيا إلى تعزيز تحالفاتها مع روسيا وإيران في سياق مسار أستانا، مما يعيد تشكيل ديناميكيات الصراع.
الخلاصة
رغم أن احتمال اندلاع صراع مباشر بين الولايات المتحدة وتركيا حول النفوذ في سوريا يبدو محدودًا، إلا أن التوترات مرشحة للاستمرار. تحتاج واشنطن وأنقرة إلى إيجاد صيغة تفاهم توازن بين مصالحهما الأمنية والسياسية في سوريا، لتجنب تصعيد قد يزيد من تعقيد المشهد السوري.
من نيويورك
د.ماك شرقاوي الكاتب الصحفي
والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي